أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بالمسجد المركزي بمدينة تاونات. (ح م) واستهل الخطيب خطبة الجمعة بتبيان أن سورة الفلق، التي يحفظها كافة المسلمين، لأنها من السور القصار، التي يكثرون من تلاوتها في صلواتهم، أمر فيها الله رسوله الكريم والمؤمنين معه أن يلجأوا إلى الله في حياتهم من جهات عدة تضمر لهم الشر، وتترصدهم لإذايتهم، وإلحاق الضر بهم، مبرزا أن من هذه الجهات، التي ينبغي الاستعانة بحماية الله ووقايته لهم من شرها، الحاسد إذا حسد. وقال إنه لو لم يقع التنبيه من الله إلى المؤمنين في كتابه العزيز إلى هذا الأمر لما التفت المؤمنون إلى هذه الحقيقة الضاربة في الواقعية، ألا وهي شر الحاسدين إذا حسدوا، موضحا أن أعظم ما يستفيده المؤمن في هذه الحالة هو، قبل كل شيء، التنبه إلى النعم التي تثير حسد الحاسدين، إنما هذه الأفضال، هي في الحقيقة من أفضال الله على محسودهم. وأضاف الخطيب أن الحاسد قد يكون فردا، وقد يكون جماعة تكره أن ترى النعم التي لدى الغير، كما أن المحسود يمكن أن يكون فردا أو جماعة، مذكرا بأن الأمة المغربية لها من نعم الله عليها مما يخاف عليه من حسد الحاسدين . وأوضح أن من نعم هذه الأمة أرضها الطيبة المتنوعة الخيرات، وشعبها الراسخ الإيمان، ووحدة أمتها العريقة في التاريخ، وموقعها الحافل بالإمكانات، ونضالها الذي تكسرت عنده أقبح الدسائس العدوانية والمخادعات ، وكذا استقرارها الذي لا تزعزعه التسللات والمؤامرات، واعتدالها في العقيدة والفكر، الذي ينبذ كل أنواع الغلو والتطرف. كما أن من هذه النعم، يضيف الخطيب، وشائج القربى بين مكونات الأمة التي هي كالبنيان المرصوص الذي لا يأبه بأي نوع من أنواع الاستفزازات، ومنها أيضا الاختيارات المبنية على التوافق من أجل النماء والتقدم دون أي تعثر أمام الجمود والتفسخات، ومنها التنمية التي تبنى في كل يوم بمشاريع مهمة ومؤسسات نافعة. وشدد الخطيب على ضرورة استحضار هذه النعم وشكر الله عليها مما يدفع شر الحاسد ، مؤكدا أن الشكر يكون بالتمسك بأسباب الإبقاء على تلك النعم والمحافظة عليها ، وسجل أن الأمة المغربية واعية شاكرة لذلك ومحافظة على الأمانة المتوارثة جيلا بعد جيل. وفي معرض حديثه عن دفع الحاسدين بشكر النعم، استحضر الخطيب ما جاء في سورة الناس، مؤكدا، انطلاقا من ذلك، أنه لايجوز أن ينجح عدونا في بث الوسواس في صدورنا ، بل ينبغي أن نحتاط من ذلك التشويش الذي يضعف ثقتنا بربنا وثقتنا بنعمه علينا جملة وتفصيلا، وأضاف أن من أنواع الوسواس الذي يستهدف صفوف أمة من الأمم وسواس التشويش الإعلامي المغرض في العصر الحاضر. وقال إن لنا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إسوة في هذا الأمر وفي سائر الأمور، فتعرض للدعاية الشديدة والبهتان والزور والاختلاق، وصدر ذلك عمن كانوا يريدون أن يشككوا المؤمنين في إيمانهم ويضعفوا صمودهم، إلا أنه لما جاء يوم الفتح كان إيمان المؤمنين قويا أدى بهم إلى النصر، مشددا على ضرورة أن تكون الأمة المغربية اليوم قوية الإيمان متراصة الصفوف حتى ييأس الأعداء من القدرة على الإضرار بها. كما أكد الخطيب أن المؤمن دائم الصلة بالله والرجوع إليه، يلجأ إليه في السراء والضراء، ويتضرع إليه بالدعاء، خاصة عند البلايا والفتن وحين تحل الشدائد والمحن، لأن الدعاء سلاح المؤمن به تجلب الخيرات وبه يستدفع البلاء، فما دعا الله داع إلا أعطاه ما سأله، معجلا أو ادخر له خيرا منه، ثوابا مؤجلا أو صرف عنه من السوء أعظم منه، كرما وإحسانا وتفضلا. وفي الختام ابتهل الخطيب إلى العلي القدير بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويجمع به كلمة المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وبسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة . كما تضرع إلى الله عز وجل بأن يشمل بواسع عفوه ومغفرته الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما. وفي اليوم نفسه، أشرف أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بدائرة تيسة (إقليم تاونات)، على تدشين مسجد سيدي امحمد بلحسن، الذي جرى بناؤه بغلاف مالي بلغ 4,2 ملايين درهم. وبعد إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية صلى أمير المؤمنين ركعتين تحية للمسجد. وتمتد هذه المنشأة الدينية، التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على مساحة 1000 متر مربع وتضم مسكنا للإمام وقاعة للصلاة خاصة بالرجال وأخرى للنساء ومسيد (كتاب قرآني) ومحلات تجارية، إلى جانب مرافق صحية وفضاءات خضراء. ويندرج بناء هذا المسجد، في إطار العناية الخاصة التي يوليها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله ، لشؤون الدين الإسلامي الحنيف، حيث ما فتئ جلالته يخص بيوت الله باهتمام كبير، من خلال حثه دوما على تشييد مساجد لائقة شكلا ومضمونا بإقامة المسلمين لشعائرهم الدينية. كما تأتي إقامة هذه المنشأة في سياق سياسة الدولة الخاصة ببناء المساجد، ضمن برنامج مهم يتطور باستمرار ويعتمد مخططات وتصاميم تحدد أماكن بناء المساجد، وفق معايير هندسية ومعمارية تستجيب لحاجيات سكان المناطق المستهدفة، مع ضمان توزيع منتظم لبيوت الله عبر مختلف ربوع المملكة.