قال الباحث المغربي في شؤون التنمية البشرية، رئيس منتدى بدائل، بشير الدخيل، إن المغرب يعرف حاليا طفرة من التحولات المتلاحقة، في ظل السيرورة العالمية المتسارعة والمفضية إلى إشاعة الديمقراطية وتوسيع فضاء الحريات العامة، وتكريس الحماية المتنامية لحقوق الإنسان، سواء بشقيها السياسي والمدني أو الاقتصادي والاجتماعي. الباحث المغربي في شؤون التنمية البشرية رئيس منتدى بدائل بشير الدخيل وأضاف الدخيل، في مداخلة، خلال ندوة علمية اختتمت أشغالها، السبت الماضي، بتونس، حول موضوع "الحكم الرشيد والتحديات، التي تواجه بلدان المغرب العربي"، أن المغرب يتجه نحو إقرار جهوية سياسية موسعة، مبرزا في هذا السياق أن ورش الجهوية الموسعة أو الجهوية السياسية يعد من الأوراش الكبرى، التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة. وقال الباحث في عرض خلال هذه الندوة، التي عرفت مشاركة نخبة من المفكرين السياسيين والباحثين الجامعيين من عدة بلدان عربية، إن الاختيارات والمقترحات، التي أعدتها اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية "دليل يعكس الإرادة الحقيقية للإصلاح والتغيير". وذكر في عرضه الذي عنونه ب"مشروع الجهوية بالمغرب كنموذج للحكامة الجيدة"، بالمراحل التاريخية، التي قطعها مفهوم الجهوية في المغرب كتجربة للتسيير المحلي، خاصة بعد أن أصبح لها، بعد التعديل الدستوري لسنة 1996، إطار قانوني جديد، يخول للجهة مجموعة من الاختصاصات، منها المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجهة، والتعاون مع الدولة والجماعات المحلية وتمتع الجهة بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي. وفي هذا السياق، أشار إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، في مارس 2005، بغية تلبية الاحتياجات الاقتصادية المتنامية للمواطنين وتقليص رقعة الهشاشة الاجتماعية. وأضاف أن الانتقال من الجهوية الإدارية والاقتصادية إلى الجهوية السياسية والتوجه نحو "دولة الجهات" بإقامة مجموعة من الجهات تتمتع باستقلالية عن المركز في بعض المجالات المحددة، أو تلك المفوضة لها من قبل السلطة المركزية، يستدعي إجراء تعديلات دستورية للارتقاء بنظام الجهات إلى مستوى متقدم من الجهوية اللامركزية. وذكر الباحث المغربي بما تضمنه خطاب جلالة الملك في 3 يناير 2010، لدى تنصيب جلالته للجنة الملكية الاستشارية للجهوية، إذ اعتبر الجهوية "تحولا نوعيا في أنماط الحكامة الترابية (...) وتوجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة". وقال إن جلالة الملك وضع في هذا الخطاب الخطوط العريضة لعمل اللجنة المذكورة من أجل الخروج بتصور شامل عن جهوية موسعة ذات خصوصية مغربية بالتشاور مع كافة الفرقاء السياسيين والمدنيين، مشددا على أن المغرب يتجه نحو استحداث نموذج مغربي لجهوية موسعة تتخذ من الحكامة الجيدة ضابطا لها. وأوضح أن إدارة شؤون المجتمع من خلال الحكامة تتضمن ثلاثة أبعاد مترابطة، تهم البعد السياسي المتعلق بطبيعة السلطة السياسية والبعد التقني المتعلق بعمل الإدارة العامة وكفاءتها وفعاليتها، والبعد الاقتصادي والاجتماعي المتعلق بطبيعة بنية المجتمع المدني ومدى حيويته واستقلاله عن الدولة من جهة، فضلا عن طبيعة السياسات العامة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وقال إن اختيار الجهوية السياسية أو الجهوية الموسعة في المغرب، يجب أن يجري بالتشاور والتوافق بين جميع الفرقاء (الساسة، مجتمع مدني، اقتصاديون)، مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الطبيعية والبشرية والاقتصادية والاجتماعية، معتبرا أن الجهوية السياسية المقرونة بالتقيد بمعايير الحكامة الجيدة من شأنها التسريع في انخراط المواطنين في دينامية الفعل والتغيير.