كانت الاحتجاجات التي شنها، قبل أيام، عمال حافلات "المدينة بالدارالبيضاء"، فرصة أخرى لطرح القصة الكاملة للتدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بمدينة الدارالبيضاءشركة نقل المدينة لم تحل مشاكل النقل بشكل نهائي (أرشيف) من بين الأشياء التي ركز عليها المدافعون عن هذه الخطوة رفع الغبن عن عمال هذا القطاع، وتحسين جودة خدمات النقل الحضري على مستوى المدينة. فهل صحيح أن الدارالبيضاء دخلت عهدا جديدا بعد منح تدبير النقل الحضري إلى الخواص، أم أن هذا الحلم لم يتجاوز مقر ولاية المدينة، حيث صادقت، قبل سنوات، أغلبية العمدة محمد ساجد على التدبير المفوض للنقل الحضري. في يوليوز 2004، دخلت مدينة الدارالبيضاء تجربة جديدة في ما يخص سياسة التدبير المفوض لقطاع النقل بالمدينة، ففي هذا التاريخ صادقت أغلبية العمدة، محمد ساجد، على هذا القرار، ورغم الانتقادات الكثيرة التي وجهها عدد من المنتخبين لهذه الخطوة، إلا أن ذلك لم يمنعهم من رفع أيديهم كدليل على موافقتهم على دخول الدارالبيضاء مغامرة منح الخواص تدبير وتسيير مرفق من أهم المرافق الاجتماعية. من بين الأشياء الكثيرة التي ركز عليها عدد من المنتخبين في دورة يوليوز 2004، القضايا المتعلقة بوضعية العمال، بل إن العمدة محمد ساجد اعتبر أن هذه القضية من بين المسائل التي دفعت إلى التفكير في خطة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري، سيما أن العديد من عمال الوكالة المستقلة للنقل الحضري كانوا مهددين بالتشرد. في هذا الوقت بالذات، لم يكن أكثر المتشائمين من سياسة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري، يعتقد أنه سيأتي يوما ستكون فيه الدارالبيضاء مهددة في أي وقت بشن إضراب لمدة 48 ساعة أو ما يزيد، إذا لم تسو الوضعية المادية والاجتماعية لعمال حافلات المدينة، التي عوضت الوكالة المستقلة للنقل الحضري. إضرابات متتالية وجد هؤلاء العمال أنفسهم يخوضون معركة لإثبات الذات، وشنوا في الأيام الماضية إضرابا وصفوه بالإنذاري، لتحقيق مطالبهم الاجتماعية والمادية. مطالب تعتبرها مصادر نقابية داخل إدارة حافلات المدينة أبسط الحقوق، وتدعو إلى التعجيل بحلها، بدل الدخول في لعبة شد الحبل، لأن ذلك سيكون له إنعكاس سلبي على وضعية النقل في أكبر مدينة بالمغرب. وكانت هذه المصادر هددت بخوض إضراب جديد في قطاع النقل لمدة 48 ساعة، وبررت ذلك بعدم تنفيذ أي نقطة من النقاط التي اتفق عليها في الاجتماع الذي عقده الوالي محمد حلاب والعمدة محمد ساجد وإدارة الشركة والممثلون النقابيون للعمال، على خلفية الإضراب الإنذاري، الذي خاضه العمال يوم 18 ماي، وأضافت هذه المصادر أنها ستجد نفسها مجبرة للإعلان عن خوض إضراب جديد في أي وقت، في حالة عدم تدخل الوالي حلاب، للضغط على إدارة الشركة للالتزام بما اتفق عليه، بموجب البلاغ المشترك الموقع من قبل الوالي والعمدة والنقابات وإدارة الشركة. غضب العمال كان فرصة للعودة قليلا إلى الوراء، وبالضبط إلى يوليوز 2004، لمعرفة على لسان عدد من المنتخبين، الدوافع التي جعلت الدارالبيضاء تختار التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري، كحل للمشاكل الكثيرة التي تعانيها المدينة في هذا القطاع. الصديق شاكر (حاليا الأصالة والمعاصرة) "بعد موافقة مجلس المجموعة الحضرية في دورته العادية لشهر غشت 2003 عن مبدأ التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري، أعلن على تأهيل مسبق لاختيار مشغل هذا المرفق، وبعد ذلك توصل مجلس مدينة الدارالبيضاء ب 18 شركة التي سحبت ملف "الانتقاء الأولي"، ولم يبق منها إلا ثلاث شركات التي