التجأت مختلف الدول إلى استغلال واستثمار حصاد مياه الأمطار كأحد ممارسات إدارة الطلب على المياه، التي توفر كميات مهمة من الماء والطاقة، تساهم في تقليص التعرية أو انجرافات التربة الناتجة عن سيولات مياه الأمطار. وتستعمل المياه المستخلصة من الأمطار في استعمالات تستنزف الكثير من الماء، من قبيل سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف والحدائق المنزلية وغسيل السيارات. يقوم المغرب، منذ أمد بعيد، بحصاد وتدبير مياه الأمطار، اعتمادا على تقنيات تقليدية، تتمثل في جمع وحفظ مياه الأمطار على الأسطح، وفي المطفيات والخطارات والسواقي، بمختلف القرى المغربية، لمواجهة عدم انتظام التساقطات المطرية. برنامج التدبير من أجل تعزيز معارف أطر كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، ووكالات الحوض المائي، ومختلف الشركاء في مجال الأطر التنظيمية والتقنية والاقتصادية على مستوى حصاد وإعادة استعمال المياه المطرية بالمغرب، نظم برنامج التدبير المندمج للموارد المائية AGIR ورشة علمية حول حصاد واستعمال مياه الأمطار بمدينة أكادير، قدم من خلالها خبراء مغاربة وأجانب مختلف المشاريع النموذجية، فضلا عن تطبيقات تقليدية ومتجددة في مجال حصاد المياه المطرية على المستوى الوطني والدولي، وكذا تشخيص مؤهلات المياه المطرية بالمغرب، ووسائل استعمالها، مع عرض المشاريع الرائدة والممارسات التقليدية، وأساليب مبتكرة لالتقاط واستخدام مياه الأمطار وطنيا ودوليا. وأبرز مدير وكالة الحوض المائي بسوس ماسة، محمد الفسكاوي، خلال الجلسة الافتتاحية، وضعية المشهد المائي المغربي وأهمية الورشة في تبادل التجارب والخبرات، وعرض المشاريع الرائدة والأساليب المبتكرة لحصاد واستخدام مياه الأمطار وطنيا ودوليا، وكذا التعرف على مياه الأمطار المحتملة في المغرب ووسائل التعبئة والاستفادة منها. وذكرت سيلفيا موركنروت Silvia Morgenroth، عن الوكالة الألمانية للتعاون الدولي بالمغرب GIZ بإشكالية المياه في المغرب ومجال تدخل الوكالة التعاون الألماني، مند سنوات الستينات، المتجلي في الولوج إلى الماء الصالح للشرب والسقي وتقليص الأمراض المرتبطة بالماء. ونوهت سيلفيا بالتطور الملحوظ، الذي يشهده المغرب، حيث انطلق تعميم تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب من 14 في المائة، ليصل الآن إلى مائة في المائة، حيث ساهمت وكالة التعاون الألماني بما يناهز 400 مليون أورو على مستوى الماء الصالح للشرب، بربط 8 ملايين من المغاربة بشبكة الربط المائي. وألح عبد القادر بنعمر، مدير البحث والتخطيط بكتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، على تحديد حجم مياه الأمطار بالمغرب، وتعبئة الوسائل المتعلقة باستعمالها، لأن المغرب يتوفر على موارد مائية مهمة، لكن الطلب المتزايد على الماء، خاصة الماء الصالح للشرب ومجالات السقي والسياحة والصناعة، أثر على المياه الجوفية، وعلى التنمية السوسيو اقتصادية بالمغرب، مذكرا بالاستراتيجية الجديدة لتطوير قطاع الماء المصادق عليها في سنة 2009. وأضاف الباحث سعيد غزلان، عن المدرسة الحسنية للأشغال العمومية، أن ندرة المياه رهان يدعو إلى تطوير التقنيات العتيقة لحصاد أمطار التساقطات، وتأقلم التجارب على المستوى الدولي. وأكدت إليزابيث كاكا، عن برنامج الأممالمتحدة للبيئة، أن الخصاص المائي يشمل ما يقارب 14 بلدا إفريقيا من أصل 53، حيث يتوقع أن يمتد إلى 25 بلد في أفق 2025. ويظل معدل إعادة استعمال مياه الأمطار منخفضا في دول محور الجنوب، بالمقارنة مع البلدان المتقدمة، فضلا عن الصين والهند، إذ بات هذا المجال يحظى باهتمام متزايد بالمغرب أمام تأثيرات التقلبات المناخية على نظام التساقطات