على اثر الفيضانات، التي شهدتها مدينة القصر الكبير، سنة 1963، والتي خلفت أضرارا كارثية مادية وبشرية، قامت الدولة، ومنظمة اليونسكو بإسكان المتضررين بمنطقة أخرى. وسمي هذا الحي فيما بعد، بحي المنكوبين أو حي المناكيب، نسبة إلى الضرر الذي لحق بسكانها. عرف حي المناكيب، بالقصر الكبير، الذي تبلغ مساحته 78.400 مترا مربعا، على امتداد 45 سنة، أو ما يزيد، تطورا عمرانيا وتزايدا سكانيا مهما. كما انتقلت مجموعة من الدور السكنية إلى ملاك ومستغلين آخرين. سنوات لم تكسب السكان أحقيتهم في امتلاك أراضيهم، التي ظهر فيما بعد أنها متنازع عليها بين المجلس البلدي وإدارة الأملاك المخزنية. رغم ذلك، تشبث السكان بأحقيتهم في امتلاك هذه الأراضي، لأنها، كما يؤكد عدد كبير منهم، هبة ملكية منحها لهم الملك الراحل الحسن الثاني تعويضا لهم عن الأضرار المادية التي لحقت بهم. ولتأكيد ذلك، يقول عدد كبير من السكان، إن الراحل الحسن الثاني سلمها لهم، وإن واقعة التدشين ثابتة في التاريخ، ولها شهود، هذا في الوقت الذي يذهب فيه البعض إلى أن حي المناكيب هبة ملكية بموجب ظهير شريف. يستند سكان حي المناكيب في ذلك على وثيقة كتبها انذاك المؤرخ عبد السلام بوخلفة، جاء فيها "عرفت مدينة القصر الكبير فيضانات مهولة، أهلكت الحرث والنسل، وقضت على الأخضر واليابس، بتاريخ 17 دجنبر 1963، تلاشت فيها القنوات وتحطمت فيها الطرق، وهدمت الدور، وخلفت 471 عائلة دون مأوى، و375 مليون فرنك من الخسائر، وفي سنة 1967 وضع المغفور له الحسن الثاني يده البيضاء على مرسوم ملكي يقضي بمنح التجار والحرفيين والصناع قروضا طويلة المدى قصد تعويض الخسائر، وأمر ببناء 471 دارا للمنكوبين". نزاع تاريخي في كل مناسبة يثار فيها ملف حي المناكيب تؤكد المجالس البلدية المتعاقبة أن هذا الحي يدخل ضمن الأراضي التي تمتلكها جماعة القصر الكبير، وأن المشكل الوحيد هو عدم وجود وثائق تثبت ملكيته لهذه الأراضي. وأن هذا المشكل هو وليد المعاهدة، التي بموجبها سلمت إسبانيا الأراضي الموجودة تحت عهدتها، إلى الدولة المغربية إبان الاستقلال، إذ لم ينص محضر التسليم، كما فعلت فرنسا، على انتقال ملكية مجموعة من العقارات ومنها حي المناكيب إلى المجلس البلدي، بل نص على طابعها المؤقت، وان هذا ما حرم المجلس من وثائق إثبات ملكيته لها. وهنا تدخل إدارة الأملاك المخزنية على الخط مطالبة بها على اعتبار أن الدولة هي التي لها حق امتلاكها. ولتسوية النزاعات التي دامت لسنوات عدة بين إدارة الأملاك المخزنية والمجلس البلدي، قام الأخير باستصدار قرار من وزير المالية يقضي ببيع مجموعة من العقارات المتنازع عليها إلى الجماعة بثمن رمزي حدد في 15 درهما للمتر المربع، و يتعلق الامر بثمان عقارات تبلغ مساحتها 94.888 متر مربع، موزعة على حي المناكيب (78435 متر مربع) وحي بلعباس (11697 متر مربع)، وأسواق مساحتها (3910 متر مربع)، وحدائق (720 متر مربع) وساحة عمومية. ومن أجل تحقيق ذلك، صادق المجلس البلدي، في دورته العادية لشهر فبراير 2010، على اقتناء بقع أرضية من الاملاك المخزنية وعلى قرار بيع بعض هذه العقارات لمالكيها أو مستغليها بأثمان رمزية، ومن بينها حي المناكيب. كما صادق خلال دورته العادية لشهر أكتوبر المنصرم على قرار تفويت أرض المنكوبين لقاطنيها. وأكد أحد سكان الحي في حديث ل"المغربية"، أن أغلب سكان حي المناكيب يؤيدون فكرة اقتناء أراضيهم من المجلس البلدي، لأنه بثمن 15 درهما للمتر المربع، سيستطيعون على الأقل الحصول على وثائق تثبت ملكيتهم لها، مشيرا أن واقعة تدشين الحي ثابتة في التاريخ، وأن الأجداد يتحدثون عن وجود ظهير شريف، لكنه غير موجود للدفاع و تقديمه حجة قوية، لذلك فإن شراء مساكننا وأراضينا من المجلس البلدي سيساهم في حل النزاع وفي الاستقرار".