مازالت الفيدرالية الديمقراطية للشغل تعيش أوضاعا استثنائية، باعتبارها النقابة الوحيدة، التي تعيش، منذ أزيد من شهر، بكاتبين عامين. انتخب كلاهما من قبل مجلسين وطنيين، أحدهما موال لعبد الحميد الفاتحي، والآخر موال لعبد الرحمان العزوزي، الذي تسانده قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. ولم يستبعد بعض أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية ظهور تيار آخر، يدعو إلى التخلي على كل من الفاتحي والعزوزي، وإجراء "انتخابات نزيهة"، يترشح لها كل من يرغب في رئاسة النقابة المركزية. ويطالب هذا التيار، حسب مصادر موثوقة من داخل الفيدرالية، الذي بدأ بإجراء اتصالات مع أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية لإقناعهم بطرحه، المتجلي في "التخلي عن الكاتبين العامين الحاليين، وترشيح أشخاص يخرجون النقابة من عنق الزجاجة، وإعطاء النقابة الإشعاع، الذي تستحقه". أما التيار الموالي للفاتحي، فما زال يحاول إقناع قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي بإيجاد حل يجنب النقابة الوصول إلى الانشقاق. وسيتوجه الكتاب العامون للقطاعات النقابية، الأعضاء في الحزب، السبت المقبل، إلى المقر الرئيسي للحزب، للخروج بالنقابة من الأزمة. ولم يستبعد هؤلاء الكتاب اقتحام المجلس الوطني للحزب، الذي سيلتئم السبت المقبل، في حالة رفض القيادة استقبالهم، والإنصات لهم، وإيجاد حل بمعيتهم. ويراهن تيار الفاتحي على ما سيخرج به هؤلاء الكتاب مع قيادة الحزب، للإعلان عن موقف، قد يصل إلى حد الانشقاق، وإحداث نقابة مستقلة، يرأسها الفاتحي. ولم يفلح هذا التيار، الذي يضم أغلب أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل، في إقناع قيادة الحزب، التي تساند العزوزي، بتأييد انتخابهم للفاتحي كاتبا عاما للفيدرالية، إذ سبق لهم أن هددوا، بعد تزكية قيادة الحزب لانتخاب العزوزي من قبل مجلس وطني آخر كاتبا عاما، باستقالة جماعية، الأمر الذي رفضه الحزب، ووعد بإيجاد حل للأزمة في ماي الجاري. كما لم يفلح هذا التيار في الإيقاع بالعزوي باختلاس أموال النقابة، ولم ينجح الفاتحي في المحاولات العديدة والرسائل، التي بعثها لقيادة الحزب، في إقناع هذه الأخيرة بمساندته، وجاءت محاولاته عكس ما كان يتوقع، إذ أعلن الحزب، مباشرة بعد انتخاب الفاتحي كاتبا عاما للفيدرالية، عن التخلي عنه كرئيس للفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين. أما التيار الموالي للعزوزي، فيبقى مطمئنا على اختياره، لأن قيادة الحزب تسانده وتثق في كاتبه العام. وتجدر الإشارة إلى أن قيادة الحزب الاتحاد الاشتراكي، توجد في موقف حرج، أمام تيار الفاتحي، الذي يضم 50 كاتبا عاما للقطاعات تابعين للحزب، وتجلى هذا الحرج في دعوتها، أخيرا، لكل من الفاتحي والعزوزي لحضور الجلسة الأولى من الحوار الاجتماعي، كما دعت الفاتحي لمتابعة جلسات الحوار الأخرى، لتطلب من العزوزي حضور الجلسة الأخيرة، وتوقيع محضر الاتفاق بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، الأمر الذي لم يستسغه تيار الفاتحي، فأصدر بلاغا، أعلن فيه أن "نتائج الحوار لا ترقى إلى مستوى انتظارات المأجورين"، وأن "إجراءات الحكومة في مجال الترقية تكرس سياسة التمييز بين موظفي القطاع العام".