2011، مساء أمس الخميس بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، بسهرة فنية تضمنت عزفا متناسقا لمقطوعات كلاسيكية عالمية. ففي أمسية خريفية، تقاطرت جموع من الشغوفين بالموسيقى الكلاسيكية العالمية على فضاء المسرح الوطني، مغاربة وأجانب ومن كل الأعمار، تحذوهم رغبة وتعطش للنهل من الروائع الخالدة لموسيقيين عالميين أثروا التاريخ الموسيقي العريق بمعزوفات بديعة تشهد على عظمة الإحساس الفني البشري الراقي والمرهف. وفي كلمة بالمناسبة، رحب السيد فريد بنسعيد رئيس الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب بعشاق الموسيقى الكلاسيكية الذين غصت بهم القاعة، معلنا إطلاق الأوركسترا و"مؤسسة تينور للثقافة" مشروع (مزايا)، الذي يروم منح الأطفال غير المتمدرسين المنحدرين من أوساط معوزة إمكانية معانقة مسار العازف المحترف. ويجمع هذا المشروع الموجه للأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 7 و12 سنة، حسب السيد بنسعيد، بين تكوين عام (رياضيات، لغات ...) وتعلم العزلف على إحدى الآلات الموسيقية خلال فترة تناهز خمس سنوات بالمدرسة الدولية للموسيقى والرقص، التي ستسقبل 30 طفلا خلال السنة الأولى من المشروع. ومنذ بداية الحفل، رنت أنظار الحضور إلى رئيس الأوركسترا السيد بونوا جيرو، الذي أعطى إشارة البدء للموسيقيين، رفقة عازف الكمان الفرنسي نيكولا دوتريكور، الذي قدم، أيضا، عزفا فرديا انبرى لها الحاضرون بتصفيقات حادة أضفت رونقا آخر على هذه الأمسية. ويندرج تنظيم هذا الحفل الفني في إطار أنشطة الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب التي تسعى إلى ترسيخ هذا النوع من الموسيقى الكلاسيكية في المغرب، وتعريف الجمهور بما يختزنه ربرتوار الموسيقى العالمية. وتميزت هذه الأمسية الفنية، التي سبقها عرض مخصص للمؤسسات التعليمية، بأداء مجموعة من اللوحات الفنية، أتحفت خلالها الأوركسترا الجمهور الحاضر بمعزوفات من روائع الخزانة الكلاسيكية العالمية، ومقاطع من سمفونيات خالدة لعباقرة الفن الموسيقي العالمي. وتوزع الحفل إلى جزأين، تميز الأول بعزف مقطوعتي "افتتاح عرس فيغارو" (أوفيرتور دي نوص دي فيغارو) لموزار، و"حفل من أجل الكمان والأوركسترا" (كونسيرتو بور فيولون إي إوركيستر) لبراهمس، في حين أدت الأوركسترا، في الجزء الثاني، مقطوعة "لوحات معرض" (لي طابلو دين إكسبوزيسيون) لموسورغسكي/رافيل. وعملت الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب، التي قدمت على مدى 15 سنة، أزيد من 257 حفلا بالمغرب والخارج، على أن تجعل من هذا اللون الموسيقي مجالا لاستقطاب اهتمامات الجمهور المغربي، عبر إمتاعه بلوحات فنية متنوعة، منها الأوبرا والسمفونيات. وتتكون الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب، التي تأسست سنة 1996 في شكل جمعية ذات النفع العام، بمبادرة من مجموعة من الموسيقيين المغاربة المعروفين، من عدد من خريجي المعاهد المغربية والأوروبية من العازفين على مختلف الآلات الموسيقية، الإيقاعية والوترية وآلات النفخ الهوائية وآلات المفاتيح. كما تنخرط هذه الجمعية في سلسلة من الأعمال التي تستهدف فئة الشباب على الخصوص، حيث تبادر بإحياء حفلات تربوية يلجها طلبة المعاهد الموسيقية بالمجان، فضلا عن إقدامها على تنظيم سهرات للمواهب الواعدة، وإجرائها لمباريات وطنية ودولية في الموسيقى.