ركز أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في كلمته، التي ألقاها في افتتاح الملتقى الجهوي الأول، حول التراث الديني والثقافي بجهة تادلة أزيلال..الذي احتضنه مقر الجهة ببني ملال، أخيرا، بحضور مجموعة من العلماء والباحثين والمهتمين بالحقل الديني، على ثنائية الثقافة والدين، والحاجة الماسة للجمع بينهما، من منطلق أن المجالس العلمية تشتغل على الديني، والجامعة تشتغل على الثقافي، مبرزا مثالا في القراءة المغربية للقرآن، التي أسهمت في إثراء ثقافة الإسلام، لأن القراءة ثقافة، والقرآن دين، والثقافة من هنا هي التميز المحلي لبناء الكوني. وأشار التوفيق إلى "أننا نبني في النموذج الديني، للتوفيق بين حياتنا الدينية، التي نريد لها السكينة، ونموذجنا السياسي في اختياراتنا، ونموذجنا الاقتصادي والاجتماعي"، موضحا أن موضوع الندوة مجال للحوار، حول هل مازالت الثقافة عنوانا للعصيان على المسلمات؟ أم أنها هناك شيئا يمكن أن يكون قاعدة مشتركة، بين المشتغلين في التأطير الديني والتأطير الثقافي؟ وأكد التوفيق في هذا الملتقى، الذي نظمه المجلس العلمي المحلي، بتعاون مع جامعة السلطان مولاي سليمان والمجلسين الجهوي والبلدي وولاية الجهة، أن المرجعية الممكنة للتمييز بين المفهومين هو وحدة المعيار، خصوصا، إذا انطلقنا من أن الدين أصله القيم وكذلك الثقافة. وأضاف أن هناك عددا من المرات ذكر فيها العقل في القرآن، والمسلمة الوحيدة التي دعا إليها هي مسلمة التوحيد، وترك فقه الدين لذوي الألباب، وبذلك يبرز المشترك بين الجانبين، خاصة أننا في عصر ما بعد الحداثة، الذي تجاوز قضية الأيديولوجيات، مؤكدا أن هناك استعدادا فلسفيا الآن لهذا النوع من التجاوز الصحيح بين الثقافة والدين، انطلاقا من تداخل الثقافي والديني، باعتبار أن المجتمع يعبر عن نفسه في السياقين، مشيرا إلى أن العلم عادة ما يضيع في الطريق قبل أن يصل إلى نهايته. والعلم الذي ليس تحته عمل عند المسلمين، ليس بعلم تغنى به المهج والنفوس، فالعالم عالم الأمة، وثقافة بلده هي إسهام في ثقافة المسلمين، فيكفي أن تنظيم المجلس العلمي لهذه الندوة هو انخراط في مصيدة الثقافة، وختم أن أصحاب القوة في الدين، من علماء وصلحاء، لا يجوز لهم أن ينحدروا إلى ما هو جزئي، والعالم ليس عالم حزب أو طائفة أو جماعة، بل هو عالم الأمة كلها، وكذلك الولي الصالح. من جهته، ركز الكاتب العام للمجلس الأعلى العلمي على أن موضوع الجهوية يجعل المؤسسة العلمية تنخرط فعليا في موضوع ميثاق العلماء، وفي التواصل بين ما هو معنوي وما هو ثقافي، تمليه ضرورة البناء الصحيح للأمة، فيما ركز رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، على أن الندوة، تعمل على تقوية التفاعل العلمي مع المحيط، بكل فعالياته المختلفة. واختتمت الندوة بتدخلات كل من المجلس العلمي المحلي، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، التي احتضن فضاؤها مجموعة من العروض والمحاضرات على مدى ثلاثة أيام، لدكاترة وأساتذة وعلماء ومختصين في التراث ومجالات العلم المختلفة، تركز على التراث الديني والثقافي بجهة تادلة أزيلال، من أجل التنقيب عن معالم هذا التراث، كعمل علمي طموح لاستجلاء مكونات عن الهوية وصناعة التاريخ المغربي، وصون الذاكرة التاريخية، بمنهج يحفظ هويتنا الوطنية، لأن البحث في التراث بادرة مهمة لا غنى عنها، لإنضاج التاريخ الجهوي وإسهامه وطنيا.