منذ دخول مدونة السير الجديدة إلى حيز التطبيق، في أكتوبر 2010، والسائقون يعانون من ويلات أحد بنودها الغامضة، الذي يُجبر المُخالف، ليس فقط على أداء غرامة بحوالي 500 درهم، بل أيضا فقدانه لسيارته لمدة أربعة وعشرين يوما. هذا البند الشبح، الذي يعاقب كل سائق ركن سيارته في مكان يُمنع فيه الوقوف والتوقف، يوجد في الطريق نحو الإلغاء. ويُجبر البند المذكور السيارة المخالفة بقضاء ليلة كاملة في المحجز، ويؤدي صاحبها غرامة في القباضة، وليس لشرطي المرور، يحددها القانون في 300 درهم، إضافة إلى 150 درهما ثمن خدمة الديباناج، و20 درهما مقابل الليلة التي قضتها العربة في المحجز. قد يتفهم السائق المخالف ثمن الغرامة والمصاريف المرافقة لها، لكنه لا يفهم كيف؟ ولماذا؟ يُحرم من سيارته، رغم أدائه الغرامة، لمدة 24 ساعة كاملة، يكون في أمس الحاجة لخدماتها. هذا السؤال حمله مجموعة من ممثلي نقابات النقل إلى المسؤول الأول عن القطاع، الوزير كريم غلاب، فكان جوابه إيجابيا ووعد بحل هذه الإشكالية في أقرب وقت ممكن، إذ أفاد مصدر نقابي حضر اجتماعا مع وزير النقل، في مارس الماضي، أن الأخير أبلغهم أنه "سوف يرسل مذكرة وزارية" إلى الجهات المختصة تهم تعديل هذا البند المزعج، للحيلولة دون حجز سيارة السائق للمخالف مدة 24 ساعة، دون مبرر مقنع. وكان مجموعة من السائقين عانوا مشاكل عديدة بسبب "اعتقال" سياراتهم ونقلها إلى المحجز البلدي، حيث تقضي، بقوة القانون، ليلة كاملة، وسط المئات من العربات المسروقة وأكوام من متلاشيات العربات المتعرضة لحوادث السير. ومن بين أبرز حالات المعاناة، التي يتسبب فيها هذا البند الغامض للسائقين، والتي سبق أن نشرتها، في حينها، "المغربية"، حالة سائق يقطن في مدينة طنجة، ارتكب مخالفة بمدينة الدارالبيضاء، لتتحول رحلته، رفقة عائلته، إلى قطعة من جحيم، إذ ركن سيارته في مكان يُمنع في الوقوف والتوقف، ليتناول وجبة الغداء في أقرب مطعم، لكن عند عودته وجد "الديباناج" بصدد نقل سيارته إلى المحجز، ورغم اعترافه باقترافه للمخالفة واستعداده لأداء الغرامة لشرطي المرور، إلا أن الأخير أوضح له أن السيارة ستُحجز، بقوة المدونة الجديدة، وأن عليه أداء الغرامة في القباضة (300 درهم)، ثم انتظار صباح الغد لاسترجاع عربته، بعد أن يؤدي ثمن خدمة الديباناح (150 درهما) وخدمة المحجز البلدي (20 درهما). وهناك حالة أخرى لمواطن جاء بوالدته المريضة جدا من خريبكة إلى الدارالبيضاء قصد العلاج، ولما حُجزت سيارته، حوالي السادسة مساء، بسبب المخالفة نفسها، اضطر للمبيت في سيارته داخل المحجز، ما تسبب في مضاعفات خطيرة على صحة المريضة، خاصة أن تلك الليلة شهدت سقوط أمطار غزيرة..