يترك عشرات البيضاويين، منازلهم بسبب درجة الحرارة المفرطة، ليحجوا إلى كورنيش عين الذياب بحثا عن البرودة، وسط ازدحام في مرائب السيارات، واكتظاظ على طول الكورنيش. مواطنون فضلوا الكورنيش هروبا من الحرارة (أيس بريس) نساء ورجال وأطفال وشيوخ يمشون على جنبات الكورنيش يمينا وشمالا، منهم من يمشي بسرعة مفرطة، بحثا عن مكان شاغر في إحدى المقاهي المطلة على البحر، وبعضهم فصل الجلوس على جنبات الشاطئ، بحثا عن نسيم عليل. شباب نزعوا ثيابهم، وآخرون لم يتحملوا ارتفاع درجة الحرارة، وألقوا بأنفسهم في البحر، لكن مياهه لم تنسهم عذاب الحرارة، لأنها كانت ساخنة، أيضا، فاستلقوا فوق الرمال، التي زادها وميض القمر جمالا، وأضواء المقاهي والملاهي الليلة سحرا. عائلات قضت ليلتها على رمال الشاطئ، يتسامر أفرادها ويتبادلون أطراف الحديث ويرتشفون كؤوس القهوة والمثلجات، علهم ينسون قسوة الطقس. امتلأت المقاهي المحاذية للشاطئ عن أخرها، وزادت طلبات الزبائن على المثلجات والمشروبات الغازية، بينما شهدت محلات بيع المثلجات والعصائر اكتظاظا وازدحاما، وأطفال يبكون ويرددون "بغيت لكلاس لكبير أبابا، ما بغيتش الصغير". شباب التحموا في شكل دائري وسط الرمال، وأخذوا يعزفون مقطوعات شعبية، ما جعل رواد الكورنيش يلتفون حولهم، وترديد الأغاني والتصفيق، ومنهم من دخل وسط الحلقة من أجل الرقص على أغاني ناس الغيوان، وجيل جيلالة والمشاهب. اختلفت أذواق زوار كورنيش عين الذياب، بين من ولج مقاه عادية بمبلغ يتراوح بين 30 و 50 درهم للاستمتاع بجو الطرب والرقص الشعبي، ومن فضل، من الميسورين، الدخول إلى الملاهي والمطاعم الفاخرة للاستماع إلى فنانين من العيار الثقيل، إذ يتراوح ثمن الدخول بين 100 و 200 درهم، زيادة على ثمن المشروبات والعشاء، ومنهم من يدفع بسخاء للمطربين مبالغ قد تصل إلى 10 آلاف درهم في الليلة الواحدة. وأنت تجوب كورنيش عين الذياب، تسمع صدى أغاني كل من الداودية، والصنهاجي، وبوشعيب الزياني، ورياض العمر، ما دفع شباب الأحياء الهامشية إلى الرقص على أنغام الموسيقى المنبعثة من تلك الملاهي. اختلطت أغاني الفنانين بزغاريد زوار الكورنيش، الذين يرافقون العرائس، يصفقون ويرددون أغاني من قبيل "عروستنا ألبيضاوية تستاهلي طونوبيل جديدة"، وبعدها، يختارون مكانا لالتقاط صور للعروسين. وحتى المتسولون استغلوا ارتفاع درجة الحرارة، وحجوا بكثرة إلى شاطئ عين الذياب، ليس بحثا عن برودة، لكن لجمع مال كثير من رواد الكورنيش، الذين تضاعف عددهم بسبب موجة الحرارة. الساعة تشير إلى الواحدة والنصف صباحا، وما زال الكورنيش ممتلئا عن آخره، فالحرارة المفرطة جعلت الزوار يفضلون قضاء ليلتهم في الشاطئ، بدل الذهاب إلى المنازل، حيث الحرارة والاختناق.