عقدت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، بحر الأسبوع الماضي، اجتماعات لهيآتها التنفيذية تناولت القضايا الأساسية المرتبطة بالدخول الاجتماعي والسياسي، وأساسا، القضايا التي تهم الطبقة العاملة والحركة النقابية، وفي خضمها الحوار الاجتماعي وتعاطي الحكومة مع الملفات المعلقة. وانكبت الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، في اجتماع عقد الثلاثاء الماضي، على مناقشة وتحليل الوضعية الاجتماعية المتأزمة و»ما يطبعها من هشاشة، وما يشوب الدخول الاجتماعي من معيقات، تعرقل مسيرة الطبقة العاملة والجماهير الشعبية نحو مجتمع الكرامة والعدالة الاجتماعية». وتناولت تدخلات أعضاء الأمانة الوطنية «الحصيلة الاجتماعية السلبية للحكومة السابقة في مجال الحوار الاجتماعي وسبل تجاوز المعيقات، وعدم تكرار السقوط في تجربة دفعت العمال والموظفين والمستخدمين إلى تأدية فواتير سياسات عمومية لا شعبية، تقف على النقيض من المقاربة الاجتماعية». ووقفت قيادة الاتحاد على حصيلة 100 يوم من أداء الحكومة الجديدة، وسجلت «أن الأداء الحكومي لم يأت بشيء يذكر لصالح الشغيلة المغربية من تحسين أوضاعها المادية والمهنية وحماية حقوقها والاستجابة لمطالبها، بالتالي فهي حصيلة سلبية بالنسبة للمأجورين». وأكد الاتحاد «على ضرورة تبني مقاربة جديدة بناءة، تبتغي إخراج الحوار الاجتماعي من المأزق الذي يتخبط فيه إلى مفاوضات حقيقية، حول قضايا معروفة لدى الحكومة لتحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للشغيلة». كما جدد «موقفه الرافض لأي مس بحق الإضراب، حقا دستوريا تضمنه المواثيق الدولية»، مدينا ما وصفه ب»الطريقة الدنيئة للحكومة السالفة، التي تمت بها صياغة مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وذلك بدون أدنى استشارة مع الحركة النقابية، وإحالته على البرلمان، في موضوع يهم بالدرجة الأولى الحركة النقابية، وذلك في خرق سافر للمقاربة التشاركية والالتزامات الدولية لبلادنا بشأن الحوار الاجتماعي والتفاوض». ورفضت قيادة الاتحاد أي إجراء تراجعي لمدونة الشغل، «تُقدم الحكومة من خلاله الطبقة العاملة قربانا لأرباب العمل لتكريس الاستغلال والهشاشة في عالم الشغل»، كما قررت اتخاذ مجموعة من التدابير التنظيمية والآليات النضالية، بدءا بتوجيه مذكرة إلى رئيس الحكومة حول الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة، وضرورة التعاطي الايجابي مع مطالب كافة المأجورين. واستعرض المكتب المركزي للفدرالية الديمقراطية للشغل، في اجتماع عقد الاثنين الماضي بالبيضاء، «السمات المقلقة للدخول الاجتماعي والسياسي ووضعية الانتظارية المتعددة الأوجه التي تعيشها بلادنا، كما تداول في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتداعياتها على أوضاع الشغيلة المغربية بصفة خاصة وعموم المواطنين بصفة عامة، في ظل انسداد قنوات الحوار الاجتماعي وتجميد الأجور وتدهور القدرة الشرائية». ودعت الفدرالية الحكومة إلى الإسراع في إطلاق الحوار الاجتماعي والاستجابة لمطالب الشغيلة المغربية من خلال الزيادة في الأجور والتخفيض من الضريبة على الدخل في إطار تعاقد اجتماعي، يضع حدا لأكثر من ست سنوات عجاف لم تعرف ولو إجراء واحدا لدعم القدرة الشرائية للمأجورين التي تعرف تدهورا مستمرا بفعل الزيادات المتتالية في الأسعار. وطالبت النقابة بإخضاع مشروع القانون المالي ل2018 للتشاور مع الفاعلين الاجتماعيين لإيلاء المسألة الاجتماعية وضعا محوريا داخل هذا المشروع، وفي مقدمته تحسين الأوضاع المادية والمهنية للمأجورين ودعم القدرة الشرائية للمواطنين. ودعا المكتب المركزي الحكومة إلى تنفيذ ما تبقى من الاتفاقات السابقة خاصة اتفاق 26 أبريل 2011، خاصة في مقتضياته المتعلقة بالحريات النقابية والوفاء بالتزاماتها في ما يتعلق بالاتفاقات القطاعية، ودعوة المسؤولين على القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركات الوطنية ومقاولات القطاع الخاص إلى فتح الحوار القطاعي والاستجابة لمطالب هذه الفئات وعدم الزج بالوضع الاجتماعي في متاهات التوتر بالتقرير الانفرادي في القضايا الكبرى للشغيلة نظير النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ومدونة الشغل والقانون التنظيمي للإضراب.