أفادت مصادر طبية "المغربية" أنه يرتقب، مع حلول الموسم السياسي والاجتماعي المقبل، التوقيع على اتفاقية وطنية، بين مؤسسات تدبير التغطية الصحية والصيادلة.. الصيادلة يحلون مكان المرضى في استرجاع مصروفات الأدوية في إطار التغطية الصحية (ت الصديق) يجري بموجبها منح المصابين بالأمراض المزمنة، إمكانية الحصول على أدويتهم الباهظة الثمن من الصيدليات، دون أداء أي مبالغ مالية، على أساس أن يجري تعويض الصيادلة من قبل مؤسسات تدبير التغطية الصحية بشكل مباشر. وأكدت المصادر أن مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أكثر المتشبثين بتسريع وتيرة التوقيع على اتفاقية إعفاء المرضى من أداء الثلث المتبقي، على اعتبار أنها لا تتوفر على صيدلية، مثل ما هو الشأن لدى الصندوق الوطني لمنظمة الاحتياط الاجتماعي. ويرتقب خروج الاتفاقية بعد اختتام الوكالة الوطنية للتأمين الصحي إجراءاتها الأخيرة، باعتبارها المسؤول على قيادة المفاوضات في مجال التغطية الصحية، يليها صدور قرار وزاري حول الموضوع، علما أن التوقيع عليها كان مبرمجا منذ شهر دجنبر الماضي. وينتظر أن يشكل تنفيذ الاتفاقية، في حال التوقيع عليها، ثورة في مجال التغطية الصحية بالمغرب، لأنها ستعفي المرضى من أداء الثلث المتبقي، الذي طالبت به جمعيات المصابين بالأمراض المزمنة والخطيرة منذ سنوات طويلة، ضمنها المصابين بالتهابات الكبد الفيروسية، وأمراض القصور الكلوي، والأمراض السرطانية، لتحملهم نفقات مالية مكلفة، تؤثر على جودة علاجاتهم، وعلى حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. علما أن المريض سيكون ملزما بأداء نسبة ضعيفة من قيمة الدواء، في حالة تصنيفه ضمن الأدوية التي لا تدخل في الأمراض المزمنة. وبموجب الاتفاقية، ستنتهي علاقة المريض مع مؤسسات تدبير التغطية الصحية، في ما يتعلق باسترجاع مصروفات الأدوية، وسيحل محله الصيدلي، الذي سيتوصل بمستحقاته المالية في ظرف زمني أقصاه 30 يوما من يوم وضع الملف. وفي هذا الإطار، ذكرت الدكتورة إحسان لوديي، رئيسة مديرية مراقبة الأدوية بمؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في تصريح ل"المغربية"، أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي انتهى من وضع جميع التدابير المتعلقة بتفعيل الاتفاقية، منذ سنة 2008، سواء منها توفير اللوجستيك المعلوماتي، واستعداد الفروع الجهوية لتلقي الفواتير وصرف المبالغ المالية للصيادلة. ولم تحدد الدكتورة إحسان لوديي موعدا محددا للتوقيع على الاتفاقية، لجهل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بذلك. وأوضحت إحسان لوديي أنه بموجب التوقيع على الاتفاقية، "سيسهل ولوج المصابين بالأمراض المزمنة إلى علاجاتهم الطبية، بما فيها التهابات الكبد الفيروسية، وأن جميع الضمانات ممنوحة للصيادلة، إسوة بتلك المقدمة إلى المصحات الخاصة، وضمنها توصل الصيدلي بمستحقاته المالية بمجرد تقدمه بالفاتورة إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأن أقصى أجل مُحدد في 30 يوما". وتعليقا على الموضوع، استبعد محمد الأغظف غوتي، رئيس المجلس الجهوي لهيئة صيادلة الشمال، في حديث مع "المغربية"، أن يتحقق التوقيع الفعلي على هذه الاتفاقية في وقت قريب جدا، مستندا في ذلك إلى أن النقاش والتفاوض حوله يعود إلى سنة 2001، دون أن ينفي عن أن الاتفاقية، في حالة التوقيع عليها، ستكون في غاية الأهمية بالنسبة إلى المرضى، لأنها ستخفف عنهم المشاكل المالية التي يواجهونها، بمناسبة مكافحتهم لأمراض مزمنة ومكلفة. وأشار غوتي الأغظف إلى مخاوف الصيادلة من الاتفاقية، أبرزها عدم تمكين الصيادلة من ضمانات حقيقية لاسترجاع أموالهم في آجال معقولة، ما ينذر بزيادة مشاكلهم المالية، تبعا إلى أن ثلثي العاملين في القطاع يشكون صعوبات في تسديد ديونهم، وأن ثلثهم على عتبة الإفلاس. وذكر الأغظف، باعتباره خبيرا في الشؤون الصحية، أن مخاوف الصيادلة ينبني على معطيات علمية، تتمثل في توقعهم لارتفاع الاستهلاك المفرط والعشوائي للأدوية، موازاة مع الحصول عليها مجانا، ما قد يتسبب في ظهور مشاكل صحية، وتكبد الدولة لخسائر مالية، تبعا لما كشفت عنه تجربة إلغاء الثلث المتبقي في دول متقدمة، مثل فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية. ويرى محمد الأغظف غوتي أن من شروط التطبيق الجيد والفعال للاتفاقية، إعادة هيكلة قطاع الصحة برمته في المغرب، ومنح ضمانات كافية وواقعية للصيادلة. جديدر بالذكر أن شريحة عريضة من المواطنين المغاربة لا يتوفرون على أي نوع من التغطية الصحية، ويحتاجون إلى إحاطتهم بكل الرعاية الصحية، ولن يتأتى ذلك إلا بالتسريع من وتيرة تعميم نظام "المساعدة الطبية "الراميد".