رغم بروز المرأة في الانتخابات الجماعية ليوم 12 يونيو 2009، بإحراز تقدم ملموس، منذ انتخابات 1983، إذ لم يتجاوز عدد الفائزات 43 امرأة، من 377 مرشحة، بينما فازت 84 امرأة، من 1651 مرشحة، في انتخابات 1997..وفي 2003، فازت 127 امرأة من أصل 6024 مرشحة، إلا أن البعض مازال يرى ذلك هزيلا، مقارنة مع ما تمثله النساء في الخريطة الديمغرافية للمغرب، إذ يشكلن50.1 في المائة من مجموع السكان، ويمثلن ثلث السكان النشيطين. وتناضل النساء، في إطار شبكات وحركات، من أجل الرفع من التمثيلية النسائية في الحقل السياسي، في أفق انتخابات 2012، بتنظيم سلسلة من المرافعات والتكوينات لفائدة المرأة والرجل، لتغيير العقلية الذكورية، وتمكين المرأة من مناصب القرار. وترى نزهة العلوي، منسقة شبكة "نساء من أجل نساء"، أن "المشاركة النسائية في المجال السياسي عرفت تقدما ملحوظا، وقفزة نوعية. ذلك أن المرأة استطاعت المشاركة في الحياة العامة، والحياة السياسية، والانخراط في النقابات، والوصول إلى البرلمان، والمجالس الجهوية والمحلية". وعزت ذلك إلى الوعي المتقدم، الذي تحظى به النساء، لاكتشافهن مجموع هذه المجالات، وضمنها المشاركة السياسية، مشددة أن للوعي دورا أساسيا في هذه النقلة. وأضافت العلوي ل"مساواة"، أن حركة شبكة "نساء من أجل نساء" تتكون من ممثلات عن كل الأحزاب السياسية، بغض النظر عن الاختلافات، إذ يبقى هدفها واحدا، وهو الرفع من تمثيلية النساء في مواقع القرار، في المجالس المنتخبة، والبرلمان، بغرفتيه، وفي الأحزاب السياسية، مبرزة أن استراتيجية الحركة ترمي إلى تكوين لوبي من أجل تحسيس الفاعلين، الذكور والنساء، على حد سواء، بأهمية المشاركة النسائية، وكذا الضغط والترافع لإفساح المجال أمام النساء، مشيرة إلى أنه "في ظرف سنة واحدة، أي منذ تكوين شبكة نساء من أجل نساء، جرى تكوين 1040 امرأة، ينتمين إلى مختلف الحساسيات، واستفدن من تكوين حول طرق التواصل، وكيفية التعامل مع وسائل الإعلام، وتلقين معارف أولية للقوانين المنظمة للانتخابات، ثم جاءت، عقب ذلك، عملية الترافع مع الأحزاب والبرلمان، التي لعبت دورا كبيرا، بالإضافة إلى خطاب جلالة الملك، في افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، الذي تضمن تعليمات قوية، من أجل تمكين النساء من تمثيلية مهمة في الانتخابات. إذن، هناك تلاقي الإرادات، زيادة على إصرار النساء على نزع المكتسبات، للرفع من تمثيليتهم". واعتبرت وصول 3428 امرأة إلى المجالس المحلية، خطوة متقدمة بالنسبة للمغرب، مستدركة أنه "لا يجب التوقف عند هذا الحد، فالمسيرة مازالة طويلة، ويجب تقوية قدرات هؤلاء النساء، حتى يؤدين الدور المنوط بهن، وأن يكون دورا فاعلا وفعالا، وليس شكليا، أي تكون لهن القدرة على الفعل". مشيرة إلى أن الشبكة وضعت برنامجا مرحليا، يرمي إلى تكوين 1200 امرأة من كل المجالس، وكذلك مسؤولين من الأحزاب. وأوضحت أن الدارالبيضاء كانت من بين المدن الأولى المستفيدة، وستليها مراكش، وبني ملال، ثم مدن أخرى، موضحة أن "الشبكة تشتغل على أساس عمل طويل النفس، وعلى المدى البعيد". وفي أفق التهييء للانتخابات التشريعية لسنة 2012، طالبت العلوي بضرورة تكوين المستشارات الجماعيات والجهويات، وإحداث خلية للتفكير في هيكلة الشبكة، وأخرى للتفكير حول مراجعة نمط الاقتراع والقوانين الانتخابية، بما يضمن رفع تمثيلية النساء، موضحة أن تمكين المرأة من المجال السياسي يدخل ضمن إرساء الديموقراطية، التي يعتبر وجودها رهينا بالمشاركة النسائية، وإتاحة الفرصة لتطبيق وجهة نظر النساء، والدفاع عن كل الفئات، وتمكين الشريحة المستضعفة من إسماع صوتها، "لتحقيق كل ما نصبو إليه من مساهمة المرأة في القرارات والمناصب السياسية". وحول آفاق التهييء لانتخابات 2012 التشريعة، قالت العلوي "نحن بصدد إرساء أسس "مدرسة للنساء"، لأنه، رغم وجود الرغبة في المساواة على صعيد التمثيلية النسائية، إلا أن هناك العديد من المثبطات، والتخوفات، والحواجز، الموضوعية والذاتية"، مشيرة إلى أنها مدرسة دائمة لتكوين النساء، وتأهيلهن، وتمكينهن من اكتساب المهارات والكفاءات، والثقة في النفس، والقدرة على المجابهة، إذ ستنظم دورات على مدار السنة لفائدة النساء، لإقناعهن بالانخراط في الأحزاب، التي