لم يكن يتوقع عبد الفتاح من مواليد 1976، الذي كان يعمل مستخدما بمكتب الحالة المدنية بمقاطعة النخيل، إحدى المقاطعات الخمسة المكونة لوحدة مدينة مراكش، أن تقوده المغامرة إلى سجن بولمهارز. وذلك عندما أقدم على تزوير بيانات عقد ازدياد فتاة قاصرة، بعد إدانته من طرف الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الابتدائية بمراكش، بعقوبة حبسية مدتها ستة أشهر، بناء على متابعته من طرف وكيل الملك بتهمة التزوير في محرر رسمي واستعماله . وتعود فصول القضية، التي أثارت ردود أفعال متباينة في أوساط الموظفين بالمقاطعة المذكورة، إلى سنة 2008، عندما قوبل طلب الحصول على إذن الزواج، الذي تقدم به سعيد المزداد سنة 1983، بأيت أورير إلى رئيس محكمة قضاء الأسرة، بالرفض، وبالتالي لم يتمكن من عقد قرانه على خطيبته، لأن سنها لا يسمح لها بالزواج لأنها ما زالت قاصرة تبلغ من العمر 16 سنة. وأثناء مغادرته لمحكمة قضاء الأسرة التابعة للمحكمة الابتدائية بمراكش، صادف أحد الأشخاص وعرض عليه مشكلته، وعبر له عن رغبته في توثيق عقد زواجه بخطيبته القاصرة، ليجري توجيهه إلى الموظف المذكور، باعتباره متخصصا في مثل هذه العمليات وسبق له أن قام بعملية تزوير مماثلة. توجه سعيد إلى مقاطعة النخيل وكله أمل في إيجاد حل لمشكل خطيبته، وبعد لقائه بالموظف المذكور، طلب منه مساعدته في إنجاز رسم ولادة يحمل السن القانوني للزواج لخطيبته القاصرة، وجرى الاتفاق بينهما على مبلغ 1500 درهم مقابل الخدمة، التي سيجري القيام بها، بعد تسليمه كناش الحالة المدنية الخاص بالخطيبة وباقي الوثائق المطلوبة من أجل عقد القران. باشر المتهم عمليته وعمل على استخراج رسم ولادة أصلي للمخطوبة بسن 18 سنة، عوض السن الحقيقية لها، وبمجرد توصل سعيد بعقد ازدياد خطيبته المزور، شرع في إجراءات الزواج وتمكن من الحصول على عقد القران. بعد مرور أسبوع على عملية الزواج، توجه سعيد إلى مقاطعة النخيل لملاقاة الموظف المذكور، ومطالبته بالعمل على تصحيح عقد الزواج المبرم، واستبدال التاريخ المزور بالسن الحقيقية للزوجة، فطلب منه الأخير الاحتفاظ بالعقد وبرسم الولادة الحقيقي لزوجته من أجل تصحيحه، وظل يماطله مدة سنتين بعد إخلاله بوعده، ما جعل الزوج يتقدم بشكاية في الموضوع إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية. لم يستسغ سعيد طريقة مماطلته، التي جعلته يعيش في محنة حقيقة، وشرع يتربص بالموظف إلى أن التقى به أمام مقر محكمة قضاء الأسرة، ودخل معه في شجار، قبل أن يتحول إلى اشتباكات بالأيدي، ما دفع بعناصر الشرطة المكلفة بالحفاظ على الأمن بمحكمة قضاء الأسرة إلى التدخل لفض النزاع، وإخبار عناصر الشرطة بالدائرة الأمنية الأولى التابعة لولاية أمن مراكش بالحادث. وقادت التحريات الأولية، التي باشرتها عناصر الشرطة خلال تعميق البحث في القضية، أثناء إخضاعهما لإجراءات التحقيق لمعرفة ملابسات وظروف الشجار، إلى اعتقال الموظف المذكور، بعد تورطه في عملية تزوير محرر رسمي عبارة عن عقد ازدياد لفتاة قاصرة استعمل في إبرام عقد زواج، ليجري إخضاعه لتدابير الحراسة النظرية، قبل إحالته على أنظار وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش. وسبق لعناصر الشرطة القضائية أن أوقفت موظفا آخر، يعمل بمقاطعة باب الدباغ بحي قشيش، بعد تورطه في عملية تزوير شهادة تحمل خاتم ضابط الحالة المدنية للمقاطعة نفسها، جرى استعمالها في عقد زواج، خصوصا بعد الشكاية المستعجلة، التي تقدمت بها مهاجرة مغربية بالديار الإسبانية إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، أثناء اكتشافها لعملية الزواج، التي أقدم عليها زوجها، بطريقة غير قانونية، من امرأة ثانية دون أخد موافقتها.