أفادت مصادر مطلعة أن المغرب يعيش حالة عدم الاكتفاء الذاتي من أكياس الدم المتبرع بها، لدى المركز الوطني لتحاقن الدم ومراكزه الجهوية، بسبب إحجام 99 في المائة من المغاربة عن التبرع بدمهم. ويتخوف العاملون في المجال من الصعوبات، التي ستواجههم، بداية من الشهر الجاري، وإلى حدود نهاية غشت المقبل، إذ تعرف مراكز تحاقن الدم ندرة المتبرعين، موازاة مع ارتفاع الطلب على هذه المادة الحيوية، إذ تكثر حوادث السير الخطيرة، وتزيد حاجة أقسام الولادة، والأمراض السرطانية، وأمراض الدم، ومستشفى الأطفال، وأمراض الكلي للدم، لإنقاذ العديد من الأرواح. وتشهد مراكز تحاقن الدم، يوميا، الطلب على أكياس الدم، وبنسبة أكبر من قبل مرضى الهيموفيليا والتلاسيما واللوكيميا، إلى جانب أقسام الولادة، لإنقاذ الحوامل، اللواتي يواجهن النزيف الرحمي أثناء أو بعد الوضع. ويعود ضعف مخزون مراكز تحاقن الدم إلى عدم تخطي نسبة المتبرعين المتطوعين المغاربة عتبة 1 في المائة، في الوقت الذي توصي فيه منظمة الصحة العالمية بضرورة بلوغ كل دولة عتبة 3 في المائة، لضمان إنقاذ أرواح مرضى ومعطوبين، تتوقف حياتهم على قطرات دم متبرع بها. ولم يتجاوز عدد المتبرعين، خلال السنة الماضية، 56 ألف شخص على الصعيد الوطني، 60 في المائة منهم متطوعون، و40 في المائة من أقارب وعائلات المرضى. وكشف لقاء نظمه مركز تحاقن الدم في مدينة الدارالبيضاء، والجمعية المغربية للمتبرعين بالدم بالمدينة نفسها، أول أمس الاثنين، بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم، أن عددا من الأفكار الخاطئة وراء إحجام المغاربة عن التبرع بدمهم، ضمنها مخاوفهم من الإصابة بأمراض معدية وخطيرة تنقل عبر الدم، أو مخاوفهم من استنزاف دمهم، أو أن دمهم يخضع لعملية بيع تجارية. وأعطيت شروحات في اللقاء، تؤكد أن كل كيس من الدم المتبرع به ينقذ ثلاثة أشخاص في وقت واحد، وأن عملية التبرع تجري في ظروف تراعي الصحة والسلامة، تستعمل خلالها أدوات أحادية الاستعمال، يلقى بها في المهملات بعد الانتهاء منها. وأكد المتدخلون أن الدم المتبرع به يخضع لتحليل دقيق، يكلف أزيد من 1300 درهم للكيس، يقدم للمحتاجين مقابل تعويض مالي محدد في 350 درهما، لتغطية جزء من تكلفة تنقيته، علما أن وزارة الصحة تدعم مراكز تحاقن الدم ب70 في المائة من كلفة توفيره، لضمان ولوج المحتاجين إليه. وأبرز اللقاء أهمية انخراط الفئات الشابة في نشر الوعي بين المواطنين بأهمية الإقبال على التبرع بالدم، بتوظيف إمكاناتهم التواصلية عبر الشبكة العنكبوتية والموقع الاجتماعي ل"الفيس بوك"، لحشد همة الشباب للتبرع، ولعب دور إقناع مقربيهم وأصدقائهم. وخلال اللقاء، وزعت ميداليات وشواهد على قيدومي وجدد المتبرعين المتطوعين في الدارالبيضاء، ضمنهم امرأة مشهورة، الحاجة فاطمة واحيدي ( 60 سنة)، التي واظبت على التبرع بالدم منذ 1978، بعد تأثرها بالأوضاع الصحية لأقارب كانت تزورهم في المستشفيات، فتكون لديها وعي بضرورة المساهمة بدمها في إنقاذ حياة المرضى. وتبرز أهمية التبرع بالدم في أنه دواء لا يصنع في المختبرات العلمية والطبية، وإنما يستخرج من الإنسان، الذي يصنع ما مجموعه 250 مليون من الكريات الحمراء. ويقدم للأشخاص في حالة خطرة، أو الذين يعانون أمراضا تهدد حياتهم. ويعطي المتبرع 400 ملل من الدم، يوضع في كيس به مواد طبية خاصة، تحول دون حصول التخثر. وتستغرق كل عملية تبرع بين 10 و15 دقيقة، ويسحب من المتبرع كمية لا تتجاوز 450 ملل، ما يعادل 7 في المائة من دم الشخص، ويقسم هذه الكمية على ثلاثة أكياس، كيس للكريات الحمراء، وآخر للبيضاء، وآخر للصفائح. ويمكن للمرأة أن تتبرع 3 مرات في السنة، والرجل 5 مرات في السنة، إلا أن التبرع بالدم ممنوع على الأشخاص الأقل من 18 سنة أو الأزيد من 60 سنة من العمر. ويمكن للرجل أن يتبرع مرة كل شهرين، فيما يمكن للمرأة التبرع مرة كل ثلاثة أشهر، دون أدنى خوف. ويخضع المتبرع بالدم لفحص من قبل الطبيب، الذي يتأكد من خلوه من أي مرض، كما يتأكد من ضغطه، ومن الوزن الذي يجب أن يصل 50 كلغ فما فوق، وعلى المتبرع أن يدلي بإجابات صحيحة وواقعية عن أسئلة الطبيب، دون حرج، من قبيل لجوئه إلى علاقة جنسية غير محمية، خلال فترة تقل على 3 أشهر من تقدمه للتبرع . ويشكل اليوم العالمي للتبرع بالدم، الذي تخلده جميع مراكز تحاقن الدم بالمغرب، فرصة لتكريم المتبرعين والناشطين، ومناسبة لنشر ثقافة التبرع. ويمكن للراغبين في التبرع التوجه إلى أي مركز من مراكز تحاقن الدم بالمملكة، وكذا بنوك الدم المتنقلة.