تنظم جمعية "منار الحوز للتراث الروحي" والشرفاء الأمغاريون بشراكة مع عمالة إقليمالحوز والمجلس الإقليمي والمندوبية الجهوية للشؤون الاجتماعية بالجهة، الدورة الثالثة لملتقى التراث الروحي للحوز، بمنطقة مولاي إبراهيم يومي 13 و 14 مارس الجاريوذلك تحت شعار "دعم الهوية الروحية والتراثية أساس التنمية الاجتماعية"، واحتفاء بعيد المولد النبوي الشريف، بمشاركة ممثلي المدارس القرآنية ومجموعة من المنشدين المنتمين إلى مختلف مناطق المغرب. وأوضح أعضاء جمعية منار الحوز في لقاء صحفي، بمقر الفضاء الإقليمي للجمعيات بتاحناوت (إقليمالحوز)، أن اختيار جماعة مولاي إبراهيم لتنظيم هذا الملتقى الثقافي والديني، يعود لاعتبارات تاريخية وروحية بالنظر إلى كون منطقة أغمات تعد أقدم منطقة إسلامية في المغرب، إضافة إلى كونها مهد انطلاق الدولتين المرابطية والموحدية، كما تشير بعض المصادر التاريخية، فضلا على تميز المنطقة بتعدد مآثرها التاريخية وبموروثها الثقافي ورجالاتها المتصوفين، الشيء الذي تعكسه عادات وتقاليد تميزها عن مناطق أخرى. وأضاف أعضاء الجمعية أثناء تقديمهم فقرات برنامج التظاهرة التي ستجمع بين التراث التاريخي والعلمي والروحي الذي يميز إقليمالحوز، أن الهدف من هذا الملتقى هو إحياء الموروث الروحي بإقليمالحوز، وإبراز المعالم الروحية بالإقليم، من خلال الاهتمام برجالات السلوك الصوفي والعلمي والقرآني والسماعي بالحوز، وجعل حرم الولي الصالح مولاي إبراهيم بن أحمد الأمغاري مقرا للملتقى تقييما للدور الإشعاعي الروحي الكبير الذي لعبته الزاوية الأمغارية بإقليمالحوز، بالإضافة إلى تكريس الدور الفعلي للتراث الروحي في دعم الهوية الروحية المغربية الأصيلة. وقال مولاي هشام السعيدي، مدير الدورة الثالثة ورئيس جمعية "منار الحوز"، إن المنظمين استطاعوا إخراج الملتقى من دائرة المحلية والجهوية والارتقاء به إلى الوطنية، وجدد دعوته إلى جميع المسؤولين من أجل تقديم الدعم اللازم للتظاهرة لإنجاحها والرقي بها إلى مصاف التظاهرات الدينية المعروفة بالمغرب. وسيجري على هامش الدورة الثالثة من الملتقى تنظيم معرض للكتاب والخط العربي ومعارض تراثية يجري من خلالها التعريف بالمخزون التراثي والروحي بالإقليم، إضافة إلى إقامة عروض وندوات وملتقيات ومجالس تهم مختلف جوانب التراث الروحي بالإقليم بمشاركة عدد من العلماء، قصد التعريف بما يزخر به الإقليم من مكامن العطاء الروحي، وبالتالي تقريب سكان الإقليم من الملتقيات الثقافية تكريسا للانفتاح على الطاقات والفعاليات الاجتماعية، وترسيخا لمبادئ التضامن والإخاء، من خلال تنظيم حملة طبية لفائدة أبناء المنطقة وحفل إعذار سيستفيد منه حوالي 150 طفلا من أسر معوزة. وتسعى جمعية "منار الحوز" من خلال هذا الملتقى إلى العناية بالتراث الروحي والثقافي لإقليمالحوز وتقييم معالمه التاريخية البارزة والعمل على خلق بوادر الإشعاع الروحي والحضاري والتراثي وتكريس السياحة الثقافية بإقليمالحوز، من خلال السهر على تنظيم الملتقى الروحي السنوي لإقليمالحوز بموازاة مع الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي، وجعل المجال الطبيعي والروحي للإقليم مقاما مناسبا لاحتضان العمل القائم على إحياء التراث الروحي بالإقليم، وتشجيع البحث العلمي في التراث الروحي لإغناء الذاكرة الروحية والتاريخية بالإقليم. تجدر الإشارة إلى أن منطقة مولاي إبراهيم، تعرف باسم "كيك" وهي منطقة جبلية تقع في أحد مرتفعات الأطلس الكبير، كانت إلى حدود بداية القرن العاشر الهجري شبه خالية من السكان، إذ لم يكن بها سوى سبع عائلات عندما قصدها الولي الصالح مولاي إبراهيم قادما إليها من مدينة مراكش على عهد الملك السعدي مولاي زيدان فسلم له الولي سيدي محمد أوبراهيم، الذي انتقل إلى رباط في مكان يسمى "الوس" كما سلم له أهل المنطقة، بعد أن اتفقوا معه على عهود وشروط. وتذكر المصادر التاريخية أن الولي الصالح مولاي إبراهيم سليل الشرفاء المغاريين، هو مولاي إبراهيم بن مولاي أحمد بن عبد الله بن الحسين الأمغاري، ينتهي نسبه إلى جده أبي عبد الله محمد بن أبي جعفر إسحاق أمغار الصنهاجي، الذي كان برباط تيط انفطر"عين الفطر" قرب أزمور، لقب بطير الجبال لأنه كان يعيش في خلوته الاختيارية بجبل "كيك"، التي مازالت من أهم المزارات الأثرية بالمنطقة لحد الآن، نشأ في بيئة صوفية محضة بزاوية تامصلوحت، التي أسسها جده عبد الله بن حسين بتوجيه من شيخه عبد الله الغزواني، وعندما اشتهر أمره وتوسم الناس فيه الخير اجتمعوا عليه وتتلمذوا على يديه، واختار لزاويته منطقة جبلية محصنة "كيك"، وترك زاوية تامصلوحت في السهل حيث أسرته وعصبيته ومريدو والده وجده، فشاع ذكره وقصده المريدون من مختلف الجهات. وتقول بعض الأساطير أن الولي الصالح مولاي إبراهيم اجتمع لديه في يوم واحد ثلاثون ألف رجل وتسعة آلاف امرأة، فأكرمهم وأطعمهم جريا على عادة جده ووالده في الإطعام والعطاء الوفير، ساعده في ذلك غناء المنطقة بمراعيها ومزارعها وغللها ومواشيها، وكان يفصل بين الأفراد والقبائل في النزاعات الشخصية والجماعية حول المياه والمراعي، ومن غريب ما يروى عنه تركه حلق الشعر والزينة إذا دخل شهر محرم، وإذا ليم على ذلك قال "ما فعلنا هذا إلا امتعاضا لقتل الحسين"، ومن أقواله المأثورة "لا يأتينا إلا من آمنه الله، إن مقامنا هذا مقام إبراهيم الخليل ومن دخله كان آمنا" ، و"دارنا دار سر لا دار علم".