بعد نجاح معرضهم الجماعي الأخير، "جسور"، الذي نظم إلى 23 مارس الجاري، برواق المركب الثقافي سيدي بليوط بالدارالبيضاء يلتئم 5 تشكيليين و5 تشكيليات من قدماء طلبة مدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء، في معرض جماعي جديد ويحتضن المغرض فضاء "باب منصور" التاريخي بمكناس إلى غاية 5 أبريل المقبل. ويندرج المعرض، الذي يشارك فيه كل من الفنان المخضرم، عبد السلام قباج، وإينو جويل، ورقية بيلا، وفاطمة بهاء، وعبد الحق سليم، وعبد العزيز قطبان، وحسن بحمان، وعبد المالك باطومي، وأمينة مدوني، وبهيجة أفراوسي، ضمن الحساسية الجديدة بكل تعبيراتها واتجاهاتها الفنية. وقال منسق المعرض الفنان التشكيلي المغربي، عبد السلام قباج، إن "اختيار عنوان المعرض لم يكن اعتباطيا، وإنما تأسس على التواصل، فكلمة جسور، لها دلالات واضحة في الفن التصويري". وأضاف في لقاء مع "المغربية" إن المغزى والهدف من المعرض هو بعث رسائل تحمل قيما إنسانية وجمالية وأخلاقية، مشيرا إلى أن الساحة التشكيلية، تشهد طفرة تنسجم مع ما يعرفه المغرب من تقدم على جميع الأصعدة. فالحدث الفني فرصة للتعبير عن تمثلات الديمقراطية المجتمعية، كما جسدها المشاركون في تجاربهم الخصبة، التي توزعت بين التجريدية والتشخيصية. وأوضح قباج أن الفن في عموميته أصبح حاجة ملحة مثل الغذاء، ولم يعد يندرج ضمن عناصر الترف، وإنما هو جزء من الثقافة البصرية، مؤكدا أن جسور ينفرد بأعمال مختلفة وبخصوصية كل فنان، وتعامله مع الألوان والأشكال والتيمات المطروحة، وكيف يتمثل العالم، ومغامراته الصباغية ورؤيته للأشياء والكائنات. وأبرز أن هذه التجربة الجماعية تتوحد في الزمن الفيزيقي، وتستلهم مواضيع من الحياة اليومية المغربية، مشيرا إلى أن الأعمال المعروضة بيان وسجل بصري يشهد على القيمة الفنية والجمالية للتشكيليين والتشكيليات، الذين توزعت تجاربهم بين الانطباعية والتشخيصية والتجريدية والرمزية. على المستوى الجمالي، ترى الفنانة الفرنسية، إينو جويل، أن المعرض الجماعي جسور، "فضاء للتلاقي والتواصل بين خمس فنانات وخمسة فنانين، لتأكيد أن الفن يوحد ولا يفرق، يقرب ولا يبعد، لا يعترف لا بالفوارق ولا بالفواصل ولا بالحدود، وهو مجال فسيح يتسع للجميع، لا فرق فيه بين ذكر وأنثى ف"أبواب بلاد الفن مفتوحة في وجه كل ذات حساسة وخلاقة". فإذا كان الفنانون المستقبليون انتصروا في بياناتهم وأعمالهم لجمال السرعة والتقنية، فإن عبد السلام قباج، الفنان المخضرم، الذي نظم أول معرض بفرنسا يعود إلى سنة 1959، ينشد جمال الأصيل في الأشياء والكائنات، منطلقا من الوحدات البصرية لواقعه المحيط به، فأعماله استلهام لمواقف الصبا والطفولة. فانشغاله بالكائنات البحرية مرده إلى قربه من البحر، حيث قضى زمن طفولته بمدينة الجديدة. مقتربه البصري يدفع المتلقي المتذوق بأن يبحث عن المعاني الضمنية بالعقل والحدس معا. جمع قباج في تجربته التصويرية بين الانطباع التأثري، والاختزال التشكيلي، والجمال الصافي الموضوعي، وفعل اللون على الحواس والاستيحاء البلاغي، إذ يتخذ العمل الفني في هذا السياق العام موضع النوطة الموسيقية الترميزية لتحويل المشاهد من عالم القلق إلى عالم الانتشاء والابتهاج.