تتناسب وقناعاتهن وطموحاتهن، لأن مشاركتهن ستعطي للأحزاب دماء جديدة، وأفكارا جديدة، كما ستمكنهن من الوصول إلى مواقع القرار داخل الأحزاب، حتى تكون لديهن سلطة القرار، ولا يُقرر بشأنهن". وخلصت إلى أن "المجال السياسي يجب ألا يبقى حكرا على فئة دون أخرى، إذ ينبغي إعادة الاعتبار للسياسة، وتغيير فكرة المواطن، الذي يعتقد أن السياسة هي كل ما يتعلق بالمناورات، والكواليس، والمصالح الشخصية، إضافة إلى تخليق المجال السياسي"/ مشددة على قناعتها بأن للنساء ما يكفي من القدرة والخبرة، بالنظر إلى طبيعتهن، لتحقيق هذا الهدف". من جهتها، ترى بشرى عبدو، عضوة المكتب الوطني للرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، أن "النسبة المخصصة للنساء مهمة جدا ، ومكنت من حضور نسائي جيد في كل المجالس القروية والمحلية. ففي بعض المجالس القروية، لم تتصور المرأة قط أن تصلها، لكن، بفضل التشجيع ونضالات الجمعيات، والحركة النسائية وصلتها"، معتبرة أن هذه "النتيجة إيجابية جدا "، وتوقعت أن ترتفع هذه النسبة في انتخابات 2012، شريطة أن "تبرهن النساء المنتخبات على أدائهن. فالرفع من حظوظ المرأة في المساهمة في الحقل السياسي، رهين بما حققته خلال فترة انتخابها في المجالس القروية والحضرية". وأضافت أن البند 36 من الميثاق الانتخابي ينص على أن تكون الجمعيات النسائية ممثلة، ما سيزيد من حضور النساء، لكي يصبح وازنا، ويتيح إمكانية الاتصال المباشر مع المنتخبات، مشيرة إلى أنه، مع اعتماد النسبة المائوية داخل الحزب، ورغم رفض الرجل وجود المرأة في المكاتب السياسية واللجان المركزية للأحزاب، أصبح للنساء حظوظ ليكن فاعلات في مواقع القرار. ثورية العمري، عضوة لجنة المتابعة في "الحركة من أجل الثلث بالمجالس المنتخبة في أفق المناصفة"، أكدت ل"مساواة" أن الحركة تستعد لعقد لقاءات تقييمية للمرحلة السابقة، استعدادا للمراحل المقبلة، المتمثلة في استحقاقات 2012، مبرزة أن هذه الهيئة "واعية بضرورة مواصلة المساهمة في النقاش حول الأداء الجماعي، وسعيا لجعل الجماعة المحلية وحدة مجالية تساهم في القضاء على التمييز والفوارق بين الرجال و النساء، وتسهر على التنمية المستدامة، المعتمدة على القرب، والمتمركزة حول الجنسين، ستواصل لقاءاتها، بحضور مجموعة من الفاعلين والفاعلات في المجال الحقوقي، والتنموي، والسياسي، لجعل الرهانات المرتبطة بتفعيل ما جاء في الميثاق الجماعي، رهانات مجتمعية، تستحق نقاشا، ووقفة تشارك فيها مختلف الفعاليات المهتمة بالشأن المحلي، ومنها إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في التسيير وميزانية الجماعة، ولجان المساواة وتكافؤ الفرص" . واعتبرت أن المشاركة السياسية للنساء شهدت تحسنا نسبيا، مقارنة مع ما كانت عليه في انتخابات 2003 الجماعية، موضحة أن "عدد المرشحات ارتفع، وكذا عدد النساء بالمجالس الجماعية، إلى 3408 مقاعد عوض 127 في انتحابات 2003 "، متوقعة رفع عدد المنتخبات في 2012. وقالت "يمكن الجزم أن هذه النتيجة المحصل عليها ترجع، بالأساس، إلى جهود الحركة من أجل الثلث وحلفائها، إذ اشتعلت، منذ تأسيسها، على المرافعة في محطات عدة، في إطار تغيير مدونة الانتخابات، وميثاق الجماعات المحلية، كما ساهمت في تحقيق مجموعة من المكتسبات، خصوصا نسبة 12 في المائة من المقاعد المنتخبة". ومن أجل دعم المشاركة السياسية للنساء، أبرزت أنه وضع برنامج لتحسيس الرأي العام حول الموضوع، ودعم قدرات النساء المقبلات على الترشح للاستحقاقات. واعتبرت أن "النتائج المحققة أبانت عن إمكانية الرفع من مستوى مشاركة النساء في المجال السياسي، مستقبلا. ورغم ذلك، لم تستغل جميع الفرص من طرف الأحزاب، للمساهمة الفعلية في الرفع من تمثيلية النساء، بفتح آفاق الترشيح أمام النساء باللوائح العادية، بل يزداد التباعد بين الانتخابات الجماعية واانتخابات الغرف والمجالس الإقليمية، إذ سجل تدني كبير للتمثيلة النسائية". ومن هذا المنطلق، أوضحت العمري أن "الحركة من أجل الثلث، ومنذ تأسيسها، أكدت مأسسة الإجراءات الضامنة لاستمرار تمثيلية سياسية للنساء، في مستوى الاقتدار المدني، الذي حققته النساء المغربيات، سواء في المجال الحضري أو القروي. وبالتالي، الحفاظ على المكتسبات وتعزيزها".