يشارك وفد مغربي من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، منذ نهاية الأسبوع الماضي، بدكار في الدورة الثلاثين ل "الأيام الثقافية الإسلامية التيجانية"، التظاهرة الدينية الكبرى، التي تنظم تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئاسة الشرفية للرئيس السينغالي عبد الله واد. وككل سنة توافد على المسجد الكبير بدكار آلاف من مريدي الطريقة التيجانية من مختلف المناطق بالسينغال، والعديد من بلدان غرب إفريقيا، لحضور هذا اللقاء الروحي، وتتبع الدروس الدينية والنقاشات الفكرية حول الطريقة التيجانية، ومبادئها وقيمها ومريديها وكبار شخصياتها بالسينغال. واحتشد آلاف التيجانيين تحت خيمة كبيرة نصبت بباحة المسجد، الذي بناه جلالة المغفور له الحسن الثاني، في أجواء مفعمة بالتقوى والخشوع لإقامة الصلوات وتلاوة الأذكار، تخليدا لذكرى الشيخ سيدي أحمد التيجاني (1150- 1230 ه)، الذي كان لفكره وطريقته إشعاع على المستوى الكوني مكن الإسلام من إيجاد موطئ قدم في العديد من بلدان القارة الإفريقية. ويظهر تخليد ذكرى العلامة الصوفي الكبير، مؤلف "جوهرة الكمال"، سيدي أحمد التيجاني، بجلاء المكانة الروحية الكبرى للمملكة، وإشعاعها الذي استقطب شريحة واسعة من المسلمين بالقارة، خاصة في غرب إفريقيا، وتحديدا في السينغال. وتتميز تظاهرة دكار، التي تنظمها أسرة التيجاني سي، بمشاركة وفود العديد من أتباع الطريقة التيجانية في العديد من دول غرب إفريقيا التي تضم ملايين المريدين. وذكر عبد اللطيف بكدوري أشقري، مسؤول بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بالعناية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمثل هذه اللقاءات الروحية التي تبرز العلاقات العريقة بين البلدين. وأضاف أن الطريقة التيجانية، التي تمثل ممارسة للإسلام قائمة على الإيمان النقي والفهم الصحيح للتعاليم الدينية، جسدت على الدوام متانة العلاقات العريقة بين المغرب وغرب إفريقيا، خاصة السينغال، مذكرا بمختلف مبادرات جلالة الملك لإضفاء دينامية جديدة على هذا البعد الروحي في العلاقات بين البلدين الشقيقين والمساهمة في مزيد من الإشعاع للطريقة التيجانية. وأوضح أشقري أن لقاء التيجانيين بدكار، في إطار هذه الأيام الإسلامية الثقافية التي نظمها لأول مرة سنة 1980 الراحل الشيخ عبد العزيز سي، يشكل مناسبة للاحتفال بإشعاع هذه المدرسة الصوفية في غرب إفريقيا، وتأكيد الروابط العريقة التي كانت دائما قائمة بين الشيوخ التيجانيين في المغرب وفي السينغال. وذكر بالعلاقات العريقة التي تربط مريدي هذه الطريقة بسلاطين الأسرة العلوية، خاصة وأن مؤسس الطريقة سيدي أحمد التيجاني كانت تربطه روابط "البيعة" بالسلطان العلوي مولاي سليمان، مضيفا أن أتباع الطريقة، في السينغال أو بباقي بلدان إفريقيا يؤكدون على رباط "البيعة" المقدس، الذي استمر في عهد مختلف سلاطين وملوك الأسرة العلوية حتى الآن. وخلص أشقري أن هذا اللقاء، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يعكس بجلاء هذه الحقيقة التاريخية، ويشهد على الإشعاع الديني للمملكة من خلال الطريقة التيجانية، التي تتبنى إسلاما قوامه الحكمة الصوفية القوية بقيمها القائمة على التسامح والانفتاح والأخوة. وسيحيي الآلاف من التيجانيين المجتمعين بدكار، وعلى على مدى أسبوع، ليالي دينية بحضور عدد من أعلام الطريقة، وستجري إقامة الصلوات وتلاوة الأذكار في جو من التقوى والورع والخشوع وفق أصول الطريقة التيجانية. يشار إلى أن حفل الافتتاح، الذي حضره ممثلون عن الحكومة السينغالية والمنتخبين المحليين، وعدد من رجال الدين بالسينغال ومن مختلف بلدان منطقة غرب إفريقيا، تميز بإشادة العديد من المتدخلين بالعناية الكبيرة التي ما فتىء يوليها جلالة الملك محمد السادس لمريدي الطريقة التيجانية في السينغال وللقاءاتهم الدينية. ويشكل لقاء التيجانيين بدكار مناسبة لعدد من أعلام هذه الطريقة لمناقشة المبادئ المؤسسة لها، وإشعاعها الكوني الذي يشهد عليه اتساع دائرة اتباعها بمختلف بقاع العالم.