تنظم جمعية «بصمات» للفنون الجميلة الدورة الأولى لمعرض «رؤى» ما بين فاتح و15 يونيو 2010 في فضاء «منتدى الثقافات» (كاتدرائية القلب المقدس سابقا) في الدارالبيضاء، بمشاركة 38 فنانا من عالمي النحت والتصوير الصباغي باختلاف اتجاهاتهم، وتأتي هذه المبادرة، حسب المنظمين، لأجل إبراز قيمة الأعمال الإبداعية بكل حماس فاعليها، الموشاة بتجليات تنم عن اهتمام خاص بالتجديد، كما تهدف هذه المبادرة إلى السهام في خلق ترويج يراهن على تعزيز الوساطة الثقافية، باعتبارها شرطا حتميا لكل تنمية فنية مستدامة. في تصريح ل«المساء» يقول أحمد بويدي، رئيس جمعيات «بصمات» للفنون الجميلة: «إن معرض «رؤى»... يشكل تجربة إبداعية حرة ومستقلة، نشأت من تفكير طويل وناضج حول الفنون البصرية، خصوصا والفنون التشكيلية عموما، وهو حدث مهدى إلى الإبداع بالمعنى التام للكلمة، الذي لا يقدم حكم قيمة حول مشهدنا التشكيلي، من حيث منعطفاته ومفارقاته، مؤكدا أن إنجاز هذا المعرض الجماعي في دورته الأولى أمر طموح وغني، لأنه، في نظره، بمثابة أرضية عامة تتيح للمنظمين نسج علاقات مع نقاد الفن، وهواة التعابير الفنية الجديدة التي تخرج عن الدروب المطروقة. واعتبر بويدي أن معرض «رؤى» تظاهرة تفاعلية من تنشيط فنانين يتمتعون بنظرة وبفكر فريدين، وهو حدث يدعو كل الفاعلين في الحياة الفنية إلى توطين فضاءات الحرية والجمال والحقيقة، مبرزا أن الرهان الإستراتيجي للتظاهرة هو إقامة علاقات وروابط مع الفنانين المبدعين، باختلاف أساليبهم، بدون أي تمييز أو انحياز، وأن هذا الفضاء الحميمي يتوق، في نظره، إلى الاحتفاء بالفنانين المبدعين الذين أثثوا ويؤثثون دائما محيطهم بعوالم تخييلية من وحي حاجتهم الداخلية ورغبتهم الملحة في الذهاب بعيدا، على مستوى بحثهم الفني. وختم قائلا: «نحن سعداء، إذن، لخوض هذه التجربة التي تتخذ من قولة أناطول فرانس مسلكها العام: «على الفنان أن يحب الحياة، وأن يبين لنا مدى جمالها. فبدونه، سنقع في الشك». من جانبه، أشار الناقد الفني عبد الله الشيخ، إلى إن معرض «رؤى...» موعد جمعوي يضع الإبداع الفني في صدارة قيمه ويضم مبدعين من عالمي النحت والتصوير الصباغي والمؤمنة باختلاف اتجاهاتها بدور الفنانين في التنمية البشرية، وفي ترسيخ الحق في المستقبل وفي الحلم، مضيفا أن كل الفنانين التشكيليين العارضين تحذوهم الرغبة في التلقائية وفي الحرية، بالنظر إلى فعلهم البصري الذي لا يكف عن انتهاك الشفرة المتعارف عليها. فهم، حسبه، يرجعون في ميولاتهم إلى تأمل الطبيعة، وإلى البحث المعمق، بعيدا عن التعارض المدرسي للأجيال والاتجاهات. وأكد الشيخ أن الأعمال المعروضة تحيل على عالم إيكونوغرافي، حيث تتجلى الصورة تابعة لمحاورها التشكيلية (التركيبة، الأشكال، الألوان والنسيج): عالم لا يدعي تمثيل أي مظهر من العالم الخارجي. وتبعا له، فهذه الأعمال، بوصفها نافذة حول فضائنا المدرك والمعتقد فيه، تنهض حول سيرورة البعد الجوهري والبعد الصباغي. إنها مكان مقول ولا مقول الصور المجازية في التصوير الصباغي والنحت. موضحا: «إننا أمام متن بصري مثير ينسجم مع بعض الممارسات الصورية خارج كل التوصيفات النقدية: ألوان لازمة، تغيير معالم القوانين، تشذير، تذرية العلامات التمثيلية، مجابهة وعمق الإطارات، المظهر المادي للسند، اقتصاد السطح المستقل عن كل إحالة مرجعية على الواقع التجريبي وبلاغة المادة المشكلة»... ويضيف أن هذا المتن التشكيلي، ينفلت من كل تصنيف معياري ويطرح العديد من الأسئلة، أكثر مما يقدم الأجوبة. إنه مجال رمزي في نظره، يقترح علينا مقاربة جديدة للإبداع بلا حدود، تتمثل في التجديد واستبعاد الحدود بين الفن والواقع، مع الانفتاح على البعد الدولي. وفي رأيه، أن «رؤى...»: أرضية عامة للعبور والتبادل، حيث تنهض حساسية الزمن وجوّه الحميمي العام. يبرز هذا الحقل الدلالي المظاهر البنائية والشكلية للأعمال، إلى جانب الذاتية الإبداعية (تحدث إميل زولا عن «الطبيعة منظور إليها عبر مزاج خاص»). بإيجاز، يبقى طموح جمعية «بصمات» للفنون الجميلة في الدار البيضاء هو تثمين العمل الفني الذي حدده الفنان العالمي فان داوسبورغ، مؤسس مجلة «الأسلوب»، بقوله: «استعارة للعالم عن طريق وسائل فنية». فمعرض «رؤى...» يندرج في إطار التفاعلية والولع والمعرفة واللذة، وقد حقق تماما رهانه العام، ألا وهو استثمار الفضاء، بالمعنى الفني للكلمة، بفضل تواطؤ الفنانين العارضين وانخراط الشركاء والفاعلين الثقافيين الذين يؤمنون بالعمل الفني. ومن ضمن المشاركين في هذا المعرض نذكر، كريم ثابث، مصطفى الوراق، يوسف لبدك، عبد السلام القباج، عبد العزيز قطبان، أمينة الشرادي، مبارك عمان، إدريس حلمي، عبد السلام أزدم، اسماعيل التيرسي، نجاة مفيد، خديجة مفيد، حسن الشيخ، توفة الهراح، عبد الماك باطومي، خالد بيي، أحمد لبيودي، سعيد لعزيز وآخرون.