جلس عبد العزيز قانة، في عقده الثالث، أحد المدمنين على التجول عبر شارع الحسن الثاني، في قلب العاصمة الاقتصادية، ببذلته الأنيقة وقبعته الصوفية فوق جدار ساحة "نيفادا" جانب من الأشغال بشارع الحسن الثاني (سوري) وأخذ يتأمل شاحنات وجرافات شركة "كزا ترونسبور" وعددا من عمالها وهم منهمكين في عمليات الحفر، تمهيدا لإنجاز مشروع الترامواي. لم يخف عبد العزيز ضجره وانزعاجه من الأشغال المتواصلة، لكنه يتفهم الأمر بروح رياضية، خاصة أن الترامواي، كما سمع من خلال تصريحات المسؤولين على شاشات التلفزيون سيحل مشكل التنقل في الدارالبيضاء. أصبح السائقون يضربون ألف حساب بمجرد التفكير في المرور من الشارع المذكور، إذ يجد عدد كبير منهم أنفسهم محاصرين في عرباتهم لدقائق، وأحيانا لنصف ساعة كاملة، في انتظار المرور. بعض أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة وضعوا اسم الشارع، ضمن قائمة الشوارع الممنوع ولوجها أو المرور منها، من بينهم عز الدين، سائق سيارة أجرة صغيرة، الذي اعتبر أن المرور من الشارع أصبح أمرا صعبا، إذ يفضل إخبار زبنائه بأنه غير متجه إلى هناك، بدل الدخول في مشاداة معه، ويضيف "كنفضل نمشي لضواحي الدارالبيضاء، على المرور من شارع الحسن الثاني، لأنني غادي غير نعصب راسي ونعطل الكليّان". كساد تجاري من جهة أخرى، عبر مجموعة من أرباب المحلات التجارية بدورهم عن انزعاجهم من الأشغال المتواصلة التي يشهدها شارع الحسن الثاني، خاصة قرب ممر "سوميكا". وعبر أصحاب المحلات التجارية عن انشغالهم لانتشار البرك المائية والحفر والنفايات أمام دكاكينهم، وفي محيط شارع الحسن الثاني، بعد وصول الأشغال إلى مراحل متقدمة، ودخولها مرحلة تغيير الشبكات تحت أرضية للماء الصالح للشرب وقنوات الصرف الصحي والكهرباء والهاتف. وأفاد محمد. ع، مستخدم في المعرض الوطني للصناعة التقليدية، الذي تضرر بشكل كبير من أشغال تهيئة الشارع، أنه، لأكثر من شهر، وهم يعانون كسادا تجاريا لم يسبق له مثيل، إذ انخفضت نسبة الزوار الوافدين على المحل التجاري، خاصة الأجانب، الذين يضطرون إلى تغيير وجهتهم، عندما يجدون في استقبالهم الحفر والبرك وحاويات النفايات، وقال "نحن مع مرور الترامواي من شارع الحسن الثاني، لكننا ضد انتشار الفوضى والنفايات في كل مكان، وضد حرماننا من مورد رزقنا الوحيد"، وأضاف محمد، بنبرة حانقة، "كان بالإمكان أن تكون الأشغال بلا فوضى، ولا ضرر". وربط عدد من أصحاب المحلات التجارية الحالة السيئة التي يوجد عليها الشارع المذكور، أحد أرقى الشوارع وسط العاصمة الاقتصادية، بالفيضانات الأخيرة، التي كان لها وقعها الخاص على البنية التحتية في المنطقة، وفرضت شللا تجاريا بالمكان. من جهته، اعتبر عبد الله، صاحب محل للطوابع البريدية، أنهم كتجار يقفون عاجزين عن اتخاذ أي إجراء، يحميهم من الكساد التجاري الذي يعانونه، وقال "ما عندنا ما نديرو، غادين نصبرو حتى يحن الله وتكمل هذه الأشغال". مزيد من الصبر وكانت شركة "CASA TRANSPORT" وزعت منشورا دعت فيه أرباب المحلات التجارية إلى التحلي بالصبر وتفهم الوضع القائم إلى حين انتهاء الأشغال، التي من المرتقب أن تصل مدتها إلى خمسة أشهر. وتتواصل في شوارع وأزقة العاصمة الاقتصادية، هذه الأيام، الأشغال الممهدة لوضع السكة الحديدية للترامواي، إذ دخلت الأشغال مرحلة تغيير شبكات تحت أرضية للماء الصالح للشرب، وقنوات الصرف الصحي، والكهرباء والهاتف. وبوشرت عملية تهييء البنية التحتية، منذ بداية شهر ماي الماضي، وتهم كيلومترين في شارع عقبة بن نافع، بعمالة مقاطعات البرنوصي، وكيلومترين في شارع مكة، بعمالة مقاطعات أنفا، وانطلقت المرحلة الثانية من تغيير الشبكات، ابتداء من أكتوبر وشتنبر الماضيين، في محج الحسن الثاني وشارع عبد المومن.