تسود حالة من الترقب داخل الأوساط السياسية، خاصة النسائية منها، حول ما ستؤول إليه الأوضاع بعد الانتخابات الجماعية، لاسيما بعد الجهود التي اتخذتها الدولة للدفع بتمثيلية النساء، عبر إحداث صندوق خاص بدعم تمثيلية النساء، خصص له مبلغ 10ملايين درهم من ميزانية الدولة، إلى جانب التعديلات المحدثة على مدونة الانتخابات التي رفعت من عدد المقاعد المخصصة للنساء إلى 12 في المائة بدل 0.56، حيث من المنتظر أن يصل عدد المنتخبات في المجالس الجماعية بعد انتخابات ال12 من يونيو إلى 3260 منتخبة. هذا الخط التصاعدي للتمثيلية النسائية يراه البعض مكسبا مهما من الناحية العملية مقارنة بما سجل في انتخابات 1983، حيث لم تتجاوز نسبة المرشحات الفائزات 43 امرأة من بين 377 مرشحة، بينما في انتخابات 1997 فازت 84 امرأة من بين 1651 مرشحة، وفي 2003 فازت 127 امرأة من أصل 6024 مرشحة. إلا أن البعض الآخر يرى ذلك هزيلا إذا ما قورن مع ما تمثله النساء في الخريطة الديمغرافية للمغرب، والتي تشكل نسبتهن 50.1 في المائة من مجموع ساكنة المغرب ويمثلن ثلث السكان النشيطين. وتشير الأصداء الأولية لانطلاق عملية التصريح بالترشيح إلى أن نسبة ترشيح النساء تعرف تصاعدا في المناطق الحضرية والقروية والشبه حضرية، ولاسيما في مدن تطوان، طنجة، وجدة، أكادير، طاطا والدارالبيضاء، كما صرحت بذلك خديجة الرباح، رئيسة الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء في أفق المناصفة، مضيفة ل«المساء» أنه من المتوقع أن تتجاوز نسبة تمثيلية النساء الحد المسطر قانونا، وأكدت بسيمة الحقاوي، رئيسة لجنة القطاعات الاجتماعية بالبرلمان، عن حزب العدالة والتنمية في تصريحها ل «المساء»، أن الحزب تمكن من تغطية الدوائر الانتخابية بصفة شاملة فيما يخص اللوائح الإضافية، ولم يتم الحسم في عدد وكيلات اللائحة باستثناء مدينتي الدارالبيضاء وطنجة. تغطية اللوائح الإضافية بنسبة 100 في المائة أكده مصدر من حزب الحركة الشعبية، بينما حسم في وكيلة للائحة بمدينة لفقيه بنصالح، وميلودة حازب عن حزب الأصالة والمعاصرة اكتفت بالقول في تصريحها ل«المساء»إن عملية ترشيح النساء مازالت جارية وفي ارتفاع مطرد، ولم يتم الحسم بعد في عدد وكيلات اللوائح الفردية. ورغم المؤشرات الإيجابية هاته إلا أن عملية استقطاب النساء للترشح لانتخابات 12 من يونيو المقبل، تشهد صعوبات أكثر حدة مما تشهده العملية نفسها لدى الرجال، إذ لم تخف بسيمة الحقاوي مسألة شح تقبل النساء للترشح، وأرجعتها حسب قولها لكثرة الأدوار لدى المرأة، وتخوفها من الإخفاق في أداء وظيفة ما على حساب أخرى. وأضاف مصدر من الحركة الشعبية أن إقناع المرأة بالترشح يأخذ وقتا ليس بهين، لا سيما لدى النساء اللائي يحظين بنصيب أكبر من التعليم، إذ يترددن كثيرا قبل القبول بالترشح مخافة أن ينعكس ترشحهن سلبا على سمعتهن أو على مصداقيتهن في العمل، هذا إن لم يفضلن الانسحاب في آخر لحظة. الأمر نفسه يؤكده باحثون أيضا، معللين ذلك بكون المرأة تميل بحكم طبيعتها إلى الانخراط في العمل الجمعوي والإنساني أكثر. خلود السباعي، أستاذة علم الاجتماع، تعتبر الرفع من الكوطا لدى النساء من الناحية القانونية مكسبا مهما، لكنها تفرض سؤالا من الناحية العملية تعتبره ملحا، هو مدى قدرة النساء على تقلد المناصب السياسية وأين هن النساء اللائي سيترشحن، لاسيما في المناطق النائية والجبلية التي تعرف افتقارا للمرافق الأساسية إذا استثنيا المدارات الحضرية للمدن الكبرى، معربة عن تخوفها من أن تعد هذه الخطوة مجازفة تسير ضد صالح المرأة التي ستجد نفسها مقحمة في المجال السياسي دون رغبة منها ودون كفاءة، ليكون وجودها في الساحة السياسية مجرد ملء للفراغات فحسب.