تقدم الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب، أيام 16 و 18 و 19 أبريل الجاري، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، أوبرا "توسكا"، للموسيقار الإيطالي بوتشينى، الذي يعد، إلى جانب فيردي، من رواد الفن الأوبيرالي الإيطالي. السوبرانو الكولومبية ساندرا ليز كارطاخينا (خاص) ويندرج تنظيم هذا الحفل الفني في إطار أنشطة الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب، التي تسعى، منذ تأسيسها سنة 1996، إلى ترسيخ الموسيقى الكلاسيكية في المغرب، وتعريف الجمهور بما يختزنه ريبيرتوار الموسيقى العالمية. وسيشهد الحفل الفني، الذي يعد من أهم أعمال المؤلف الموسيقي الإيطالي، جيكامو بوتشيني (1858 - 1924)، في عرضه الأول الخاص بالطلبة يوم 14 أبريل الجاري، مشاركة أزيد من 60 عازفا مغربيا، بقيادة المايسترو الفرنسي، بينوا جيرو. ويخرج هذه الأوبرا، التي ستقدم لأول مرة في المغرب، الفرنسي، جان مارك بيسكاب، ويجسد أدوار البطولة فيها كل من السوبرانو الكولومبية، المقيمة بفرنسا، ساندرا ليز كارطاخينا، في دور "فلوريا توسكا"، والفنانين الفرنسيين "التينور" إيريك سالا (ماريو كافرادوسي)، و"البريتون" جان فيليب لافون، في دور رئيس الشرطة (البارون سكاربيا)، والفنانين الإيطاليين، دافيد مورا، في دور "الباص" "سيزار أنجيلوتي"، وروبيرتو كابوفيلا، في دور "التينور" "سبوليطا"، و"البريتون" الإسباني، توماس هييرتاس. وتتكون أوبرا "توسكا" من ثلاثة فصول، وتدور أحداثها في جو ميلودرامي في روما، خلال الغزو الفرنسي لإيطاليا، سنة 1800، وتحكى قصة "فلوريا توسكا" وحبيبها، الفنان "ماريو كافارادوسى"، الذي يضطر لمساعدة صديقه الثوري "سيزار أنجيلوتى"، الهارب من السجن، بعدما التقاه في الكنيسة أثناء رسمه لوحة لشقيقته، التي أحضرت له ملابس نسائية للتخفي. مع تطور لافت للأحداث، يكتشف رئيس الشرطة، البارون "سكاربيا"، علاقة "كافارادوسي" بأنجيلوتي، من خلال اللوحة، فيصدر أوامره بالقبض على "كافارادوسى" وتعذيبه، حتى يعترف بمخبأ السجين الهارب، وأمام قسوة التعذيب ، تتدخل "توسكا" لإنقاذ حبيبها، بإرشاد الشرطة إلى مخبأ "أنجيلوتي"، شرط أن يعدل "سكاربيا" عن إعدام حبيبها. و بعد توسلاتها، يتفق "سكاربيا" مع "توسكا" بأن تقنع حبيبها "كافارادوسي" بالتظاهر بالموت لحظة إعدامه، لأن الرصاص سيكون فارغا، شرط أن تقبل مضاجعته. وفي مشهد ميلودرامي مؤثر/ تطعن "توسكا" "سكاربيا" بسكين، بعد أن يكتب أمر الإفراج عن حبيبها، وتفر هاربة، للقاء "كافارادوسي" في الحصن، قبل تنفيذ حكم الإعدام الصوري فيه، لكن يد القدر تسبقها إليه، لتلقي بنفسها من أعلى الحصن، واضعة حدا لحياتها، بعد اكتشافها إعدامه برصاص حي. تعكس هذه الدراما الغنائية، التي يرتقي الأداء التمثيلي والغنائي فيها، من خلال مشاهد الغيرة، والتعذيب، ومقتل "سكاربيا"، وصدمة "توسكا" بمقتل حبيبها، وانتحارها، الواقعية الإيطالية، التي ميزت أعمال بوتشينى، خصوصا "الغجرية"، و"مدام بترفلاي". ويتضح الأسلوب المتفرد لبوتشينى في "توسكا"، التي وضع موسيقاها عام 1900، وكتب نصها الشعري جيوزيبى جياكوز ولويجى إليكا، إذ تخلو من الافتتاحية، وتبدأ مباشرة بثلاثة تآلفات إيقاعية، تؤديها الأوركسترا مجتمعة، مع استخدام واسع للوتريات وآلات النفخ، كما تستغل ألحان بوتشيني الصوت على اتساعه بأعلى درجة من الحرفية، لتبين جمال أصوات المغنيين وقوتها التعبيرية، مع تلون في الصوت والأداء. كما تتميز أوبرا "توسكا" بفواصل موسيقية تمهد للكلام المغنى، وعمق التلوين الأوركسترالى، المعبر عن المواقف الدرامية، مع استخدام للأجراس كرمز للكنيسة، وقرع الطبول الكبيرة، تعبيرا عن صوت المدافع، ما عمق أبعاد النص الأوبيرالي ل"توسكا" دراميا، وخلدها في مختلف دور الأوبرا العالمية، التي تحرص على تقديمها، كل سنة تقريبا.