خلفت جوائز المهرجان الوطني للفيلم، الذي اختتمت فعالياته، أخيرا، بطنجة بمشاركة خمسة عشر فيلما روائيا طويلا، بفوز فيلم "البراق" لمحمد مفتكر بالجائزة الكبرى، وفيلم "شقوق" لهشام عيوش بجائزة العمل الأول، ردود أفعال متباينة، من طرف أغلب المخرجين، الذين شاركوا في المسابقة الرسمية.ففي الوقت الذي عبر البعض عن استيائهم من لجنة التحكيم، التي ترأسها المخرج السينمائي تيميتي باسوري من الكوت ديفوار، وضمت كلا من نزهة الدريسي، ويطو برادة، ومحمد دهان، وحسن نرايس من المغرب، ولحمين بوعلام من فرنسا، ومنعم ريشا من لبنان، عبر آخرون عن رضاهم عن اللجنة، معتبرين أن الجوائز كانت في محلها. وفي هذا السياق، عبر المخرج المغربي، محمد إسماعيل، بنبرة مصحوبة بالأسف والحسرة، عن رفضه نتائج الدورة الحادية عشرة للمهرجان، معلنا أنه لم يكن راضيا عنها بتاتا. وشكك إسماعيل في مصداقية لجنة التحكيم، التي تجاهلت معظم الأفلام المشاركة، رغم جودتها ونجاحها بشهادة العديد من المتتبعين والمهتمين، متسائلا في حديث إلى "المغربية" "أي سينما يريدون؟ هل سينما محمد إسماعيل لم يعد مرغوبا فيها؟" واعتبر إسماعيل أن لجنة التحكيم لم تكن في المستوى، إذ كيف يعقل أن يترأسها إفريقي لا علاقة له بالسينما، حسب وصفه، لأنه أخرج منذ عشرين سنة وثائقيا واحدا فقط، ليحكم في النهاية عن أعمال كلفت أزيد من 4 ملايير درهم، وتساءل أيضا حول غياب السينمائيين المغاربة عن لجنة التحكيم، لأنهم الأدرى بفنهم، مؤكدا أن هذه النتائج، جعلته يكره السينما. وأضاف إسماعيل أن "الأفلام المتوجة، أفلام غير واضحة ولا يمكن أن تحقق أدنى نجاح جماهيري، لأن الجمهور سيكون مضطرا لحمل قاموس كي يفهمها"، مؤكد أن مثل هذه الأفلام ستبعد الجمهور عن السينما وستزيد من تفاقم الأزمة. وأوضح إسماعيل أنه لا ينجز أفلاما ساقطة ومبهمة، بل يحرص على جودة القصة، وإمكانيات الممثلين، لإرضاء الجمهور، الذي "أعتبره أكبر سند للعمل السينمائي". بالنسبة للجوائز، أضاف إسماعيل أنه ليس الوحيد الذي عبر عن عدم رضاه، بل هناك مجموعة من المخرجين يقاسمونه الرأي، مشيرا إلى أنها السنة الثالثة، التي يقصى فيها من الجوائز، فبعد فيلم "هنا ولهيه" لم يحصد أي جائزة، رغم أن فيلم "وداعا أمهات" نال جوائز عربية ودولية. وكشف المخرج المغربي أنه بدأ يتلقى اتصالات من قبل مهرجانات دولية، إذ سيشارك بفيلمه "اولاد لبلاد" في مهرجان مونس ببلجيكا. من جهته، قال محمد عهد بنسودة مخرج فيلم "موسم لمشاوشة" إن بعض جوائز المهرجان لم تكن في محلها، واصفا معظم الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية بالجيدة، خصوصا أنها تناولت تيمات متنوعة أضافت الشيء الكثير للسينما المغربية، وجعلت من مهرجان طنجة مهرجانا ناجحا بامتياز، رغم بعض الهفوات، التي يمكن تداركها في ما بعد. وعاتب بنسودة لجنة التحكيم، على تتويجها لأعمال قال إن بعضها غارق في التجريد، وأخرى بعيدة كل البعد عن السينما الإيجابية التي تحترم الجمهور، والتي وصفها غير ما مرة بالسينما "السلبية"، مضيفا أن السينما الحقيقية هي تلك التي تعمل على تقديم "مغرب جميل" و"تكون قادرة في الوقت ذاته على تسويقه في الخارج". وأشار بنسودة بنبرة ممزوجة بالحسرة، إلى أن الأفلام التي باتت تتوج في المهرجانات، خصوصا الوطنية، أفلام ساقطة ومبتذلة، لا تشرف السينما المغربية بالخارج. فالمغرب، حسب بنسودة، "ليس فقط، تجار المخدرات أو المهاجرون السريون، أو أوكار الدعارة، وإنما هو تاريخنا وكل تلك الأشياء الجميلة، التي تمثل ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا. من جانبه، عبر المخرج المغربي، محمد مفتكر، عن سعادته لفوز فيلمه "البراق"، بالجائزة الكبرى للمهرجان، مشيرا إلى أن الفن إحساس وتفكير وإنصات للواقع، معتبرا الجائزة بداية لمسار فني جديد، يتمنى أن ينعكس إيجابا على الساحة السينمائية المغربية، مضيفا أن الجائزة ليست استثناء، بل هي جائزة السينما المغربية ككل، لأنه حسب قوله "لدينا مخرجون أكفاء، لهم طاقات متميزة". وأوضح مفتكر أنه هيئ فيلم "البراق" بإخلاص، وأعطاه الوقت الكافي في الإخراج، مشيرا إلى أنه رغم تعدد الآراء حول إعجاب المتتبعين ورفضهم للفيلم، إلا أن أغلب الآراء أكدت أن الفيلم يحترم، وهذه الشهادات هي الجائزة الحقيقية للفيلم. وعبر مفتكر، الذي توج فيلمه بخمس جوائز، عن إعجابه بفيلم "الرجل الذي باع العالم" للأخوين النوري، مبرزا أنه كان يتوقع أن يحصد الجائزة الكبرى، مشيرا إلى أن معظم الأفلام المشاركة كانت جيدة، وأن عدم تتويج بعضها لا ينقص من قيمتها، واصفا لجنة التحكيم بالجيدة. من جانبه ذكر المخرج حسن بنجلون أن المهرجان كان في مستوى السينما المغربية، وفي مستوى تطلعات كل مهنيي القطاع. وأشار المخرج حسن بنجلون، الذي حصل على جائزتين في المهرجان عن شريطه "المنسيون "، إلى أن نتائج لجنة التحكيم بالنسبة إليه كانت مرضية، لكنها على العموم تعبر عن رأي ستة أو سبعة أشخاص، وهي نتائج لا تخلو من ذاتية أعضائها، لأنه قد يروق لهم شريط ولا يروق لهم آخر. وبخصوص الجدل الدائر حول شريط "شقوق" للمخرج هشام عيوش، الذي يرى العديدون أنه لا يستحق التتويج، ذكر بنجلون أن الشريط ربما يتأسس على كتابة جديدة ومخالفة، قد تصدم البعض، وأعتقد أن "الجائزة منحت له تقديرا له على شجاعته في تقديم سينما مغايرة".