شدد المشاركون في ندوة نظمت ضمن فعاليات الدورة 13 لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، حول موضوع "السينما الإفريقية والتعاون جنوب- جنوب"، على ضرورة تكثيف الجهود من أجل النهوض بالصناعة السينمائية بالقارة الإفريقية. أشار المشاركون في هذا اللقاء، الذي حضرته فعاليات من مختلف المشارب، إلى أن بروز الكفاءات والمواهب الإبداعية في مجال السينما الإفريقية رهين بتوفير الإمكانيات المادية واللوجستيكية اللازمة، في إطار شراكة قوية بين بلدان القارة السمراء. وفي هذا السياق، دعا نور الدين الصايل، مدير المركز السينمائي المغربي رئيس مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، إلى تعزيز التضامن وتقاسم التجارب بين الفاعلين السينمائيين، حتى تتمكن الصناعة السينمائية الإفريقية من فرض وجودها وضمان استمراريتها. ولبلوغ هذا الهدف، ركز الصايل على ضرورة فتح نقاش جماعي صريح لتشخيص واقع السينما الإفريقية، وبحث السبل الكفيلة بتجاوز التحديات التي تواجهها، قبل أن يخلص إلى القول "لن نحقق أي شيء بشكل انفرادي، ولكن، سويا بإمكاننا تحقيق الأفضل". وفي المنحى ذاته، أوضح الصايل أن ما يضمن الاستمرارية للصناعة السينمائية بالبلدان الإفريقية هو توفرها على مجال حيوي وأسواق خارجية إفريقية، ومعالجتها لمواضيع مستوحاة من صميم الواقع. من جانبه، أبرز السينمائي البوركينابي ميشال وادراكو، أن اعتماد المنتجين الأفارقة على الدعم المالي من دول الشمال يحول دون بلورة عمل سينمائي يستجيب لتصورهم، مؤكدا أن التعاون جنوب- جنوب يظل البديل الأنجع لتخطي هذه الإشكالية. واستعرض نماذج لبعض الأعمال الفنية الإفريقية، التي لقيت نجاحا كبيرا، دون أن يغفل الحديث عن الدعم، الذي ما فتئ المغرب يقدمه للمنتجين السينمائيين الأفارقة. وفي السياق ذاته، أشار عبدولاي أسكوفاري، الأستاذ بالمعهد الوطني للفنون بباماكو بمالي، إلى الدعم الذي قدمه المركز السينمائي المغربي لسينما دولة مالي، خاصة من خلال توضيب الأفلام السينمائية وتدريب أطر هذا البلد الإفريقي في مجالات تقنيات ذات صلة بالفن السابع. وبعدما أبرز أهمية التبادل القائم بين الدول الإفريقية، دعا أسكوفاري إلى تعزيز الجهود سواء من طرف المنتجين، أو من طرف الحكومات من أجل المساهمة في تطوير أداء السينما الإفريقية. وفي إطار هذه الندوة ، جرت برمجة عرض عدد من الأفلام هي "عيد ميلاد ليلى" لرشيد مشهراوي من فلسطين، و"لابسونس" (الغياب) لماما كيتا من غينيا، و"تارتينا سيتي" لعيسى سيرج كويلو من تشاد، و"أولاد لينين" لنادية الفاني من تونس، و"عين شمس" لإبراهيم البطوط من مصر. وشهد هذا الملتقى الثقافي والفني، المنظم من طرف مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، تكريم وجهين سينمائيين مغاربيين هما الفنانة المغربية ثريا جبران، والمخرج والسيناريست التونسي فريد بوغدير، عرفانا بما أسدياه من خدمات جليلة لدعم الحقل الثقافي عموما والفن السابع على الخصوص. وفي كلمة لها بمناسبة تكريمها، قالت ثريا جبران إن "مهرجان السينما الإفريقية، يتمتع بسمعة عالية، إذ بات ينافس المهرجانات الوطنية والعربية الكبرى، وتكريمي اليوم، هو تكريم لكل السينمائيين المغاربة". وأكدت في الكلمة ذاتها أنها لم تتخذ عشقها للسينما رهانا شخصيا، بل وطنيا للتعريف بحضارتنا العريقة، مضيفة أن حالتها الصحية بخير وأنها ستعود إلى حياتها الفنية، من خلال أفلام جديدة. من جهته، وصف المخرج والناقد السينمائي التونسي فريد بوغدير، تكريمه خلال هذه الدورة، بالمفاجئ ، لأنه لم يسبق له أن كرم في أي بلد آخر، بعد رحلة فنية وأدبية طويلة، مذكرا أنه سبق أن حضر مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة سنة 1983. كما شهد الملتقى عرض 12 شريطا داخل المسابقة الرسمية، من أجل الفوز بالجائزة الكبرى "عصمان سامبي"البالغة قيمتها المالية 70 ألف درهم، والتي من المنتظر أن تعلن عنها لجنة التحكيم، التي تترأسها الفنانة ثريا جبران، وتضم في عضويتها كلا من الممثلة أسماء الخمليشي، والمنتجة خديجة العلمي من المغرب، ومدير السينما بوزارة الثقافة السينغالية أمادو تيديان، والمدير العام لمهرجان السينما الدولي لواجادوجو ميشيل ويدراوكو، والكاتب والناقد السينمائي السوري قصي درويش، في اختتام فعاليات المهرجان. ومن بين الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية "واحد صفر" للمخرجة كاملة أبو ذكرى، و"فرح" للمخرج سامح عبد العزيز من مصر، و"ليام آليام" للمخرج إدريس شويكة، و"البراق" للمخرج محمد مفتكر من المغرب. كما ستشارك البنين بفيلم" اليد السوداء" للمخرج جون بول اموسو، وجنوب إفريقيا بفيلم "تشيرلي أدامس" لأوليفر أرمانوس، والنيجر ب" أوتوبسي دان كونديدا" للمخرج مكاجي إسوفوساني، وكينيا ب "صول بوي" للمخرج هاوا أسومان، والكوت ديفوار ب "إيل دو تومبيت" لصديقي بركات، والتوغو ب "بوان دو سيتور" لستيفان أف، وبوركينافاسو ب "امرأة ليست كالأخريات" لعبدو اللاي داو.