أجابت على هذا الملف. تبعا للجنة التقييم، والتي كان يرأسها رئيس مجلس مدينة الدارالبيضاء اختيرت شركتان هما شركة "مدينة بيس" التي تتكون من شركة حدو والبهجة، وكذلك شركة "فينانس كوم" وشركة "ديفلوبموا ن إر أ تي بي "، وكذلك اختيرت شركة "كونيكس" التابعة لمجموعة "فيفاندي"، وبعد ذلك سلمنا لهاتين الشركتين دفتر التحملات، الذي أجابتا عنه في الوقت المحدد. وبهذا الخصوص، اجتمعت اللجنة مرة أخرى لفتح الأظرفة الخاصة لهاتين الشركتين، وبعد فتح الظرف الخاص بشركة " كونيكس" لم نجد سوى رسالة، أما الظرفان المالي والإداري كانا غير موجودين، وهذه الشركة تقول إنها تطلب إعانة قدرها 40 مليارا سنويا، وحددت التعريفة الخاصة بها في 50،9 درهم، أما شركة "مدينة بيس" فقد سلمتنا ملفها الذي حظي بالقبول، وبعد الإعلان عن فوز هذه الشركة، قامت اللجنة بمناقشات مارطونية مع هذه الأخيرة استمرت، طيلة شهري ماي ويونيو، توصلنا بعدها بمشروع الاتفاقية، وبعد ذلك اجتمعت لجنة الوكالات المستقلة والتدبير المفوض لمناقشة هذا الملف". سعيد السعدي (التقدم والاشتراكية) "أظن أن هذه أهم نقطة في جدول أعمال دورة يوليوز 2004، وهذه نقطة ربما تستحق منا مناقشة مستفيضة والاهتمام البالغ، لأنها تهم حقا من الحقوق الأساسية لكل البيضاويين والبيضاويات، ألا وهو الحق في التنقل داخل المدينة...، فالسؤال الذي يمكن أن نطرحه إلى أي حد سيضمن التدبير المفوض هذا الحق، لأن ذلك هو هدفنا بمدينة مترامية الأطراف... مدينة عدد سكانها 5 ملايين نسمة. وقلت للرئيس "لا أخفي عنكم، صراحة أنني متحفظ جدا من هذا التدبير المفوض للخواص بالطريقة التي اقترحت علينا للأسباب التالية: السبب الأول هو أنه لم نقف عند أسباب إفلاس الوكالة المستقلة للنقل الحضري بالدارالبيضاء. لماذا أفلست هذه الوكالة؟ والحال أن هؤلاء الإخوان والأخوات هنا ربما كانوا معنا في المجموعة الحضرية في الثمانينيات، وكان المجلس يقدم الدعم في كل مرة لهذه الوكالة، في إطار الميزانية المخصصة للمجموعة الحضرية... السبب الثاني يكمن في أن القطاع به خواص، وستأتي شركة أخرى جديدة. المشكل الذي سيطرح أنه بعد سنوات، هل الخواص المغاربة سيكونون قادرين على تحمل المسؤولية، بمعنى أن اليوم سنحل مشكل 2000 عامل يعملون في الوكالة، لأننا سنضمن لهم البقاء في عملهم، ولكن غدا سيطرح مشكل قطاع الخواص... السيد الرئيس، أرجوكم أن تفكروا مليا في طريقة تعاملكم مع مشاكل الدارالبيضاء، لأنه للأسف منذ بداية أشغال المجلس إلى غاية اليوم، لا تأتينا سوى بمشاريع التفويت...". مصطفى رهين (حاليا الأصالة والمعاصرة) "إننا نطالب أن نتوخى الحيطة والحذر، حتى لا نقع، من خلال هذه الاتفاقية في الأخطاء نفسها، التي وقعنا فيها، خلال صياغة الاتفاقيات السالفة، فالذي تبين لنا من تجربة الشركات السابقة للإنارة العمومية والنظافة هو أن بنود ونصوص العقدة لا تتسم بالصفة الإلزامية بالنسبة للشركات العمومية، أي أن الاختصاصيين الذين وضعوا هذه البنود والنصوص أرادوها أن تكون متعددة القراءات... وما نطالب به هو أن تكون صياغة بنود وفصول هذه الاتفاقية واضحة وصريحة لا لبس فيها، وأن تكون ذات صبغة إلزامية، لدي ثلاث نقاط بالنسبة إلى الاتفاقية. النقطة الأولى تتعلق بعدم ترك أي ثغرة يمكن أن تستغلها هذه الشركات لتسريح العمال، وناقشنا حالتهم الاجتماعية داخل اللجنة وخرجنا ببعض التوصيات للتأكيد على بعض الجوانب كالتطبيب والاهتمام بالجانب الاجتماعي، أما النقطة الثانية، فهي مرتبطة بمشكل نقل الطلبة... فالقانون الجديد يحتم على الطلبة حضور كل المحاضرات والحصص الدراسية حضورا مباشرا، وإلا فلن يكون