برواق Noir sur Blanc بمراكش، يعرض الفنان التشكيلي المغربي أحمد بن إسماعيل أعماله الجديدة الموقعة بتاريخ 2010، وهي خلاصة تجربة بحثه التشكيلي، الذي اشتغل عليه في السنوات الأخيرة. انشغال دفعه بكل إصرار إلى توقيع اسمه ببصمة خاصة، بدأت في التشكل، منذ زمن بعيد. وها هي الآن هذه الأعمال اجتمعت في هذا المعرض، وفسحت المجال للمهتمين لمعاينة تجربة تستحق التأمل والمتابعة النقدية، ووضعها في سياق التشكيل المغربي المعاصر، لما تحمله من إضافة وتميز. وبمناسبة هذا المعرض جرى إصدار " كاتالوج" ازدان بأهم اللوحات التشكيلية المعروضة لأحمد بن إسماعيل (قام بتصوير الأعمال الفنان حسن نديم)، وفي كلمة مقتضبة ومركزة قال عنها إدمون عمران المالح " يتبع أحمد بن إسماعيل، منذ سنوات عديدة، مسار تشكيلي يستحق شيئا من الاهتمام. وقبل كل شيء أريد أن أقول إن ما أعجبت به أولا، هو تميز نظرته كمصور فوتوغرافي، ومعلوم أن لقاءنا نتج عنه نشر"ضوء الظل"، الكتاب الذي يرسم رحلة حول سيدي بن سليمان الجزولي". وأضاف المالح أنه "من التشكيل إلى الفوتوغرافيا، نجد مناخا متميزا بفضل تعددية تعبيرية. مناخ لابد من محاولة تطويقه من داخل هذه التعددية نفسها. فمن خلال هذه الأشكال وهذه الدوائر، المتفاوتة الوضوح، وهذه الزوايا، وهذه المربعات، وهذه الأسهم، التي تحتشد بها اللوحة، يجري استحضار عالم السحر، والكتابة الطلسمية، الشذرية، المتفرقة لتأكيد عدم مقروئية لغزه. عالم السحر الراسخ بعمق في الجسد ذاته لمجتمعنا، وفي أعماق تقاليده، وفي الحياة اليومية: عالم من القوة، ومن كائنات لامرئية، يروج فيه، في صمت، لكلام الرغبة والعاطفة. هذا العالم مفارقة في الظاهر، وتشابهات غير محسوسة، هذه الألوان، التي نجدها مهيمنة في الصباغة الإسماعيلية: الأخضر، الزبيبي، الأحمر. ألوان في تدرجاتها الأكثر دقة ورمزية، نابضة بالحياة، إنها كتابة روح معينة". وخلص المالح إلى أنه يظن بأن لوحات أحمد بن إسماعيل قدمت لنا كسؤال، كرسالة لا تسلم دلالتها، لأنها بالذات مشبعة بهذا المناخ، فمن بعيد، تكاد تلامس اللغز. وأظن، أيضا، بأنه، كيفما كان الحكم، الذي سنصدره على هذا العمل، يجب القول إنه لا وجود لشيء بمحض الصدفة. أما المبدع والقاص، أحمد بوزفور، فقد أبى إلا أن يرفق هذه الأعمال بقصيدة رائعة أضافت نغمتها لإيقاع أعمال بن إسماعيل التشكيلي، وفتحت أفقا آخر لرؤية هذه التجربة، وقال: "هو اللون يشحب حتى يغيم ويدكن، حتى يغيب ويكمن حتى يصير زمن، زمنا مستدير الشجن. دوائر ناقصة تتعذب كي تستدير، فتعجز، هل تستطيع غدا؟ هو اللون يشتد حتى يصير حجارة مرمر، يلد الحجر الماء أو يلد النار، بل يلد الجسر بينهما، شجرا يزدهر. أعد نظرا إنسان عيني، لعل ما تراه التراب الأم لا الحجر الأبا. مرحبا بكؤوس الجمال هنا مرحبا هل أتاك حديث الحروف التي تترسب مثل الثمالة في القعر، تهرب نحو الضواحي، كما يهرب الغجر؟ هل تلمست أرقامها وهي تطفو على السطح مثل الحباب، وتنفجر؟ وبينهما كائنات مقسمة كالرئات ومنصوبة كالشواهد ممدودة كالهواتف ( لا أحد يتصل، ولا أحد قد يرد، فدع هاتف الغيب يهتف بالغيب، أعيننا نحن لم تستفق بعد من سكرات الشهادة ) كائنات تشف وتكشف مثل الظلال فأين الشخوص؟ ألا يسكن الكهف، لايعمر الكون لايملأ الكف إلا الظلال؟ "هل الكون شيء يحس أم الكون حلم وسادة؟ هو الفن يترع أعيننا دهشة ويراود أعيننا غزلا ويسافر فينا / نسافر فيه يلون أحلامنا بالسعادة". كاتب وناقد مغربي