يقوم وفد عن مجلس الشيوخ الفرنسي، أعضاء مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بزيارة عمل إلى المغرب من 13 إلى 18 شتنبر الجاري، بدعوة من أعضاء المجموعة بمجلس المستشارين. وتأتي هذه الزيارة لتؤكد دعم فرنسا للجهود، التي يبذلها المغرب من أجل إيجاد حل سياسي لقضية الصحراء، إذ كان رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية-المغربية بمجلس الشيوخ الفرنسي، كريستيان كامبون، صرح لدى وصول الوفد، مساء الاثنين، إلى مطار الرباط – سلا، أن بلاده تدعم جهود المغرب التي "تبرز أن الحوار يظل السبيل الأمثل. لأنه لا يجب نسيان أن آلاف الرجال والنساء والأطفال يعانون ما دام هذا النزاع لم يسو بعد". وتمكن هذه الزيارة الوفد الفرنسي من الإلمام بالأمور بشكل دقيق من خلال اللقاءات مع المسؤولين المحليين. كما يتضمن برنامج زيارة الوفد الفرنسي إلى المغرب زيارات ميدانية خاصة لمشاريع البنيات التحتية المتعلقة بحماية وتثمين الموارد المائية، في إقليمي العيون والداخلة. من جهته، أكد رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية بين مجلس المستشارين ومجلس الشيوخ الفرنسي عبد الرحيم عتمون أن هذه الزيارة تشكل مناسبة لإطلاع الوفد الفرنسي على الأوراش الكبرى، التي أطلقها بالمغرب، البلد المنخرط في الحداثة مع الحفاظ على أصالته. وتباحث الوفد الفرنسي، خلال مقامه بالمغرب مع عدد من المسؤولين الوزاريين الذين عبر لهم عن دعم وتأييد فرنسا "الفعال" و"الحيوي" لمبادرة الحكم الذاتي، التي اقترحها المغرب لتسوية قضية الصحراء. ومن جهته، استقبل الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية، الوفد الفرنسي، بمقر وزارته، حيث تناول الطرفان العلاقات المتميزة بين المغرب وفرنسا، خصوصا التعاون الإيجابي في مجال ترسيخ الديمقراطية المحلية، والعلاقات، التي تجمع الجمعية الوطنية الفرنسية والبرلمان المغربي، وكذا سبل تعزيز هذه العلاقات، بالنظر إلى الدور، الذي تلعبه الدبلوماسية البرلمانية. وعبر أعضاء الوفد الفرنسي عن ارتياحهم للعلاقات المتينة، التي تجمع المغرب وفرنسا، وكذا عن إعجابهم بالمسار، الذي ينهجه المغرب في إطار ترسيخ الديمقراطية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. كما أعرب الطرفان عن عزمهما توطيد العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، وبين برلماني البلدين وتعزيز العلاقات بينهما، من أجل النهوض بمستوى التعاون بين البلدين الصديقين. وكان رئيس الوفد قال، خلال مباحثاته مع لطيفة أخرباش، كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، "إننا نواكب عملية دعم الحكومة الفرنسية لهذه المبادرة، التي لن تتيح تسوية للمشكل الإنساني في مخيمات تندوف فحسب، بل أيضا سترسخ الاستقرار في منطقة الساحل، التي تعد مصدر قلق شديد للحكومات الأوروبية، بسبب أنشطة تنظيم (القاعدة) في بلاد المغرب الإسلامي". من جهتها، ذكرت أخرباش أنه في الوقت الذي التزم فيه المغرب، المحترم للشرعية الدولية، بحسن نية بإنجاح المفاوضات، التي تجري تحت رعاية الأممالمتحدة، فإن الأطراف الأخرى تضاعف من تصرفاتها الاستفزازية، من خلال دعم الأنشطة الانفصالية تحت غطاء حقوق الإنسان، والتي تهدف فقط إلى تحويل الأنظار، والنيل من