قال أوليفييه بلانشار، كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي، إن الوقت غير مناسب بالنسبة إلى المغرب لإصلاح صندوق المقاصة، وتعويضه بوسيلة أخرى، بالنظر إلى الفئات الاجتماعية، التي يساعد هذا الصندوق في دعمها. ودعا بلانشار في الندوة، التي عقدها أول أمس الاثنين، بالرباط، على هامش الزيارة التي يقوم بها للمغرب، بدعوة من بنك المغرب، إلى "التفكير في الوسيلة الأكثر نجاعة لتعويض صندوق المقاصة، كي لا تكون هناك فئات متضررة، كما يجب إيجاد وسيلة أخرى، في إطار الانتقال إلى بديل لصندوق المقاصة، إذ أصبحت سياسة متجاوزة في الاقتصاديات الحديثة". وأعلن بلانشار في اللقاء، الذي حضره رجال المال والأعمال والاقتصاد، أن المغرب استطاع أن يوجد في وضعية جيدة بعد الأزمة، كما يعرف نموا قويا، داعيا المغرب إلى إيجاد حلول للمشاكل الهيكلية التي يعانيها، مؤكدا، في الوقت نفسه، أن المغرب، عكس دول المنطقة، لا يعاني مشاكل في السياسة النقدية، ولا على مستوى السياسة الموازناتية. وأبرز بلانشار، الذي يشغل منصب مستشار اقتصادي للمدير العام لصندوق النقد الدولي، أنه، رغم أن دول العالم استخلصت الدروس من الأزمة المالية، إلا أن عليها إجراء إصلاحات عميقة للنظام المالي العالمي، موضحا أن الاقتصاد العالمي يشهد حاليا "انتعاشا لكنه يبقى غير متوازن". وقال بلانشار في العرض، الذي قدمه، خلال الندوة، حول "التطورات الأخيرة للاقتصاد العالمي والتحديات المستقبلية"، أن النمو في الدول المتقدمة ما يزال بطيئا، بسبب أزمة البطالة، التي تعانيها منطقة الأورو، والولايات المتحدة الأميركية، على الخصوص، وأزمة العقار، التي ما تزال حدتها مرتفعة، بسبب القروض غير المسترجعة من جانب البنوك. وأبرز المستشار في البنك الدولي أن معدل النمو في الدول المتقدمة سيظل دون المستويات المعتادة، بسبب الشك، الذي ما يزال يهيمن على الاقتصاد العالمي، الذي تأثر بأزمة السيولة، وتقلص الدين العمومي، مضيفا أن هذه التطورات أثرت، أساسا، على أسعار النفط، سواء بالنسبة إلى البلدان المستوردة أو المصدر، مستبعدا في الوقت نفسه، أن يكون لمخاطر ارتفاع أسعار البترول تأثيرا في الوقت الحالي . وبخصوص نمو الدول الناشئة، أعلن بلانشار أنه سيكون مرتفعا، كما يمكن اعتبار أن هذه الدول تجاوزت تأثيرات الأزمة العالمية، وقال إنه "عكس البلدان المتقدمة، التي عانت وتعاني، من أجل إعادة التوازن، تحقق البلدان الصاعدة أو السائرة في طريق النمو نموا "سريعا جدا". أما بالنسبة إلى التطورات التي شهدتها منطقتا المغرب العربي والشرق الأوسط، اللتان اعتبرهما بلانشار "منطقة ضد التيار"، قال إن صندوق النقد الدولي دعم العالم العربي، وكذا جميع الراغبين في مساعدته ودعمه التقني، خصوصا أن الأزمة كانت لها تأثيرات ميكانيكية على هذه البلدان، موضحا أن صندوق النقد الدولي مستعد لمساعدة البلدان الراغبة في المساعدة، رغم أنه لم يتلق لحد الآن أي طلب في هذا الاتجاه. يشار إلى أن أوليفييه بلانشار، أستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأصبح، منذ فاتح شتنبر 2008، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، وهو متخصص في اقتصاد العمل، واشتغل على موضوع البطالة في أوروبا، وكذا على دور السياسة النقدية، وانتقال البلدان الاشتراكية السابقة إلى اقتصاد السوق.