في أجواء مفعمة بالتقوى والخشوع، توافد الآلاف من أتباع الطريقة التيجانية على دكار، لتخليد ذكرى مرور مائتي سنة على وفاة مؤسس الطريقة التيجانية، الشيخ سيدي أحمد التيجاني (1150 - 1230 ه)، في إطار "الدورة ال 29 للأيام الثقافية الإسلامية بدكار". واستقطبت هذه التظاهرة الروحية، التي تنظم تحت الرئاسة السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئاسة الشرفية للرئيس السينغالي، عبدو اللاي واد، الآلاف من أتباع الطريقة، قدموا من مختلف مناطق السينغال، والوفود التيجانية، التي قدمت من بعض بلدان غرب إفريقيا. وداخل خيمة كبيرة أقيمت بباحة المسجد الكبير بدكار، أقام الآلاف من التيجانيين الصلوات والأذكار، تخليدا لذكرى الشيخ سيدي أحمد التيجاني، الذي تميز بإشعاع فكري على المستوى الكوني، ومكن الإسلام من إيجاد موطئ قدم في العديد من بلدان القارة الإفريقية. وفي كلمة بمناسبة الافتتاح الرسمي لهذه التظاهرة، ذكر عبد اللطيف بكدوري الأشقاري، مسؤول بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالرعاية السامية التي يوليها أمير المؤمنين لمثل هذه التظاهرات الروحية، التي تجسد العلاقات العريقة بين البلدين. وقال إن الطريقة التيجانية، التي تتأسس على إيمان رصين، ورؤية حكيمة، للمبادئ الدينية، رسخت على الدوام العلاقات العريقة بين المغرب والسينغال، مذكرا بمختلف مبادرات جلالة الملك من أجل إعطاء دينامية لهذا البعد الروحي في العلاقات بين البلدين الشقيقين، والمساهمة بشكل أكبر في إشعاع الطريقة التيجانية. وشهد المحفل الدولي الكبير لأتباع الطريقة بفاس، الذي جمع وفود حوالي 30 بلدا، في أكتوبر الماضي، وترميم منزل الشيخ في العاصمة الروحية للمملكة، لجعله مكانا متميزا لتوافد الملايين من أتباع الطريقة، على إرادة جلالة الملك لتكريس تقاليد أسلافه الميامين، التي تعود إلى فترة حكم السلطان مولاي إسماعيل. من جانبه، أكد وزير الداخلية السينغالي، بيكاي ديوب، الذي يمثل الرئيس واد في هذه التظاهرة الروحية، على الأهمية التي يكتسيها المريدون التيجانيون سواء في السينغال، أو على صعيد القارة الإفريقية ككل. وقام عدد من الخلفاء، الذين تعاقبوا على طريق الدعوة، منذ تأسيس الطريقة التيجانية في القرن ال 18، بنشر الإسلام في مختلف مناطق القارة الإفريقية. وقال ديوب إن الشيخ سيدي أحمد التيجاني ترك كنزا روحيا كبيرا، مؤكدا أن القيم النبيلة المتمثلة في التسامح والإيمان القوي والصادق والعدالة والأخوة، التي تدعو إليها الطريقة التيجانية لها صيت كبير في العالم في الوقت الراهن. وبعد التذكير بالروابط العريقة والمتميزة التي تربط بين البلدين، حيث يضطلع الجانب الروحي بدور كبير في تعزيز واستمرار هذه العلاقات، دعا الوزير السينغالي مريدي هذه الطريقة إلى تكثيف الأدعية من أجل "تضامن ورفاهية البلدين الشقيقين تحت القيادة النيرة لقائدي البلدين". وأعرب الحاج عبد العزيز سي، الذي تحدث بالنيابة عن الخليفة العام للتيجانيين بالسينغال، سيرين محمدوا منصور سي، عن امتنانه العميق لجلالة الملك على مبادراته الحميدة، التي مافتئ يبذلها لفائدة هذه الطريقة، والرعاية السامية التي يحيط بها جلالته هذه التظاهرة الروحية. وبعد التأكيد على الحكمة التي تتسم بها الطريقة، التي تستلهم أسسها الروحية من الشعائر الأصيلة للقرآن الكريم والسنة، تطرق عبد العزيز سي إلى الدور الذي يضطلع به أتباع الطريقة التيجانية في إشعاع الإسلام في إفريقيا. حضر هذا اللقاء كبار أتباع الطريقة التيجانية من مختلف مناطق السينغال، وممثلو السلطات المحلية والمنتخبون، وسفير المغرب بدكار، ووفد عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وعدد كبير من مريدي الطريقة.