أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل, أول أمس الثلاثاء, أنه اتفق مع الحكومة التونسية المؤقتة على تعيين ولاة جدد, ممن عرفوا ب"القدرة والكفاءة" وغير منتمين للتجمع الدستوري الديمقراطي, الحزب الحاكم في عهد النظام السبق, الذي قررت وزارة الداخلية تجميد نشاطه أخيرا. وجاء في بيان للمركزية النقابية, أوردته وكالة الأنباء التونسية, أن هذا الاتفاق جاء اثر جلستي تفاوض للمكتب التنفيذي للاتحاد مع وفد وزاري يمثل الحكومة المؤقتة, أكد خلاله الاتحاد التونسي للشغل أيضا على "ضرورة إنشاء مجلس لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي", تجسيدا لما اتفق عليه الاتحاد ومكونات المجتمع السياسي والمدني التونسي. وكانت عدة مدن تونسية شهدت في الآونة الأخيرة مسيرات ومظاهرات صاخبة احتجاجا على تعيين العديد من الولاة, بدعوى انتمائهم إلى النظام السابق وإلى الحزب الحاكم سابقا. وحاصر المتظاهرون عددا من هؤلاء الولاة في مكاتبهم, قبل أن تضطر قوات الجيش إلى تأمين مغادرتهم لها تحت حماية عسكرية. كما جرى الاتفاق مع الحكومة, طبقا لذات المصدر, على ألا يشارك في اللجان الوطنية المكلفة بالإصلاح السياسي والتحقيق في الأحداث الأخيرة وفي قضايا الرشوة والفساد "المشتبه في تورطهم في ممارسات تتنافى ومصلحة الشعب", مع ضرورة "الانفتاح على كافة مكونات الساحة الوطنية". وأضاف البيان أن الجانبين اتفقا كذلك على العمل من اجل استتباب الأمن, عبر "التصدي للقوى المضادة للثورة, التي تحاول إرباك الشعب وتعطيل سير المؤسسات التربوية والتأثير على المناخ الاجتماعي", بالإضافة إلى "الانكباب العاجل والمنظم" على معالجة قضايا المستخدمين والمشاكل التي يواجهونها. وأشار البيان إلى أن المركزية النقابية اتفقت مع الحكومة أيضا على مواصلة التفاوض من أجل إدماج العاملين في بعض المقاولات والرفع من القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة, وكذا ضمان حرية العمل النقابي. ويأتي إقرار مجلس النواب التونسي, لمشروع قانون يخول لرئيس الجمهورية المؤقت, صلاحيات إصدار مراسيم لها قوة القانون, ليعزز هامش المناورة لدى الحكومة الانتقالية من خلال تسريع وتيرة تدبيرها لهذه المرحلة التي تعيشها تونس ومواجهة حالة عدة الاستقرار التي تعم البلاد. كما أن إعلان السلطات العسكرية يوم أمس عن استدعائها جنود الاحتياطي, وكذا تحذير سلطات الأمن أفراد الشرطة من التقاعس في القيام بالمهام المنوطة بهم في حفظ الأمن, كلها إجراءات تصب في اتجاه مواجهة وضع مضطرب تعيشه البلاد على الرغم من مرور ثلاثة أسابيع من سقوط نظام الرئيس المخلوع, زين العابدين بن علي في 14 يناير الماضي. وحذر الوزير الأول, محمد الغنوشي لدى تقديمه لمشروع قانون تفويض الرئيس المؤقت, فؤاد المبزع, صلاحية تشريعية, من "التحديات الخطيرة"، التي تواجه تونس في المرحلة الحالية, التي قال إنها تتطلب "تسريع وتيرة الإجراءات التشريعية (...) ودعم الاستقرار وتوفير الأرضية الملائمة لاستئناف حركية التنمية". وقال إن القوانين المزمع إصدارها في هذه المرحلة تتعلق بمجالات محددة, مثل العفو العام وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والنظام الانتخابي وحرية الإعلام وتنظيم الأحزاب السياسية والجمعيات وتعديل قانون مكافحة الإرهاب, فضلا عن المصادقة على الاتفاقيات الدولية. واعتبر الغنوشي أن تفويض الرئيس المؤقت صلاحيات تشريعية يستمد شرعيته من أحكام الدستور, الذي ينص فصله الثامن والعشرين على تمكين الرئيس المؤقت من إصدار عدد من القوانين التي تتطلبها المرحلة الانتقالية. غير أن عددا من أعضاء المجلس, الذي كان في ظل النظام السابق يتشكل من75 في المائة من النواب المنتمين إلى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم, قبل الإعلان عن تجميد نشاطه, اعتبروا هذا الإجراء الدستوري مقدمة للإعلان عن حل البرلمان, الذي تطعن في شرعيته عدة جهات سياسية ونقابية ومنظمات المجتمع المدني. وبينما كان المجلس مجتمعا, كانت مظاهرة حاشدة تطالب من أمام مقر البرلمان بحي باردو, بحل المجلس وانتخاب جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد للبلاد. وعلى الصعيد الأمني, كانت عدة مدن تونس شهدت خلال نهاية الأسبوع أحداث عنف وانفلات أمني كبير, أدى إلى سقوط العديد من الضحايا بين قتلى وجرحى, بالإضافة إلى عمليات تخريب وسلب ونهب طالت مقرات الشرطة والمرافق العامة والممتلكات الخاصة, وشملت هذه الأحداث, بصفة خاصة, مدن الكاف وبنزرت بالشمال والشمال الغربي وسيدي بوزيد وقبلي وقفصة وصفاقس في الجنوب.