احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة السلطان مولاي سليمان، أخيرا، نشاطا ثقافيا ونقديا، خصص لقراءة رواية "مدائن نون" للكاتب سعيد العلامجانب من الندوة (خاص) وذلك في إطار الانفتاح على الطاقات المحلية والجهوية في مجال الإبداع. أشرف على تسيير الجلسة، التي تضمنت قراءة نقدية عالمة للرواية، محمد الأزهري، وافتتحت الجامعية رشيدة زغواني، أطوار هذا النشاط الثقافي، بمداخلة حملت عنوان "هندسة المتخيل في رواية "مدائن نون"، معتبرة أن المتخيل يقوم على هدم أنساق المراجع، في علاقة بالعلم المرجعي الحقيقي، من منطلق أن الرواية تمتص الحقيقة والتاريخ، ولا تحيل عليهما، وقد حاولت زغواني في مداخلتها إبراز الدلالات التي يحفل بها العنوان، باعتباره محرك فاعلية القراءة لدى المتلقي، ودلالة الشخصيات، مع العلاقة بين النص والخطاب في الرواية، ومعمارالمتخيل في الرواية، والهندسة العامة التي يقوم عليها، خاصة أن العنوان يرتبط موضوعاتيا بالكل الروائي، في نص يستحضر ملامح الوجود الإنساني مند المنشأ إلى النهاية. أما محمد العاملي فتحدث عن "البعد الإنساني في "مدائن نون": مقاربة أنتربولوجية"، مركزا على القيم والأنساق الثقافية والإنسانية، والإسهامات الأنتربولوجية في الرواية، إذ أبرز أن بعض فصول الرواية، تشير إلى ملامح ما قبل المدرسة التطورية، من خلال أنتربولوجية الشعوب الطبيعية، من منطلق أن جميع الشعوب بدأت من درجة الصفر، وعرج العاملي على حضور الفلسفة الأمازونية في الرواية، انطلاقا من اختلاط الأجناس والزواج بين الأصلاب، وبين الإخوة والأخوات (آل تراما)، وهو ما تشير إليه أحداث الرواية، إضافة إلى شيوع عادات وطقوس السحر، ودلالات بعض الرموز في هذا السياق . أما الباحث رشيد طلال، فركز في مداخلته على " أسطرة التسريد وأنسنة الأطروحة الروائية"، مبرزا مكونات اللعبة السردية، بواسطة سارد غفل يروي بضمير الغائب، أحداث رواية يتناول محكيها السردي، أحداث ثلاثة أجيال متعاقبة في فصول الرواية، التي اعتبرها رواية أصول وجذور بامتياز، بداية من قصة الحب، التي جمعت بين تراما وريما، فالسياقات السردية تنبني على أربع مكونات، تشكل النواة فيها العلاقة بين ريما وتراما، ثم شخصية نون وأبنائه، والسياق السردي الثالث، يتعلق بأحفاد تراما، أما الرابع فيمثل الروابط الجامعة بين السياقات السردية السابقة، وتطرق المتدخل، أيضا، إلى المنظور الزمني في إطار العلاقة بالتاريخ داخل الرواية، إضافة إلى المرجعيات الأسطورية والرمزية الحاضرة في الرواية، وختم مداخلته بالمنظور الأطروحي، الذي يؤطرأحداث الرواية، باعتبارأنها تتناول مظاهر الوجود الإنساني والحضاري، في سردية كرونولوجية، تخترق الحدث والزمن والمكان، لتعيد سؤال البداية والنهاية في الرواية. الكاتب سعيد العلام، أشار في كلمته،إلى أن الرواية هي أول أعماله الإبداعية، واعدا جمهور القراء، أن العمل ملحمي يضم ثلاثة أجزاء، ستخرج إلى السوق المغربي قريبا، فالتصور والهندسة المعمارية مكتملين، والرهانات التي تحكم العمل، جرى تسطيرها في علاقة بالجزء الأول، مبرزا خصائص تجربته في الكتابة الروائية، التي اعتبر أنها جاءت في مرحلة النضج، بعمل روائي يطمح إلى الكونية، ويتجاوزالبعد المحلي، لأنه يعالج القلق الوجودي لدى التجربة الإنسانية، ومظاهرها وملامحها في الصراع الأبدي بين الخير والشر، ولم ينف الكاتب المرجعيات الفلسفية، التي تحكم العمل الروائي، الذي يبقى تجربة إبداعية، استفادت الكثير من الأسطورة، التي تمثل عنوانا للتعالي عن الواقع، وليس الابتعاد عنه، في معالجة تناقضات وإشكالات والواقع، وختم كلمته بأن الفن هو مجال القول، والتعبير الإبداعي بكل حرية، عن كل ما يستطيع الكاتب أن يقوله في الفكر والفلسفة.