ووري جثمان الفنانة القديرة، عائشة مناف، الثرى، عصر يوم الاثنين المنصرم، بمقبرة سيدي موسى بالجديدة، بعد إقامة صلاة الجنازة بالمسجد العتيق بحي الملاح، الواقع على بعد بضعة أمتار من منزل أسرة الراحلة. جثمان الفنانة عائشة أثناء نقله إلى مثواه الأخير (خاص) وكانت عائشة مناف توفيت ظهر اليوم نفسه، بعد صراع مرير مع مرض السرطان، لم ينفع معه علاج، عن سن تناهز 32 عاما، بعد أن وافتها المنية بمصحة الكندي بالدارالبيضاء. وجرت مراسم الدفن، بحلول ساعة الإفطار، وحضور حشود غفيرة من أبناء عاصمة دكالة، وقلة قليلة من الفنانين، ضمنهم كمال كاضمي، الذي كانت الراحلة شاركته بدورها "خميسة"، في بطولة السلسلة الفكاهية "حديدان". ونزل خبر وفاة مناف كالصاعقة على الكبار والصغار بالجديدة، الذين سيفتقدون طريقة تمثيلها وأدائها الفني، وحركات وملامح وجهها البشوش، وسذاجتها المضحكة، والحكم العفوية، التي كانت تتفوه بها. في أواخر أبريل الماضي، اكتشفت الممثلة عائشة مناف إصابتها بمرض السرطان في مرحلة متقدمة. وتلقت العلاج بشكل متأخر، بسبب ضعف أحوال أسرتها المادية، وفي غياب دعم الأصدقاء،والمسؤولين، والقائمين على الشأن الفني والمحلي بالجديدة، والجهات الوصية بالمغرب. وكان جلالة الملك محمد السادس أصدر تعليماته السامية بالتكفل بعلاجها، بعد أن وصلت قضيتها إلى الصحف المغربية، إلا أنها ظلت تقبع، رغم ذلك، لفترة طويلة في المستشفى، حيث كانت طريحة فراش المرض الفتاك، دون أن تستفيد من مقومات العلاج الكامل، الذي يحظى به عادة المصابون بالمرض "الخبيث". وتدهورت صحتها في الأشهر الأخيرة، وألحق السرطان بها أضرارا بالأعصاب والأوعية. وحسب شهادات استقتها "المغربية"، كانت عائشة طريحة فراش الموت بمصحة الكندي بالدارالبيضاء، والقرآن لا يفارق يديها، وذكر الله تعالى وآياته لا يفارقان شفتيها، اللتين أنهكهما المرض الفتاك. وسيظل المغاربة يتذكرون عملاقة الشاشة الصغيرة، التي جسدت أدوارا خالدة في سلسلة "رمانة وبرطال"، و"الذويبة"، و"حديدان". فبفضل حضورها الوازن، وتألقها الفني، بدورها الشيق والمثير "خميسة"، أو "بنت حديدان"، حققت سلسلة "حديدان"، التي تبثها القناة الثانية، نسبة مشاهدة عالية لدى الجمهور المغربي، بمختلف أعماره، وفئاته، وشرائحه الاجتماعية. وترعرعت الفنانة الراحلة في أسرة فقيرة، تتكون من والدة و4 إخوة، ضمنهم ثلاثة ذكور، في بيت لم يكن يتوفر لا على الماء، ولا الكهرباء. وناضلت الأم من أجل تربية أبنائها، ومكنتهم من التمدرس، في ظروف عيش كريم وشريف. وكما صارعت المرض الفتاك في صمت، رحلت عنا في صمت. وعرفت بتواضعها وطيبوبة قلبها. وتنكر لها الأصدقاء والزملاء المقربون، وهي طريحة فراش المرض بالمصحة. أعطت الكثير للوطن، ولمدينة الجديدة، لكن لم يعطها أحد في وقت المحنة والشدة، ولو القليل، فلا المسؤولون بالمديرية الجهوية للثقافة بالجديدة، ولا المنتخبون، اكترثوا لحالها، أو دعموها ماديا أو معنويا، عندما كانت تصارع الموت، لولا العناية السامية لصاحب الجلالة، التي ظلت تحمد الله عليها، إلى آخر لحظة من عمرها القصير.