المطرية، وتأثير التوسع الحضري السريع، وتفاقم عوامل التعرية، بفعل الاستغلال المفرط للغابات. مشاكل التدبير بخصوص مشاكل تدبير المياه المطرية بالمغرب، شارك في النقاش حسن بنعلال، عن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، ومحمد كرموش، عن وزارة الفلاحة، حيث تحدثوا عن الممارسات الزراعية الجيدة والتقنيات الزراعية لجمع مياه الأمطار للزراعة. واستعرض كدال حسن، مستشار بجمعية "تاركا"، في إطار المحور الثاني، حول "تقنيات استرداد مياه الأمطار"، الدليل العملي لإعادة استخدام مياه الأمطار، كما تناول عبد الصادق النغيرة، عن وكالة حوض سوس ماسة، مجال استخدام ومخاطر جمع مياه الأمطار عبر "المطفية"، في حين حدد الخبير الألماني كلود كونيغ Klaus Koenigالنظم المحلية لحصاد مياه الأمطار، من خلال أمثلة تقنية وتجارب دولية ناجحة. أما المحور الثالث من الورشة والمخصص ل"نظم إدارة مياه الأمطار في أحواض المياه والاستخدام الزراعي"، فاستعرض في إطاره حليم أوحدو، عن المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومكافحة التصحر، مجال تهيئة الأحواض المائية وصد الفيضانات. وأبرز روبير ميرمان Robert Meerman عملية الاحتفاظ وتعبئة وإعادة استخدام مياه الأمطار. وعالج الباحث محمد بوتفراس، عن المعهد الوطني للبحث الزراعي بسطات، تقنيات جمع مياه الأمطار واستخدامها والإمكانات المتوفرة في المغرب، وأدار الباحث عبد الحميد بنعبد الفاضل، المحور الخامس من الورشة، الذي عالج جانب الأطر التنظيمية والمؤسساتية لإدارة مياه الأمطار، لتستعرض الباحثة نزيهة الشقروني، رئيسة مصلحة قانون الماء بكتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، الأنظمة والمؤسسات المسؤولة عن إدارة مياه الأمطار في المغرب. وخصصت الورشة محورا خاصا ب"التكاليف وآليات التمويل"، ليتناول الباحث الألماني هانس هارتنغ Hans HARTUNG، حصاد مياه الأمطار، حيث ركز على الآليات المالية والتمويلية، مع أمثلة من جميع القارات مع التطبيقات الجيدة لحصاد واستعمال المياه المطرية وتعبئة المياه الجوفية (نموذج دولة الهند) للباحث وكاتب عام الجمعية الدولية لحصاد مياه الأمطارVishwanath SRIKANTAIAH, التغذية الاصطناعية اشتملت الورشة على رحلة استطلاعية إلى بعض المظاهر التقليدية لتجميع مياه الأمطار لاستعمالها في الزراعة وسقي المواشي، حيث وقف المشاركون على نموذج لبعض "المطفيات" لخزن مياه الأمطار، التي تستعمل لسقي الأراضي، وشرب المواشي، كما زار المشاركون ضواحي جماعة تارودانت وورش تهيئة عتبة واد احساين، وتدعيم مختلف المنشآت الفنية على واد سوس. وبفضل التغذية الاصطناعية، يوضح حمزة الحمري، عن وكالة الحوض المائي بسوس، استفادت الفرشة المائية لسوس من 100 م مكعب من المياه سنويا، مما انعكس إيجابيا على مردوديتها، ومكن من تقليص العجز الحاصل. ولتقوية ودعم عملية التغذية، قامت وكالة الحوض المائي بسوس ماسة بإنجاز تسعة حواجز على طول الوادي، تهدف إلى تخفيف سرعة سيلان مياه الوادي، وبالتالي تحسين عملية تسرب المياه إلى الفرشة. يشار إلى أن عملية التغذية الاصطناعية تجري من خلال طلق حجم معين من المياه، انطلاقا من السد بصورة تمكن من تسربها ونفاذها إلى الفرشة عبر مجرى الوادي، وفق برنامج مسطر من قبل، يأخذ بعين الاعتبار حجم الماء المخزن في السد. يذكر أن وكالة الحوض المائي لسوس ماسة، تقوم بدراسة لتحيين عملية التغذية الاصطناعية لجل الفرشات المائية بمنطقة نفوذها. وقد أثبتت المعطيات الأولية لهذه الدراسة أن الصبيب الأمثل لإيصال الكميات، التي يتم طلقها إلى المنطقة الوسطى، باعتبارها الأكثر أهمية فلاحيا، والموجودة بين واد المداد وقنطرة تارودانت هو ما بين 60 و80 متر مكعب في الثانية.