دينامية المفاوضات. وفي هذا الصدد، أشارت أخرباش إلى تزامن إطلاق حملة الأكاذيب والادعاءات حول خرق حقوق الإنسان بالصحراء المغربية، وبين الترحيب الإيجابي للمجتمع الدولي، والمجتمعات الديموقراطية الكبرى، بالمبادرة المغربية لمنح الأقاليم الجنوبية للمملكة حكما ذاتيا موسعا. وأوضحت كاتبة الدولة أن توظيف نبل هذا الموضوع يعتبر خرقا فاضحا لحقوق الإنسان من قبل جهات تفتقد كل شرعية في هذا المجال، مذكرة، في هذا الصدد، برفض الجزائر أن تقوم المفوضية العليا للاجئين بمهامها، في تسجيل وإحصاء السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، الواقعة على التراب الجزائري. ودعت البرلمانيين الفرنسيين، بوصفهم ممثلين للشعب الفرنسي، وجزءا من الرأي العام الأوروبي، إلى تحسيس مواطنيهم إزاء المعاناة، التي يكابدها السكان المحتجزون، حيث الأوضاع المزرية تعرضهم لمخاطر السقوط في أيدي شبكات الإرهاب والتهريب من كل نوع، معربة، في الوقت نفسه، عن شكرها لأعضاء الوفد الفرنسي، الذين سيزورون الأقاليم الجنوبية للمملكة، على مبادرتهم وجهودهم الحثيثة التي ستمكنهم من الوقوف، بعين المكان، على الإنجازات التي حققها المغرب في مجال التنمية المندمجة لهذه الأقاليم. من جهة أخرى، أكدت كاتبة الدولة أن الوضع المتقدم يفتح آفاقا جديدة لتطوير التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في مختلف المجالات، مشددة، في هذا السياق، على الدعم المستمر، الذي تقدمه فرنسا للمغرب، لتجسيد علاقته المتميزة مع الاتحاد الأوروبي، وتطبيق مقتضيات الوضع المتقدم. وفي هذا الإطار، جددت أخرباش التزام المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تعزيز الشراكة الأورو- متوسطية، وإرادة المملكة في الإسهام في إنجاح القمة المقبلة للاتحاد من أجل المتوسط، المقرر عقدها في 20 نونبر المقبل ببرشلونة. وأشاد الوزير الأول، عباس الفاسي، في لقائه بأعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي، أول أمس الثلاثاء، بالرباط، بالعلاقات الثنائية المتميزة، التي تجمع المغرب وفرنسا، وبالمستوى الجيد للتعاون بين البلدين، في مختلف المجالات الحيوية، معربا عن شكر المغرب لفرنسا على الدعم الذي قدمته للمملكة للحصول على الوضع المتقدم في إطار علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي. واستعرض الوزير الأول، بالمناسبة، تطورات قضية الوحدة الترابية للمملكة، مذكرا بأن المنتظم الدولي أدرك حقيقة النزاع المفتعل في المنطقة، بتفهمه مشروعية الموقف المغربي، مشيرا، في هذا السياق، إلى سحب العديد من الدول اعترافاتها بالجمهورية الوهمية. وبعدما أبرز تأييد المجتمع الدولي للمبادرة المغربية، لتخويل الأقاليم الجنوبية للمملكة حكما ذاتيا، في إطار وحدة المغرب الترابية، وسيادته الوطنية، تطرق الفاسي إلى الوضعية المأساوية، التي يعيشها المغاربة المحتجزون بمخيمات تندوف. قبل أن يبرز المكتسبات المهمة، التي حققها المغرب، منذ تولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أنها تميزت، على الخصوص، بتكريس المنهجية الديمقراطية، وتعزيز دور المرأة في المجال السياسي والاجتماعي والحريات العامة، وتوطيد سياسة الأوراش الكبرى، المنتجة للشغل والثروات، وبالاهتمام الكبير، الذي توليه