بإمكانهم اجتياز الاختبارات، لهذا نطالب بوضع أسطول خاص بالطلبة، أما القضية الثالثة، فلها صلة بالزيادة في التذكرة، فهذه النقطة مبهمة واضحة، فالوثيقة تقول إنه لن تكون هناك زيادة خلال ثلاث سنوات الأولى، وفي ثلاث السنوات الثانية تقدر الزيادة بكذا وكذا، غير أنهم لم يحددوا سقف التسعيرة بالنسبة لما بعد عشر سنوات، لهذا نطالب أن تقوم اللجنة المكلفة بالمراقبة والتتبع بواجبها على أحسن وجه، حتى لا نصل إلا ما لا تحمد عقباه". مصطفى فهيم (حزب الاستقلال) "لا أحد من الحضور يستطيع نكران أهمية قطاع النقل الحضري والمشاكل التي يتخبط فيها، منذ سنوات، لكن هذه المشاكل تواجه دائما بحلول ترقيعية، وهذه الأخيرة لا تعود إلا بنتائج فاشلة، حقيقة النقل الحضري واحد من النقط الأساسية في تحقيق التنمية، والاهتمام بالنقل الحضري يساوي الاهتمام بالمواطن، وتكريم حياته على مستوى النقل، لكن، السيد الرئيس، وأنا أقرأ محضر اللجنة يتضح لي أن هذه النقطة لا تحتاج إلى المزيد من النقاش، لأن الجميع يسير في الاتجاه نفسه، فالكل يتكلم على أن النقل الحضري يعد مشكلا، ولكن طريقة معالجة هذا المشكل ليست بالكيفية التي نناقشها الآن، ألا وهو التدبير المفوض، فإذا جاء عندنا شخص أجنبي وأعطيناه جميع التوضيحات في ما يخص الإمدادات المالية لوكالة في كل السنوات، سيتبين له بأن المغرب دولة متخلفة... إن ملف النقل الحضري يجب علينا أن نتعامل معه بنوع من التريث لأنه في الأصل يعد مشكلا وسيعالج بمشاكل أكبر وأخطر، خاصة أن الدراسة لم تكن شمولية... فمشكل التدبير المفوض سواء بقطاع النظافة أو الإنارة العمومية أو في ما يخص شركة ليدك يتخبط في عدة مشاكل، وإننا نطالب عدم الحسم في هذه النقطة، خلال هذه الدورة. ولا أحد يجادل في أن الوكالة المستقلة للنقل الحضري تعاني من مشاكل، وأن النقل الحضري فاشل في الدارالبيضاء، ، وإننا مع تأجيل هذه النقطة، إيمانا منا بمشاكل الوكالة المستقلة للنقل الحضري، حتى نتمكن من دراسة هذا الملف دراسة مستفيضة كاملة". محمد ساجد (الاتحاد الدستوري) "لاحد ينكر اليوم أن الحالة التي وصلت إليها الوكالة المستقلة للنقل الحضري هي حالة لايمكن أن تستمر، وقرار اللجوء إلى التدبير المفوض ليس قرار مجلسنا، بل هو قرار أخذ في السنة الماضية من طرف المجلس السابق، وهذا القرار اليوم، في إطار تفعيله يأخذ جميع الاحتياطات، من أجل الوصول إلى اتفاقية متوزانة، التي تأخذ بعين الاعتبار المسائل الأساسية التي يجب أن لا نتجتنبها أو نغفل عليها، ومن هذه المسائل الأساسية الاهتمام بالعاملين بهذا القطاع، اليوم عندنا 1900 عامل بالوكالة، يعيشون في ظروف صعبة وغير مشرفة، رغم المجهودات التي قاموا بها في سبيل هذا القطاع، وإنني أحيي ممثلي العمال الموجودين وممثلي النقابات المتتبعين لأمور التدبير المفوض، وأن ينتظروا أن نصل إلى حل يخرجنا من هذه الأزمة التي نحن فيها اليوم... إن الأولوية الأولى هي الموظفون وحقوقهم، والأولوية الثانية هي التعريفة والتسعيرة الخاصة بتذكرة النقل، وأن تذكرة 5 دراهم غير واردة بالنسبة للخطوط الأساسية الموجودة بالدارالبيضاء، ويمكن أن تنطبق هذه التذكرة على الخط الإستثنائي الطويل الذي يتجه للمحمدية، أما النقل الحضري سيبقى على التسعيرة الموجودة نفسها حاليا. وأن الزيادات في المستقبل ستأخذ بعين الاعتبار مؤشر تكلفة العيش للمواطنين، أما الأولوية الثالثة، فهي المتعلقة بالاستثمارات التي يجب أن تجرى بهذا القطاع لكي نخرج من الأزمة الحالية... إنني أعتقد أن الدارالبيضاء وسكانها في أمس الحاجة إلى هذه الاتفاقية، وأتمنى أن نصادق اليوم بالإجماع على هذه الاتفاقية".