أكد المخرج المغربي، جمال بلمجدوب، أنه استوحى فيلمه الجديد "ميغيس"، الذي جرى عرضه بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، من معاناة المغاربة بجبال الريف، مع بطش وجبروت وقسوة المستعمر الإسباني الغاشم في عشرينيات القرن الماضي. وأوضح بلمجدوب في حوار مع "المغربية" أن الفيلم السينمائي، الذي جرى تصويره بنواحي صفرو، وشارك فيه مجموعة من الممثلين الأمازيغيين الريفيين أمثال فاروق أزنابط، وعبد الواحد الزوكي، والطيب المعاش، ولويزا بوستاش، ووفاء مراس، وحسن العباس، ومصطفى بنعلال، وعبد الله أنس، ونعيمة علاش، وبنعيسى المستيري، وصيفاكس كوسميت، وآخرين، هو ثاني فيلم له بالأمازيغية بعد "إمزورن"، وأول فيلم سينمائي مغربي عن المقاومة الريفية، مشيرا إلى أن مثل هذه النوعية من الأفلام تحتاج مجهودا مضاعفا، وإمكانيات ضخمة. يحكي "ميغيس" قصة منطقة ريفية بشمال المغرب، تعرضت للقصف المدفعي من طرف جيش الاستعمار الإسباني، الذي أراد أن ينتقم لنفسه بعد الهزيمة النكراء في موقعة "ظهر أوبارانت" في فاتح يوينو 1921. ما هي الأسباب التي جعلتك تقوم بإخراج "ميغيس" يحاول فيلمي الناطق باللغة الأمازيغية "ميغيس"، رسم معالم حقبة زمنية عاشت فيها منطقة الريف ويلات الاحتلال الإسباني المدمر، لأن هناك غيابا تاما للأفلام، التي تناولت قضية المقاومة، سواء في الريف أو في مناطق أخرى من المغرب. فقصة الفيلم تتمحور حول المقاومة الريفية الباسلة في مجابهتها للغطرسة الإسبانية، من خلال التركيز على أبطال الريف، الذين لقنوا العدو الأجنبي دروسا حية نابضة بالكفاح والنضال والتحدي والانتصارات الملحمية الخارقة. يلاحظ أنك تعمدت ترك سيناريو الفيلم باللغة الأمازيغية، ترى ما السبب في ذلك؟ تركت السيناريو الذي كتبه أحمد رامي، وأحمد زاهد، باللغة الأمازيغية، حتي يعبر الفيلم بصدق عما عاشه الريف من أحداث دامية، ولعل هذا ما جعلني أيضا، أستعين بوجوه سينمائية مغمورة من أبناء الريف، على اعتبار أن أبناء المنطقة، هم الوحيدون، الذين يستطيعون أن يجسدوا الأدوار بكل دقة، بل الأكثر من ذلك بإحساس كبير، لأن منهم من عايش أبوه أو جده الحقبة، التي يتحدث عنها فيلم "ميغيس". ألم تجد بعض الصعوبات في التعامل مع ممثلين مغمورين والتصوير في مناطق جبلية وعرة؟ صراحة، لم تواجهني أي صعوبات في التعامل مع الممثلين، لقد كان الجميع متعاونين، إلى درجة أنهم تحملوا معي قساوة الطبيعة ووعورة التضاريس، أثناء عملية التصوير. لقد كان من الضروري أن نصور كل الأحداث في المناطق الجبلية الوعرة، وأعتقد أننا نجحنا في ذلك، رغم الصعوبات والطبيعية، والإكراهات المادية، فمثل هذه النوعية من الأفلام تحتاج ميزانيات ضخمة جدا، وهذه ليست سوى البداية فقط، في انتظار أفلام أخرى بميزانيات أكبر. هل يمكن القول إن السينما المغربية باتت مؤهلة لإنتاج مثل هذه الأعمال التاريخية؟ لا أحد يستطيع إنكار أن السينما المغربية حققت طفرة نوعية بفضل توفر العديد من العوامل، كان أهمها التكوين الأكاديمي في مجال الصورة وتقنيات الإخراج والمونتاج وكل ما له علاقة بالصورة، وكذا تطور منحة الدعم المالي، الذي تقدمه الدولة تشجيعا منها للإنتاج السينمائية الوطني. وأعتقد أن السينما المغربية تسير في خط تصاعدي بفضل الدعم، والدليل على ذلك عدد الأفلام المنتجة هذه السنة. فالصناعة السينمائية بالمغرب خطت خطوات حثيثة نحو العالمية، وحققت جوائز دولية عديدة، بفضل بعض المخرجين، الذين حرصوا على أن يقدموا أفضل ما يملكون من إبداع سينمائي جيد، مستعينين في ذلك بأدوات معرفية وعلمية مدروسة وبملكات فطرية، قصد إخراج فيلم مغربي مائة في المائة، تتوفر فيه مواصفات العالمية، ويحافظ على الخصوصية المحلية. ماذا تعني كلمة "ميغيس"؟ كلمة "ميغيس"، التي لم أكن أعرف مدلولها إلا بعد أن بدأت في الاشتغال على العمل، ليست مجرد اسم فقط، إنها تعني الكثير لسكان الريف، فهي الشجاعة والإقدام والمقاومة والتضحية.