بعد تسعة أشهر على تعيينه من طرف جلالة الملك محمد السادس، على رأس وزارة الشباب والرياضة، شكلت استضافة مجموعة "ماروك سوار" لمنصف بلخياط، في برنامج "90 دقيقة للإقناع"، فرصة مواتية لتقييم عمله الأولي في قطاعي الشبيبة والرياضة، خصوصا مع فتح عدد من الملفات، في ظل الحديث الجاد عن الانتقال من الهواية إلى الاحتراف.تصوير عيسى سوري في هذا الحوار، تحدث بلخياط عن برنامج إعادة الهيكلة، وعن عقدة الأهداف الموقعة مع مختلف الجامعات الرياضية، وعن ملاعب القرب، وعن الناخب الوطني المرتقب لأسود الأطلس، وعن القطيعة مع الخلافات، التي كانت قائمة بين الوزارة وعدد من جمعيات المجتمع المدني، وبصورة عامة عن الواقع والآفاق لقطاعين حيويين، يعول عليهما لقطع المزيد من الخطوات نحو الأمام. في البداية أود أن أشكركم على الدعوة التي تلقيتها، والتي تشكل فرصة للقيام بتقييم مقتضب لمسيرة امتدت تسعة أشهر، بعد أن وصلت إلى وزارة الشبيبة والرياضة. حصيلة تسعة أشهر هي مناسبة للحديث عن الخطوات، التي قطعناها في مجالي الشباب والرياضة، اللذين أعتبرهما حقلين مهمين، وركيزتين أساسيتين داخل ما أسميه "مؤسسة". أعتقد أنها تستحق أن ترتكز على أرضية متحضرة ومتقدمة، مع ما يستوجبه القطاع الرياضي من إعادة الهيكلة على مستوى الطفولة والشباب، وباقي الجوانب، التي بإمكانها أن تعكس مغرب الغد. حينما نأخذ مثلا مغرب 2040، فالأمر يتعلق بشباب اليوم، الذي سيكون عليه تدبير الأمور ببلادنا، وهذا الشباب سيشكل وقتها دون شك حوالي 50 في المائة من سكان الفترة المقبلة، وهنا تكمن أهمية توجيه الشباب وجعله يتخذ القرارات الجريئة بنوع من المسؤولية. في السنوات العشر الأخيرة، شهدت فئة الشباب بالمغرب تحولات مهمة، أولها على المستوى الاجتماعي، علما أن الشباب يشكل اليوم 50 في المائة من سكان المغرب. كما أن الشباب عاش فترات مهمة، حادث شتنبر، وحادث 16 ماي، واتساع دائرة واستعمال الهاتف المحمول، إذ أصبح الشباب يتحدثون لغة جديدة، ثم أيضا وصول الإنترنيت بشكل مكثف، الذي أصبح أكثر حركية اليوم، وهذا يعني أن الشباب يكون اليوم حاضرا معنا بدنيا، لكن يوجد ذهنيا في مكان آخر، لأن هناك تواصلا عبر الإنترنيت بصورة دائمة. هناك تحولات اجتماعية من جانب خاص، ذلك أن الشباب أصبح يتزوج في سن متأخرة، في وقت كان الشباب يتزوجون في سن العشرين. قبل عشر سنوات، كان معدل سن الزواج هو 23 سنة، أما اليوم، فأصبح في حدود 30 سنة، وبالتالي أصبح هناك ما أسميه "جاك" أي "شباب، كبار، عازبون". هناك أيضا ظاهرة الطلاق، التي ارتفعت بحدة كبيرة في أوساط الشباب، ما يعني أننا أصبحنا نتوفر على عدد كبير من الشباب المتقدم في السن لكنه غير متزوج، وهذه الفئة تتطلب أهمية قصوى لحل مشاكلها. على مستوى الرياضة، أظن أننا مررنا عبر فترة السنوات العجاف، التي لم تكن خلالها النتائج بحجم الطموحات، وفي مستوى المؤهلات التي تتوفر عليها بلادنا رياضيا. أظن أننا متأخرون، سواء على صعيد البنيات الرياضية، أو في ما يخص التكوين والتسيير، وهذه هي النقاط، التي آمل أن يتركز عليها نقاشنا، حتى نساهم في إعادة إقلاع الرياضة. سأتحدث عن البرامج على المديين المتوسط والبعيد، لماذا هذا الاختيار؟ على المدى المتوسط لأننا حين نسطر سياسة خاصة بالشباب أو الرياضة، لا يمكن أن نحصد النتائج إلا بعد مرور 5 أو 6 سنوات. وإذا كنا نتحدث اليوم عن هذا الأمر، فهذا يعني أننا سنجني الثمار في سنة 2016. لكن، لدي اليقين أن هناك حالات استثنائية، وأنه يمكن جني الثمار قبل حلول هذا الموعد. * من بين أهم برامج الوزارة على مستوى الرياضة عقود الأهداف الموقعة مع مختلف الجامعات، لكن هناك بعض المشاكل، مثلما حدث مع جامعة التيكواندو، بدليل الحديث عن ميلاد جامعة صحراوية لهذه الرياضة، كيف تتعاملون مع هذه المشاكل؟ - ما يلزم معرفته، هو النقطة التي نقلع منها. فنحن نقلع من محطة لم يكن فيها أي وثائق تثبت العلاقة بين الوزارة والجامعات، التي تستفيد من عشرات أو لنقل مئات الملايين من الدراهم، وبالتالي فالجامعات كانت تعيش نوعا ما مستقلة، دون أدنى سلطة للوزارة الوصية عليها. يلزم أن نعرف أن الوزارة هي الوصية على القطاع الرياضي، وبالتالي هي المطالبة بتكليف الجامعات، وجعلها تقدم خدمة عمومية، متمثلة في تسيير شؤون رياضة معينة وجعلها رهن إشارة العموم. هكذا إذن تكون الوزارة هي المعنية بتحديد السياسة الرياضية للبلاد، وتمرير البرامج إلى الجامعات بغية تطبيقها. وجدنا أن العلاقة التي كانت قائمة بين الوزارة والجامعة، يشوبها نوع من التباعد، في اتجاه أن الوزارة لم يكن معترف لها بأنها قادرة على إعطاء قيمة مضافة للأنشطة الرياضية. ناقشنا وتباحثنا مع مختلف رؤساء الجامعات الرياضية، ووجدنا أن هناك ثلاث فئات من المسيرين: هناك رؤساء الجامعات الكبيرة، الذين أخبرونا أنهم بحاجة إلى قيمتنا المضافة من أجل تنمية وتطوير الرياضات، التي يشرفون على تسييرها. وهناك فئة ثانية مرتبطة بالجامعات المتوسطة، تعاني مشاكل مادية، لأنها لا تتوفر على إمكانيات كفيلة بحل مشاكلها، خصوصا على مستوى البنيات الرياضية. والفئة الأخيرة تتكون من رؤساء جامعات، لم يسبق لهم أن رأوا وزير القطاع في حياتهم. كانوا مهمشين دائما، ولا يحظون بأي عناية، كما أن الوزارة لم تلتفت إليهم في أي لحظة. بعد هذا التحليل، ساءلنا أنفسنا، ماذا نريد؟ هل نشتغل فقط مع جامعة كرة القدم، وبالتالي نمارس كرة القدم فقط، ونرسم استراتيجيتها ونبحث على النتائج، باعتبار أنه في أذهان بعض الناس وزارة الشباب والرياضة تشتغل فقط مع كرة القدم. لكننا خلصنا إلى ضرورة الاهتمام بجميع الرياضات، وإعداد سياسة رياضية شاملة، والاهتمام بجموع 45 جامعة. ولأجل إعداد سياسة رياضية مع مجموع الجامعات الخمسة والأربعين، اجتمعنا في البداية مع رئيس كل جامعة على حدة، بعدها اجتمعنا مع الجميع، في شهر شتنبر 2009، وقدمنا ما اعتبرناه "ورقة الطريق" للتوجه صوب أهداف رياضية معينة. كما اقتسمنا أسرار هذه الورقة مع الصحافة الرياضية المختصة. وبكل صراحة، هذه أول ندوة صحفية لي، بعد 9 أشهر على رأس الوزارة، (يوم الثلاثاء 18 