من المنتظر أن يتراجع الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب في الفصلين الثالث والرابع من السنة الجارية، بوتيرة تقدر نسبتها ب 1.9 في المائة، و1.7 في المائة، على التوالي مبيعات المنتجات البحرية تسجل تقلصا كبيرا بعد انتعاش نسبي بعد تسجيل انتعاش ملحوظ في هذا الطلب بنسبة 3.5 في المائة، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة. ويرجع هذا التراجع إلى التقلص المتوقع لواردات أهم الشركاء التجاريين للمغرب، خصوصا في أوروبا. وقالت مذكرة للمندوبية السامية للتخطيط، حول الظرفية الاقتصادية، توصلت "المغربية" بنسخة منها، إن حجم الصادرات استمر في التحسن، إذ تؤكد البيانات مواصلة ارتفاعها، خلال الفصل الثالث من 2010، بعد زيادة بلغت وتيرتها 9.9 في المائة، في الفصل الثاني. وميز هذا التوجه الإيجابي أغلب المواد المصدرة، باستثناء المنتجات الغذائية، التي شهدت تقلصا ملحوظا، متأثرة بانخفاض المبيعات من المواد البحرية، خاصة الأسماك الطازجة والمعلبة. وعلى العكس من ذلك، استمر انتعاش المبيعات من الفوسفاط ومشتقاته، بفضل تزايد الأسعار العالمية للأسمدة، وتوسع الطلب الخارجي الموجه إليها، لتصل مساهمتها في التطور الإجمالي للصادرات إلى أكثر من النصف، كما ارتفعت، خلال الفترة ذاتها، المبيعات من باقي المواد الأخرى، خاصة مواد التجهيز والاستهلاك. بالنسبة إلى الواردات، وعقب فصلين متتالين من الارتفاع المسترسل، تراجعت قيمتها في الفصل الثاني من 2010، بما يعادل 0.2 في المائة، مقارنة مع الفصل الأول. ويعكس هذا الانتكاس النسبي تطورا متباينا لأهم المنتجات المستوردة. ففي الوقت الذي شهدت الواردات غير الطاقية انخفاضا ب 2.4 في المائة، إثر تقلص المشتريات من السلع الاستهلاكية، ارتفعت المقتنيات من أنصاف المواد، لتصل مساهمتها في التغيير الفصلي للواردات إلى 1.7 نقطة. واستمر نمو فاتورة الطاقة 7.4 في المائة، بسبب الارتفاع الكبير، الذي شهدته واردات الديزل، وزيت الوقود. وأدى ارتفاع الصادرات واستقرار الواردات إلى تحسن معدل التغطية ب 2.9 نقطة، ليستقر في 47.6 في المائة، خلال الفصل الثاني، كما انخفض العجز التجاري ب 4.6 في المائة، خلال الفترة ذاتها. الاقتصاد العالمي يتعافى لكن ببطء من ناحية أخرى، أفاد المصدر ذاته أن الناتج الداخلي الخام للبلدان المتقدمة سجل ارتفاعا طفيفا قدر ب 0.6 في المائة، خلال الفصل الثاني من 2010، مدفوعا بالدعم المستمد من الطلب الداخلي. واستعادت المبادلات التجارية العالمية بعض التوازن، إذ ارتفعت واردات الاقتصاديات المتقدمة بوتيرة تجاوزت، للمرة الأولى، منذ منتصف 2009، نظيرتها في البلدان الصاعدة. ورغم ذلك، ما يزال تعافي الاقتصاد العالمي هشا، إذ لم ينتعش الاستثمار بعد، رغم تحقيق نمو في أسواق الشغل في العديد من البلدان. ويظهر أن الاقتصاد العالمي يمر بفترة نقاهة، تلت مرحلة الانحدار العميق، الذي خلفته تداعيات الأزمة الاقتصادية الأخيرة. غير أن تطوره لم يستقر بعد، بالنظر إلى تضافر مجموعة من العوامل، أهمها تباطؤ تكوين المخزون، وانتهاء تأثير السياسات العامة الرامية إلى تشجيع الطلب الداخلي، وضعف تزايد الدخل المكتسب من الأرباح والأجور، ما تؤكده، على العموم، توقعات مناخ الأعمال في البلدان المتقدمة، التي أبانت عن تباطؤ مرتقب في كل من المبيعات والأنشطة، بدءا من الفصل الثالث من 2010. ويتوقع أن تشهد وتيرة النمو الاقتصادي في هذه البلدان بعض الانكماش، لتستقر في 0.4 في المائة، و0.2 في المائة، على التوالي، في الفصلين الثالث والرابع من السنة. كما يتوقع، أيضا، أن يفقد النمو الاقتصادي في البلدان الصاعدة انتعاشه، خلال الشهور الأخيرة من السنة، مسجلا عودته إلى المنحى المسجل في السنوات الخمس الأخيرة. وستظل الضغوط التضخمية محدودة في الغالب، إذ يرجح أن تبقى منخفضة في الاقتصاديات المتقدمة، تحت تأثير الاستخدام غير الكافي للقدرات الإنتاجية، بينما تتوطد في البلدان الصاعدة. وشهدت أسعار النفط بعض الارتفاع في النصف الأول من سنة 2010، لكن مستوياتها تراجعت في النصف الثاني، في ظل توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وما يصاحب ذلك من انكماش في الطلب الموجه إلى المواد الطاقية. وسيعوض هذا التراجع إلى حد ما الزيادة المتوقعة في أسعار السلع الأساسية الأخرى، لاسيما المتعلقة بالمواد الغذائية. وفي ظل ذلك، يرجح أن تصل معدلات التضخم في منطقة الأورو، والولايات المتحدة الأميركية إلى 1.9 في المائة، و1.5 في المائة، على التوالي، نهاية السنة الجارية.