كرس مشروع الدستور، الذي أعلن عن خطوطه العريضة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة، يوم الجمعة الماضي، الديمقراطية الترابية والجهوية المتقدمة، ونص على مبادئ قوية في مجال الحكامة الجيدة، وتخليق الحياة العامة، ودولة القانون في المجال الاقتصادي. توزيع جديد وديمقراطي للصلاحيات بين الدولة والجهات بخصوص دسترة الجهوية المتقدمة، وبالموازاة مع إعادة ترتيب السلطات بين المؤسسات الدستورية، يفتح الدستور الجديد، الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي يوم فاتح يوليوز المقبل، الطريق نحو "المغرب الموحد للجهات"، القائم على توزيع جديد وديمقراطي للصلاحيات بين الدولة والجهات. كما جرى، في هذا الإطار، التنصيص على المبادئ الموجهة للجهوية المغربية، سيما الوحدة الوطنية والترابية، والتوازن، والتضامن، والتدبير الديمقراطي، وتخويل رؤساء مجالس الجهات سلطة تنفيذ قراراتها (بدل ممثلي الدولة)، ومبادئ التدبير الحر والتفريع، وانتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع المباشر، وتكريس المجلس الجهوي كهيئة ناخبة في انتخابات مجلس المستشارين. كما ينص مشروع الدستور الجديد على إعطاء أسس دستورية قوية لإعادة تشكيل النظام الترابي في اتجاه تحويل أكبر للصلاحيات من المركز إلى الجهات، وأشكال جديدة من الشراكة والتعاقد بين الدولة والجهات وبين الجماعات الترابية، وتنمية لا تمركز الدولة المركزية، وإحداث صندوق التضامن بين الجهات وصندوق إعادة التأهيل الاجتماعي للجهات. مبادئ قوية في الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة ودولة القانون في المجال الاقتصادي جرى التنصيص في مشروع الدستور الجديد على هذه المبادئ القوية، سيما قاعدة تلازم ممارسة المسؤوليات والوظائف العمومية بالمحاسبة، ومبدأ توازن مالية الدولة، والمبادئ الأساسية لاقتصاد السوق الاجتماعي ولدولة القانون في المجال الاقتصادي، وحق الملكية والمبادرة الحرة وحرية المنافسة، ومنع تضارب المصالح وكل الممارسات المتنافية مع مبادئ التنافس الحر والشريف في العلاقات الاقتصادية. كما ضم مشروع الدستور الجديد إجراءات قوية في مجال النزاهة ومحاربة الفساد تتمثل في معاقبة كل أشكال الانحراف في تدبير الأموال العمومية، والرشوة واستغلال النفوذ، والمنع القطعي للترحال البرلماني، سواء بتغيير الانتماء السياسي أو بتغيير الفريق أو المجموعة البرلمانية (وهو ما سيعيد الاعتبار للسياسة ويعطي معنى للتصويت)، وتأطير شروط الاستفادة من الحصانة البرلمانية، (تحديدها في ما يتعلق بالرأي والتصويت داخل البرلمان، والمساواة أمام القانون في ما عدا ذلك، الشيء نفسه بالنسبة لإلغاء المحكمة العليا، التي كانت خاصة بمحاكمة الوزراء). ومن بين هذه المبادئ، أيضا، الحكامة الأمنية الجيدة: خلق مجلس أعلى للأمن، بوصفه هيئة للتشاور حول القضايا الاستراتيجية للأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وكذا لتدبير الأزمات، ومأسسة قواعد الحكامة الأمنية الجيدة، ودسترة مجلس المنافسة، وهيئة النزاهة ومحاربة الرشوة، وكذا المؤسسات المستقلة الأخرى، المكلفة بحماية وتنمية حقوق الإنسان، والضبط والحكامة الجيدة، خاصة مجلس حقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط.