نطلقت أول أمس الجمعة بمدينة تطوان فعاليات احتفالية كبرى بمناسبة تصنيف مدينة الحمامة البيضاء من طرف منظمة اليونسكو مدينة مبدعة في مجال الصناعة التقليدية والفنون الشعبية. وتهدف الاحتفالية، المنظمة بتعاون بين عدد من الشركاء المؤسساتيين إلى غاية 13 ماي الجاري تحت شعار “تطوان، إبداع عبر العصور”، إلى إبراز الإرث اللامادي الغني والمتفرد لمدينة تطوان، والذي يتمثل في عدد من الصنائع والحرف والتقاليد والفنون التي تنفرد بها وتميزها عن سائر الحواضر، والعمل على المحافظة على هذا الإرث وتثمينه والتعريف به. ويتضمن برنامج الاحتفالية ورشات موضوعاتية تتطرق إلى “الآفاق الاقتصادية والاجتماعية لمهن الصناعة التقليدية الفنية”، و”الترميم والحفاظ على التراث المبني : تحدي المواد والمعارف العلمية”، و”إعادة تنشيط قطاع الجلد والصناعة الجلدية بتطوان”، و”تقوية القدرات الإبداعية للصانع التقليدي والفنان والمهندس المعماري”. كما سيتم بالموازاة مع ذلك تنظيم استعراض مدرسي خاص بالفنون الشعبية التراثية للمدينة، وتنظيم ورشات تواصلية حول فنون الصناعة التقليدية لفائدة الأطفال والشباب، وتنظيم المعرض الأول لربيع الحرف والصنائع. في هذا الإطار، أبرز عامل إقليمتطوان، يونس التازي، أن مدينة “تطوان مدينة مبدعة بالنظر لما تزخر به من موروث حضاري وثقافي هام جدا”، موضحا أن هذه الاحتفالية ستمكن من التوقف عند “المؤهلات المتوفرة التي تشكل فرصة للانطلاق نحو آفاق جديدة لإبراز الحرف المبدعة بتطوان وتراثها العريق، خاصة وأنها صنفت منذ عام 97 ضمن قائمة التراث الإنساني”. واعتبر أن انضمام تطوان إلى شبكة المدن المبدعة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) يدل على غنى الرصيد الثقافي والحضاري للمدينة كما سيعطي دفعة جديدة لإشعاعها الثقافي، داعيا إلى العمل وفق مقاربة تشاركية لتفعيل برامج عمل وأنشطة لتطوير كافة الحرف والفنون التقليدية والفنون الشعبية. من جانبه، اعتبر وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، محمد ساجد، أن مدينة تطوان “مبدعة بناسها وأدبائها وشعرائها وفنانيها وصانعيها”، معتبرا أن هذا الانضمام “سيقوي إشعاع المدينة العتيقة وتراثها الثقافي والمعماري والحضاري”. وبعد أن أشار إلى أن الجهود المتعاقبة مكنت من إبراز التراث المعماري والثقافي لهذه الحاضرة العريقة بشمال المملكة، اعتبر أن التتويج هو “إنصاف لهذه المدينة المتميزة، خاصة وأن تطوان تعتبر أول مدينة مغربية تنضم لشبكة المدن المبدعة”. من جانبه، استحضر وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، الرصيد الغني والعريق لمدينة تطوان في المشهد الثقافي المغربي على مر العصور، منوها بهذه الاحتفالية التي حاولت أن تسلط الضوء على مختلف جوانب هذا الرصيد، سواء من خلال التراث الثقافي أو الصناعة التقليدية. من جانبها، اعتبرت كاتبة الدولة في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، جميلة مصلي، أن اختيار تطوان مدينة مبدعة في مجال الصناعة التقليدية والفنون الشعبية هو “في الواقع تتويج للحرف والصناعة التقليدية المغربية بمجملها”، مذكرة بتاريخ التلاقح الثقافي بهذه الحاضرة والذي خلف وراءه تراثا متميزا وحرفا متنوعة. وأشارت إلى أن المعرض الأول لربيع الحرف والصنائع، الذي افتتح اليوم الجمعة بالموازاة مع انطلاق الاحتفالية، يعكس “رونق المدينة وذوق سكانها العالي وانخراط الأجيال الصاعدة في صون هذا التراث الحرفي”، معتبرة أن “الرأسمال اللامادي مهم جدا ويتجلى على الخصوص في الصناعة التقليدية والثقافة”. من جانبه، أكد رئيس الجماعة الحضرية لتطوان، محمد إدعمار، أن ملف ترشيح تطوان للانضمام لشبكة المدن المبدعة كان “قويا ومبررا”، مبرزا أن هذا “التتويج المستحق هو نتاج تراكم سنوات من مساهمات الصانع التقليدي، ما مكن تطوان من أن تصبح أول حاضرة مغربية وثالث مدينة عربية تنضم للشبكة”. من جهته، تطرق المدير العام لوكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، منير البويوسفي، إلى الجهود التي بذلتها الوكالة على مر السنوات في مجال إعادة وتأهيل ورد الاعتبار للمدن العتيقة بجهة الشمال، خاصة من خلال ترميم المعالم التاريخية ودعم تصنيف المدن العتيقة على المستوى الدولي، معتبرا أن هذه التصنيفات من شأنها تعزيز موقع المغرب على خريطة التراث الإنساني، والعمل على صيانة التراث والمحافظة عليه. تجدر الإشارة إلى أن منظمة اليونسكو أحدثت عام 2004 شبكة المدن المبدعة بهدف تقوية التعاون بين المدن التي تتبنى الابداع والابتكار كعامل استراتيجي في تحقيق التنمية المستدامة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، حيث تغطي الشبكة سبعة مجالات تتمثل في الصناعة التقليدية والفنون الشعبية والفنون الرقمية والتصميم والسينما والأدب والموسيقى والطبخ.