كانت مدينة سطات على موعد آخر مع الفن الجميل، من خلال الدورة التاسعة من مهرجان بصمات الدولي للفنون التشكيلية، الذي نظمته جمعية "بصمات" بتعاون مع ولاية جهة الشاوية ورديغة، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من 8 إلى 16 يوليوز الجاري، تحت شعار "ألوان بلادي". واجهة بلدية مدينة سطات فترة المهرجان – خاص تميزت الدورة التاسعة من هذا المهرجان الفني، الذي يسعى المنظمون من خلاله إلى جعل المغرب جسرا فنيا للتواصل بين الفنانين التشكيليين المغاربة ونظرائهم الأجانب، بمشاركة 45 فنانا من اثني عشرة دولة منها: فرنسا، وإسبانيا، ومصر، والعراق، وفلسطين، وإيطاليا، والبرتغال، وبلجيكا، وكندا، والمغرب، البلد المضيف، إذ عرضوا 125 لوحة بفضاء بلدية مدينة سطات. شارك في هذه التظاهرة الفنية مجموعة من الفنانين المغاربة، من بينهم: أحمد بن يسف، ومكي مغارا، ومحمد دريسي، وعبد الله الحريري، والحسين طلال، ومحمد حميدي، وعبد الرحمان وردان، والمحجوبي أحرضان، وهم فنانون يختلفون في طرق اشتغالهم، منهم من يشتغل على الرمز، ومنهم من يشتغل على الحرف، ومنهم من يعطي للرقم بعدا كبيرا في اللوحة التشكيلية. تميزت هذه الدورة من المهرجان بتنظيم زيارات لمعارض الفنانين المغاربة والأجانب، ومحترفات لفائدة شباب المدينة في السيراميك، والزجاج، وصناعة الورق، أطرها عدد من الفنانين الكبار، إضافة إلى تنظيم ورشات خاصة بالجداريات ببعض أحياء المدينة، ولقاء تواصلي بين الفنانين وجمهور المدينة، وتنظيم معرض لإبداعات نزلاء مركز الإصلاح والتهذيب علي مومن بسطات، وتقديم عرض مسرحي لفائدة نزلاء مركز الإصلاح، وعرض منتوجات المحترفات الفنية، إضافة إلى وصلات، وسهرة فنية من تنشيط الفنان الحاج يونس، والفنان أحمد همراس عن مجموعة زرياب، والفنان حاتم إيدار، وفرقة "شمس الأصيل" برئاسة عبد الجليل دكير، ومجيك نور. وعرفت الندوات الفكرية، التي نظمت على هامش المهرجان، إقبالا كبيرا من جمهور المهتمين، منها ندوة "التشكيل ومسألة الهوية"، التي أطرها كل من الأساتذة محمد حسبان، وأحمد همراس، ومحمد بختي، إضافة للقاء التواصلي، الذي جمع الناقد الفني أحمد الفاسي، والفنان العالمي أحمد بن يسف حول موضوع "التشكيل في زمن التحولات"، كما عرف هذا اللقاء تكريم الفنان عفيف بناني المعروف بأمير القصبات. ومن أبرز اللوحات، التي عرضت بالمهرجان الدولي للفنون التشكيلية بصمات، كانت لوحات المحجوبي أحرضان، التي عرضت لأول مرة، المحملة بالدلالات الفنية، ولوحات الفنان أحمد بن يسف، ولوحات بعض الفنانين الرواد بالمغرب، الذين أسسوا للحركة التشكيلية بالبلد، إلى جانب لوحات مجموعة من الفنانين الشباب من جهة الشاوية ورديغة، الذين لم يسأموا من الإجابة عن أسئلة زوار المعرض، هم والفنانون المعروفون، ومن أخذ الصور التذكارية معهم. وفي تصريح ل "المغربية" ذكرت ربيعة الشاهد، مديرة المهرجان، ورئيسة جمعية بصمات الشاوية ورديغة، أن "المغرب يعد نموذجا متفردا في غناه الفني والثقافي، وشكل هذا الغنى في تنوعه مصدر ثراء لتاريخ امتد على مدى اثني عشر قرنا من العطاء و الإبداع، إذ يعد اللون في عفويته مرآة لهذا التنوع". وأضافت الشاهد أن اللوحة المغربية حاولت في تعاطيها مع هذا الثراء، أن تعكس من خلاله قيم الوحدة، التي صنعت الأمة المغربية في بعديها الوطني والروحي، بفضل جيل التشكيليين الرواد والأجيال الشابة اللاحقة، التي ربطت الماضي بالحاضر عبر جسر اللون والريشة، مشيرة إلى أن "استحضار جيل المؤسسين من خلال ذاكرتنا الفنية، يجعلنا نمد بأرواحهم جسرا نحو المستقبل، الذي يستلزم منا مزيدا من البذل من أجل ربط الفن التشكيلي بقيمنا الوطنية والتاريخية".