اختتمت، أخيرا، فعاليات الدورة السادسة من مهرجان الربيع للمسرح، التي احتضنها مسرح بوشعيب البيضاوي بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدارالبيضاء، على مدى خمسة أيام ملصق المهرجان (خاص) تميزت بتقديم 10 عروض مسرحية من الدارالبيضاء، وبرشيد، وسطات والمحمدية. وشهدت فعاليات هذه الدورة، التي نظمت بشراكة بين المركب الثقافي سيدي بليوط، والمسرح الحي لطلبة وخريجي معهد الدارالبيضاء، وبدعم من مجلس الدارالبيضاء، حسب مدير المهرجان بوشعيب الصياد، عرض 10 أعمال مسرحية في المسابقة الرسمية، أمام لجنة التحكيم المكونة من الباحث المسرحي والممثل، محمد الصدفي، والممثلة، السعدية أزكون والمخرج والباحث المسرحي، عبد المولى الزيات. وتميز اليوم الأخير من الدورة، التي حضرها العديد من الفنانين والباحثين والمهتمين بالمسرح، حسب الصياد، بالإعلان عن الأعمال الفائزة في المسابقة الرسمية، من طرف لجنة التحكيم، إذ فازت فرقة مسرح "تربادور" من الدارالبيضاء بجائزة أحسن عمل مسرحي عن مسرحيتها "أوكليموس"، وفاز مسرح ارلوكان ليساسفة بجائزة أحسن سينوغرافيا عن مسرحية "الكبة"، وحصل محمد حتيجي، من فرقة أشوار للمسرح من سطات، على جائزة أحسن إخراج عن مسرحية "الرهوط"، التي فازت أيضا بجائزة أحسن ممثلة في شخص حسناء المومني، وفاز الممثل بوشعيب العمراني، من فرقة نواة المستقبل من برشيد، بجائزة أحسن ممثل عن دوره في مسرحية "المرمدة". وعن تقييمه لفعاليات الدورة، نوه الصياد بكل التجارب المشاركة، لأهميتها في ضخ دماء جديدة في المسرح المغربي، الذي بات في حاجة ماسة إلى ممثلين شباب، مؤكدا في تصريح ل"المغربية" أن المهرجان يهدف إلى تدعيم الفن المسرحي وترسيخه لدى الشباب، حتى يتمكنوا من فهم المسرح ومدى قدرته على التوعية ونشر الروح الوطنية، من خلال أعمال مسرحية هادفة. من جهته، أشاد عضو لجنة التحكيم، المخرج والباحث المسرحي، عبد المولى الزياتي، بتنوع وغنى الأعمال المشاركة، على مستوى النصوص المسرحية، التي تأرجحت بين التقليد والاقتباس والتأليف، مشيرا إلى أن أغلب الأعمال المشاركة طرحت العديد من المواضيع الحساسة والمعاشة في عالمنا المعاصر، كالسلم والحرب والتكنولوجيا السلبية، التي تعمل على محق الإنسان بدل إسعاده. وأبرز الزياتي في حديث ل"المغربية"، أن معظم الشباب المشاركين في المهرجان، أبانوا عن كفاءاتهم وقدراتهم واستعدادهم لتحسين مستوى تجاربهم المسرحية، والمساهمة في تطوير الفعل المسرحي في بلادنا، من خلال تقديمهم مواضيع عالمية وعربية ومغربية، وجدانية وذاتية، كشفت عن مشاريع مؤلفين شباب يبحثون في الموروث الثقافي والشعبي المغربي، وتوظيفه داخل المسرح، مشددا على ضرورة التوجيه والتركيز على ورشات التكوين لتحقيق النهوض بفن الركح، الذي أصبح يعاني، حسب الزياتي، أعراض الشيخوخة، وأصبح يتأرجح بين الحياة والموت، رغم محاولات الإصلاح وتقديم الدعم، الذي ساعد على بقائه داخل قاعة الإنعاش، ريثما تتجدد خلاياه بضخ دماء شابة، تعيده إلى زمن الفن الجميل. على مستوى الإخراج والسينوغرافيا، أكد الزياتي أن هناك اجتهادات مهمة على مستوى السينوغرافيا واكتشاف عالم المسرح ولعبته السحرية، وتوظيف الفضاءات المتعددة على الركح، لتحقيق الفرجة المسرحية ومخاطبة العقل والوجدان، والبحث في مختلف وسائل التعبير، التي أضفت على بعض الأعمال المشاركة حلة جديدة، عملت على إبراز طاقات وقدرات شابة بإمكانها المساهمة في تطوير المسرح ببلادنا. أما على مستوى التشخيص والتمثيل، فأكد الزياتي أن معظم الشباب تمكنوا من إبراز قدراتهم وطاقاتهم الهائلة، التي يجب استثمارها وتوظيفها على الوجه المطلوب، للنهوض بالمسرح المغربي، الذي أصبح في حاجة ملحة إلى ممثلين شباب يتطلعون إلى المعرفة والإبداع، مشيرا إلى أن طموح الشباب يبقى رهينا بالاستفادة من التجارب السابقة للرواد الأوائل لتحقيق الاستمرارية، واكتساب الخبرة والمهارة للنهوض بأبي الفنون. وفي ختام حديثه قال الزياتي إن المهرجان يعتني بالتجارب الشابة في فن المسرح، ويساهم بدور كبير في إبراز المواهب الجديدة، ومنحها فرصة للتعبير عن طريق المسرح، لطرح همومها ومشاغلها وآلامها وآمالها وطموحاتها وأحلامها، بواسطة فن العرض ومخاطبة الجماهير على أوسع نطاق، وسد الفراغ الحاصل أمام هذا الركود والسكون المخيم على المجال، وهذا الانتظار الطويل للفارس المرتقب، الذي سيفتح الستار من جديد ويعيد صوت الطرقات الثلاثة، لتسمع في كل مسرح من المسارح، التي استوطنتها العناكب لتوقفها عن الاشتغال على مدى الأيام، والاكتفاء بالظهور من مهرجان إلى مهرجان.