الحكومة لتخليق الحياة العامة وللنهوض بالمجالات الاجتماعية. وخلال هذا اللقاء، أشاد المسؤول الفرنسي بالنتائج الإيجابية، التي حققها الاقتصاد المغربي، والمبادرات التي همت المجال الاجتماعي الرامية، على الخصوص، إلى محاربة الفقر، وبالأوراش الكبرى، التي باشرها المغرب في مجالات متعددة، مذكرا بالحضور المتميز للاستثمارات الفرنسية بالمملكة. ولدى اجتماع الوفد الفرنسي بنظيره المغربي، من أعضاء مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء بالرباط، أكد كريستيان كامبون أهمية الرقي بعمل المجموعة إلى أعلى المستويات، في إطار مشاريع حقيقية تهم، بالخصوص التعاون اللامركزي، مشيرا إلى وجود إرادة لتجسيد هذه المشاريع بين المجلسين، بشكل يعكس خصوصية الغرفة العليا في التمثيلية، والعمل التشريعي. وأبرز أن المجموعتين مقبلتين على مرحلة جديدة، يحتل فيها الصدارة التعاون الدولي، والقضايا الاجتماعية والديمقراطية، قائلا إن "المغرب يعكس صورة بلد يمضي نحو المستقبل، على مستوى الاستثمارات، وتطوير البنيات التحتية، ومحاربة الفقر". من جانبه، قال رئيس مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس المستشارين، عبد الرحيم عتمون، إن عمل مجموعة الصداقة بالمجلسين يجب أن يواكب الدينامية التنموية، التي يشهدها المغرب في جميع المجالات، وتجسيد التزامات المملكة إزاء الاتحاد الأوروبي، في إطار الوضع المتقدم، مشيدا بدور المجموعة في تعزيز التعاون المتميز بين المغرب وفرنسا. وأشار، في هذا السياق، إلى الدور الذي يمكن لمجلس الشيوخ القيام به في تكوين أطر مجلس المستشارين، وتبادل الخبرات التقنية والسياسية، في إطار مشروع التوأمة المؤسساتية بين المجلس ونظيره الفرنسي، إلى جانب القضايا التي تشغل بال الطرفين، كالماء والطاقة والبيئة وغيرها. وبخصوص المباحثات، التي أجريت مع رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله، أول أمس الثلاثاء بالرباط، أبرز رئيس الوفد الفرنسي العلاقات الممتازة التي تربط بين المغرب وفرنسا، وكذا روابط الصداقة القائمة بين المؤسسات التشريعية في البلدين، مضيفا أن اللقاء شكل مناسبة لاستعراض حصيلة التعاون الثنائي، الذي يوجد في أعلى مستوى له، خاصة بعد الاجتماع المنعقد، أخيرا، بين الوزيرين الأولين بالبلدين، ولاستعراض مواضيع أخرى ذات الاهتمام المشترك، من قبيل التعاون في مجال اللامركزية، وإشكالية الماء، والوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوروبي للمغرب، والاتحاد من أجل المتوسط. وقال بيد الله إن مباحثاته مع الوفد الفرنسي أتاحت له فرصة استعراض التحولات العميقة، التي يعرفها المغرب تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وكذا فرصة التطرق للمبادرة المغربية المتعلقة بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية، باعتبارها "حلا عادلا لا غالب فيه ولا مغلوب وستمكن من تحقيق مشروع المغرب العربي الكبير". وتركزت المباحثات بين رئيس مجلس المستشارين ووفد مجلس الشيوخ الفرنسي، من جهة أخرى، حول بعض الإشكاليات والتحديات، التي يجب التغلب عليها مستقبلا، خاصة مسألة تدبير الهجرة السرية، والبيئة والتنمية المستدامة، فضلا عن العلاقات مع بلدان المغرب العربي، والاستقرار بمنطقة الساحل.