ماي)، إذ لم يسبق لي أن عقدت أي ندوة. أعددنا ورقة الطريق، وأشركنا في ذلك عدة فاعلين، أولا الحكومة، وبعد ذلك البرلمان، والجامعات، وقدماء الرياضيين، ثم الصحافة الرياضية. وبعد التوصل بالمقترحات، أنهينا ما أسميه ورقة وطنية، وبعدها وقعنا ما بين دجنبر ومارس، مع جميع الجامعات الرياضية، علما أن الوقت كان يداهمنا، غير أننا ناقشنا، وحللنا، وبحثنا مختلف الجوانب، مع كل جامعة، قبل توقيع عقود الأهداف. هذه العقود كلها تجعلنا نرسم الأبعاد على مدى أربع سنوات، أي الأولمبياد. فمن 2010 إلى 2013 سيمكننا الحكم على كل جامعة من خلال ما حققته من نتائج، بموازاة مع دعم من الوزارة. وبالتالي سنصل إلى نتيجة مهمة ومعززة بالأرقام. فعقود الأهداف ستمكننا من الرفع من عدد الرخص إلى نصف مليون رخصة سنة 2013 وتكوين ثلاثة أهداف مؤطرة في مختلف الرياضات في أفق 2013، لكن بالخصوص ستوفر البنيات والتجهيزات الأساسية للممارسة الرياضية، ما سيمكن الشباب من وسائل أفضل لإبراز مؤهلاتهم. فمثلا في كرة القدم ستتوفر جميع فرق القسم الأول والثاني على ملاعب معشوشبة من خلال شراكة بين جامعة الكرة والوزارة، إضافة إلى مراكز تكوين للاعبين من الفئات الصغرى داخل كل فريق، ووسيلة نقل، حتى يستطيع هؤلاء خوض أكبر عدد من المباريات ليصبحوا ذوي قدرة تنافسية مهمة. فاستراتيجية القرب لجامعة كرة القدم من خلال الرياضة للجميع ستمكننا من تكوين أرضية للاشتغال لبلوغ الأهداف المسطرة في عقد البرنامج. * كيف عالجتم مختلف المشاكل بالجامعات؟ - هناك بعض المشاكل داخل الجامعات نعمل على حلها بشكل متواصل، فمن أصل 45 جامعة، اضطررت لاستعمال الفصل 22 في جامعة بناء الجسم، التي قمت بحلها بعد تعذر التوصل إلى أي حل بين المكتب المسير السابق ومعارضيه. ثم جامعة التايكواندو، التي كان فيها شخص يريد إنشاء جامعة بالصحراء المغربية في إطار الجهوية الموسعة، واتخذت قرارا حاسما بأن هناك جامعة واحدة فقط هي الجامعة الملكية المغربية للتايكواندو. والقانون يمنع إنشاء جامعة أخرى. وعموما عندما أرى جميع المنافسات نهاية كل أسبوع أجد أن كل رياضة لها نشاطاتها. وأعتقد أننا محظوظون لكون الجامعات لديها إدارات تقنية تنظم مسابقات ذات جودة وتحظى بمتابعة جماهيرية. وعلى سبيل المثال، تابعنا نهاية بطولة كرة قدم مثيرة وأريد تهنئة الوداد على اللقب والرجاء على روحه الرياضية، وفريقي الدفاع الحسني الجديدي، الذي قدم مرحلة ذهاب مميزة، والكوكب المراكشي، الذي كان متألقا في الإياب، وأعتقد شخصيا أننا نشهد ولادة شيء جديد يجب أن نفتخر به جميعا. * للتدقيق في عقدة الأهداف أعتقد أن بعض الجامعات، مثلا كرة السلة، لها دعم مالي مهم من الاستشهار، بينما أخرى، كالمسايفة، تفتقر لإمكانيات التطوير، وبالتالي أرى أنكم تتعاملون بسياسة خاصة مع بعض الجامعات، مقابل أسلوب مغاير مع جامعات أخرى، وعلى سبيل المثال كنتم وراء استقطاب أشخاص لوضعهم على رأس بعض الجامعات مثل السباحة والتنس والتايكواندو، بينما لا تبالون بجامعات تشرف على رياضات شعبية؟ - كنت واضحا في الاستراتيجية التي وضعتها عندما أعلنت أن هناك 12 جامعة ذات أولوية، ومن خلال الاستشارات رفعنا العدد إلى 14، من ضمنها جامعة كرة السلة، ولا توجد رياضة المسايفة، وأعترف بأننا نتعامل بشكل مكثف ومركز مع بعض الجامعات دون أخرى، لكن ذلك لا يعني إهمالها إذ وقعنا على عقدة أهداف مع جميع الجامعات، ما يعني موافقة رؤسائها. فإذا أخذنا المسايفة، فهي جامعة تعرف أيضا مشاكل في التسيير، وتدخلنا من أجل أن تعقد جمعها العام في إطار القانون، وجرى انتخاب رئيس جديد. ولنكون واضحين فاليوم، الجامعات بحاجة إلى رؤساء من مستوى عال، ومسيرين أكفاء لملايين الدراهم، إذ أن الرياضة أصبحت تجارة، والأموال ما فتئت تدخل إلى عالم الرياضة. وما نقوم به اليوم من أجل تسيير أفضل لهذه الأموال هو الحث أولا على عقد الجموع العامة وتشكيل المكاتب المسيرة وفقا للقانون، وبالتالي ليس هناك رئيس مفروض، وغالبية الرؤساء يأتون من عالم الرياضة، وهم أعضاء في نواد. فمثلا توفيق الإبراهيمي كان عضوا في الرجاء البيضاوي للسباحة، وعلي الفاسي الفهري كان بالوداد ثم الفتح لكرة القدم. والمنجرة عضو ناد في الدارالبيضاء، وأنا فخور بكون العرايشي على رأس جامعة التنس، وهو كذلك عضو ناد للتنس، وله مساره المميز في مجال ألعاب القوى، وكان وراء بروز كثير من العدائين. إذن نحن نشهد دينامية، وكل هؤلاء المسيرين يحبون الرياضة ولهم غيرة عليها ويجب إعطاؤهم الوقت للحصول على النتائج المرجوة. وأريد أن أهنئ جامعة كرة القدم على عملها الذي قامت به منذ حوالي سنة، سواء من حيث البرمجة أو حدة المنافسة. فالحكامة الجيدة هي أن نصل إلى تطبيق عقدة الأهداف عبر رؤساء الجامعات ومرافقتهم من خلال شراكات تمتد على مدى أربع سنوات، ليجري تقييم النتائج، التي تحققت، وبموجبها سنرفع أو نخفض من قيمة الدعم بنسبة 15 في المائة بإشراف مكتب خبرة وحسابات، وهذه ثورة في عالم الرياضة، يجب أخذها بتفاؤل، علما أن النتائج لن تظهر في ستة أشهر وإنما على مدى سنوات من العمل. * لتتوصل جامعة ما بالدعم، يجب أن تعقد جمعها العام أولا لكن هذا المعطى لا يتوفر في جامعة الشطرنج مثلا، لماذا هذا الاستثناء؟ - جامعة الشطرنج لا أعتبرها شخصيا جامعة رياضية وإنما جامعة للترفيه، وسنشتغل معها في نطاق المراكز الرياضية للقرب إلى جانب الجامعات الأخرى. أظن أن هناك مشاكل بالنسبة لرئاسة هذه الجامعة، ونحن نعمل على حلها بشكل جدي، ولعلمكم، طريقة عمل الوزارة تغيرت كثيرا ولم تعد منغلقة على نفسها، فالوزارة مفتوحة ويجري استقبال الضيوف بشكل منظم أمام المواطنين والجمعيات، إذن فالخلافات تحل بطريقة إيجابية وما تقوم به الجامعات يجب أن يسري بينها وبين العصب التابعة لها. * هل هذه النقطة يتضمنها عقد البرنامج الموقع مع الجامعة؟ - ضمن عقد البرنامج ستكون الجامعات ملزمة بإنشاء عصب جديدة وبنيات رياضية، وفي المرحلة الأولى من التقييم سنرى إلى أي حد جرى الالتزام بذلك، وبالرجوع إلى مبلغ 750 مليون سنتيم، المخصص لكرة السلة، أجد أنه ضئيل، الآن هذه الرياضة هي الثانية من حيث أهمية المداخيل المالية بعد كرة القدم، فكرة السلة أصبحت لها قاعدة شعبية كبيرة، وعمل الجامعة أعطى ثماره لدرجة أن لاعبي كرة السلة يتقاضون رواتب مهمة، ما استقطب الجمهور والمستشهرين، إذن هناك تقدم وتحسن، ولكن كي نصبح من بين الرواد في إفريقيا في هذه اللعبة، واحتلال المراكز الثلاثة الأولى لن تأتي إلا في أفق 2016. * أين وصل مشروع القانون الجديد للتربية البدنية المطروح على البرلمان، خاصة أن الانتقال إلى الاحتراف في كرة القدم يمر عبر المصادقة عليه؟ - لإقرار القانون لا بد أن يمر من خلال المؤسسات وعبر مراحل، لكنني أؤكد أن قانون التربية البدنية وقانون محاربة المنشطات، وقانون محاربة الشغب، كلها ستجري المصادقة عليها في الدورة التشريعية المقبلة، والأهم من ذلك النصوص التطبيقية لهذه القوانين، علما أن آخر قانون للتربية البدنية صودق عليه سنة 1977، ونصوصه التطبيقية لم تخرج سوى في 1993، وبالتالي نعمل على إخراج النصوص التطبيقية للقانون الجديد في شتنبر المقبل، الذي يصادق بداية الموسم الرياضي، حتى نمنح للفرق عاما واحدا للتحضير للدخول في العصبة الاحترافية بداية من موسم 2011/2012، وسنقوم بمشاورات مع الفرق، لأننا حتى الآن فتحنا النقاش مع المنتخبين، وأعتقد أن القانون سيحدث ثورة مع إمكانية إحداث جمعيات، وتقنين المجال الإعلامي الرياضي بجعله مصدر دخل مالي للرياضة، مع توفير أقصى درجات الحماية والأمان للصحفيين، حتى يحصولوا على المعلومة. * الملاحظ أنكم تراهنون على تغيير العقليات قبل الدخول في تطبيق استراتيجية النهوض بالرياضة الوطنية؟ - من أجل أن تمارس الرياضة على مستوى عال، يجب أن تتغير العقليات وتنتقل إلى صيغة الشركات المجهولة الاسم عوض نظام الجمعيات، ما يتطلب تسييرا معقلنا يتماشى مع القوانين المعمول بها. لكن يجب أن لا ننسى أن هناك أشخاصا قدموا الكثير للرياضة الوطنية ونحن اليوم في حاجة إليهم من خلال بقائهم ضمن الجمعيات الرياضية للاستفادة من تجاربهم، ومن البنود المهمة في القانون الجديد أن المكاتب المديرية ستصبح لديها صلاحيات كبيرة في مختلف الفروع لأن سياستنا لا تهدف إلى الاهتمام فقط بكرة القدم وكرة السلة، بل بجميع الأنواع الرياضية، ما دام أن مخططنا في أفق 2016 هو تأهل 12 نوعا رياضيا إلى الألعاب الأولمبية التي ستقام في ريو دي جاينيرو. * لكن هل تملكون الوسائل المالية الضرورية لبلوغ هذه الأهداف؟ - نحن نعتمد على خمسة محاور رئيسية في هذا الصدد، الأول أن نوفر بنيات تحتية مناسبة، والثاني تطوير التكوين والتأطير، والثالث هو الحكامة والقوانين، أما العنصر الرابع فهو خلق شراكات مع المؤسسات العمومية والوزارات الأخرى والجماعات المحلية، ثم أخيرا تطوير الموارد المالية للوزارة من خلال الميزانية المخصصة لنا من طرف الدولة، والشركات الخاصة التي تمكننا من موارد إضافية. وغير خاف أنني طلبت من وزارة المالية، بعد مجيئي في غشت 2009، مبلغا إضافيا يقدر ب 200 مليون درهم للبدء في تحقيق الاستراتيجية التي وضعناها، أي الانتقال من 0،6 في المائة إلى 0،78 في المائة من الميزانية العامة للدولة، وهو ما نجحت فيه، بل إنني تلقيت وعودا برفع المبلغ إذا تحققت النتائج المرجوة. * ما هو الهدف من إنشاء مراكز رياضية للقرب؟ - عندما قضيت سنوات في الشرق الأوسط كنت أسمع دائما من أصدقائي المصريين أنهم ذاهبون إلى النادي، وهذا ما أثار فضولي، لأجد أن النادي هو عبارة عن مساحة مسيجة بها مسبح ومطعم وملاعب متعددة الاختصاصات، ومن هنا جاءتني فكرة أن أطبق ذلك في المغرب شريطة أن تخصص مساحة لا تقل عن 3000 متر مربع للمركز الواحد، فهو في نفس الوقت فضاء للترفيه، حيث تجد العائلات مبتغاها، ومكان لإبراز المواهب، فالكثير من الأطفال لا يجدون مكانا للعب، ومراكز القرب أثبتت فعاليتها وعلى سبيل المثال يعد المغرب من بين العشر الأوائل في فنون الحرب لأن أحياءنا بها نواد كثيرة في مختلف التخصصات وتتجه لها فئات كبيرة، فكيف إذا وضعنا مركزا يمكن أن تمارس فيه كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة واليد، حينها سيصبح لدينا قاعدة ومواهب ستفيد في الرفع من مستوى هذه الرياضات، علما أن الوزارة هي التي ستتولى التمويل الكامل لتلك المراكز، التي أصبح 24 منها جاهزة وستفتح قريبا، كما حصلنا على طلبات 148 جماعة محلية للاستفادة من المشروع مع توفير المساحة الأرضية اللازمة و 50 في المائة من التمويل، وقد بدأنا في إنشاء 75 مركزا آخر، سترى النور مع نهاية السنة الجارية، أي في المجموع لدينا الآن 100 مركز، على أمل الوصول مستقبلا إلى الرقم 1000. * لكن كيف يمكن تدبير هذه المراكز؟ وهل هي في متناول المواطنين؟ - وضعنا دفتر تحملات للجمعيات الرياضية الراغبة في تسيير هذه المراكز، من قبيل توفير الإنارة والماء الساخن والمرافق الصحية وصيانة التجهيزات، وذلك بمراقبة من الوزارة ،التي تستفيد بالمقابل من موارد مالية لكراء هذه الفضاءات. وستكون هذه المراكز رهن إشارة المواطنين من خلال اشتراك يحدد في 50 درهما ومبلغ يتراوح بين 20 و150 درهما في الشهر، حسب الحالة المادية لكل مواطن و سيحصل المنخرط على بطاقة تمكنه من الولوج للمركز والاستفادة من الخدمات المقدمة، والأكيد أن تلك المراكز ستلعب دورا مهما في النهوض بالرياضة الوطنية، وسأكون غير منصف إذا قلت إنه بمقدورنا تسيير ومراقبة كل تلك المراكز نظرا لضعف الإمكانات المالية واللوجيستيكية للوزارة، وأيضا الموارد البشرية، لأن الوزارة ستفقد في الخمس سنوات المقبلة، ثلث الموظفين، الذين سيتقاعدون ولن يجري تعويضهم. وهناك جانب آخر في هذه المراكز هو الجانب الاقتصادي، حيث ستمكن هذه الفضاءات من تشغيل 8 آلاف شخص بمعدل ثمانية أشخاص للمركز، مع العلم أن كل واحد من هذه المراكز سيستقبل حوالي 1000 شخص. * هل يمكننا معرفة هوية المدرب الجديد للمنتخب؟ - الصحافة الوطنية أتت على ذكر 26 مدربا للمنتخب المغربي، بينما الوزارة وجامعة كرة القدم لم تذكر أي اسم، لأن التعاقد مع مدرب يتطلب وقتا ويتدخل فيه محامون دوليون، وعلي الفاسي الفهري صرح أن اسم المدرب سيعرف، قبل نهاية يونيو المقبل، وأؤكد أنه سيكون، قادرا على تحقيق أهدافنا، كما أنني على يقين أنه بتوفر المنتخب المغربي على لاعبين محترفين جيدين، سيتمكن من إعادة الفريق الوطني إلى مصاف المنتخبات الثلاثين الأولى في العالم. ولا بد من الإشارة إلى العمل الكبير الذي يجري القيام به في الإدارة التقنية الوطنية، ومع مجيء تيم فيربيك سيتعزز الطاقم التقني بإطار من مستوى عال، خصوصا لدى الفئات الصغرى، علما أننا نبني استراتيجيتنا على مدى ست سنوات، الشيء نفسه بالنسبة لمدرب منتخب الكبار. * هل سيكون بمقدور المغاربة مشاهدة مباريات المونديال؟ - الجزيرة الرياضية، التي تملك حقوق النقل، قدمت مقترحا للمغرب من أجل بيع 22 مباراة من اختيارها، وهي مباريات من الدرجة الثانية، مقابل 22 مليون دولار، فكان لدينا الاختيار بين أن يذهب هذا المبلغ إلى الجزيرة أو استثماره في الرياضة الوطنية، وهذا ما أفضله. * أين وصلت الأشغال في الملاعب، التي تبنى حاليا في عدد من مدن المملكة؟ - أريد التأكيد أن ملعبي طنجة ومراكش سينتهيان هذه السنة، وملعب أكادير في نهاية 2011، ولأول مرة سينظم في المغرب شهر نونبر المقبل، معرض الرياضة، وهو تقليد سنوي يجمع كل المتدخلين في الرياضة. * أنتم الآن في صراع مع بعض الجمعيات إثر قراركم ببيع بعض ممتلكات الوزارة، وكذلك إصراركم على عنصر الشفافية في الجمعيات، التي تقدمون لها الدعم المالي؟ - أعتقد أن الفضاء الجمعوي المغربي غير مهيكل، بحيث تنشط آلاف الجمعيات وطنيا ومحليا، وكنا في خلاف معها أشهرا طويلة، لكننا توصلنا إلى اتفاق يقضي بألا تحصل أي جمعية على أي دعم إلا من خلال توقيع عقدة مع الوزارة، توضح مع من نتعامل، مع إلزام مكاتب الجمعيات بتخصيص حوالي ثلث المناصب للنساء، كما أن كل الجمعيات التي تحصل على الدعم يجب أن تعطينا كشفا للحسابات، حتى نصل في الأخير إلى إنشاء الفيدراليات الوطنية للجمعيات، ولأول مرة في المغرب سنقدم مرسوم قانون لتسيير هذه الهيئات، كما تنشأ عصب جهوية تمكن الجمعيات المحلية من التعبير عن ذاتها، وبالتالي ستشتغل الوزارة مع مكاتب الفيدراليات، التي بدورها ستنظم الحقل الجمعوي. وفي السياق ذاته، سيكون بمقدور الجمعيات التقدم بمشاريع للوزارة، التي عليها الرد بالرفض أو القبول في غضون خمسة أسابيع، وأعتقد أنه من الواجب إنشاء الوكالة الوطنية للشباب والترفيه، لتصبح قاطرة في النهوض بالمجتمع وتأطيره. وأظن أن الجمعيات قامت حتى الآن بعمل جيد، ودورنا أن نقوم بإعادة توجيهها لتهتم بالأطفال أقل من 14 سنة، وبالأخص المراهقين، الذين جرى تهميشهم، ما جعلهم يسقطون في فخ التطرف. * هل سيبقى لدور للشباب ذلك الدور الكلاسيكي أو سيطور دورها؟ - سؤال مهم. إذن الشكل الذي تسير به دور الشباب هو كلاسيكي. لذلك جاءت مراكز القرب لتكون أكثر حداثة، لأنه كان علينا التفكير في دور الشباب التي باتت خالية ولا تستجيب للحاجيات. سنقوم أيضا بإعادة هيكلة دور الشباب ومراكز الاستقبال، التي تحولت إلى وحدات سياحية، ما دفعنا إلى التفكير في صيغة "بلادي للشباب" مع وزارة السياحة.