يواجه الاقتصاد المغربي مزيجاً من المصاعب في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب الصدمات المحلية والدولية، من بينها ارتفاع معدلات التضخم التي غالبا ما تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي، والجفاف والكوارث الطبيعية، أبرزها زلزال الحوز، الذي خلف دمارا عميقا في البلاد. وفي ذات السياق، قالت منظمة الصحة العالمية إن 300 ألف شخص في مراكش وخارجها قد تأثروا من الزلزال المدمر الذي عرفته المملكة المغربية والذي بلغت قوته 7 درجات على سلم ريختر، ويعتبر هذا الزلزال هو الأقوى في المغرب منذ 120 عاما، وتحديدا منذ عام 1960، عندما أودى الزلزال حينها بحياة 12 ألف شخص تقريبا. وعلى إثر هذه الكارثة الطبيعية التي أصابت المملكة، فمن المتوقع كثيرا حدوث زخم تدريجي في الاقتصاد المغربي، نتيجة للظروف الصعبة التي شهدتها البلاد، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق بالمملكة، ويعتبر الزلزال من بين العوامل التي تؤثّر في الاتجاهات طويلة الأجل والتقلبات قصيرة الأجل، إلى جانب الأعاصير والكوارث الطبيعة عموما. وقد أصدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، تقديرات تصب في أن المغرب يواجه خسائر من المحتمل أن تصل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي إثر هذا الزلزال العنيف، ومن المرجح كذلك أن تتراوح الخسائر بين مليار دولار و10 مليارات دولار، مع تحذيرات من مسؤول في الهلال الأحمر أن الاستجابة قد تستغرق "شهوراً، إن لم تكن سنوات". توقعات محلل اقتصادي - Advertisement - قال محمد جدري، محلل اقتصادي في تصريحه لجريدة "المغرب 24″، "اعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن الكلفة الإجمالية للآثار الاقتصادية بزلزال الحوز، لكن الأرجح أن نتكلم عن الخسائر التي تكبدها المغرب، فيما يتعلق بالأرواح والموارد البشرية التي كانت تساهم في خلق الثروة وفي بناء البلاد كل من موقعه، انطلاقا من توفرها على خبرة وتجارب كثيرة سواء في القطاع الفلاحي أو السياحي أو قطاع الخدمات العمومية. وواصل المحلل الاقتصادي قائلا، "نتكلم اليوم عن انهيار الطرقات وخراب المسالك الطرقية ونتكلم كذلك عن 500 مدرسة قد تم تدميرها بالكامل بالإضافة إلى المستوصفات وشبكات الهاتف النقال وكذلك كل ما يتعلق بالماء والكهرباء والمباني والمساكن ". كلفة تقريبية وفي ذات السياق، أضاف المتحدث، أعتقد بأن هذه الأضرار الجسيمة تقدر بمئات الملايين من الدراهم، وتقوم الحكومة اليوم بمجموعة من الإجراءات، تقوم أساسا على ثلاث مستويات متوازية والتي يجب على الحكومة مواصلة العمل عليها، أولها كل ما يتعلق بالمجهودات الجبارة لرفع الأنقاض وكذلك التكفل بالجرحى في المستشفيات العامة والخاصة وتوفير المسكن المؤقت والأغطية والمواد الغذائية والمواد الطبية وشبه الطبية لهؤلاء الضحايا. - Advertisement - وأردف قائلا، ولا ننسى طبعا أن نخص بالذكر، مجهودات المجتمع المدني من أفراد وجماعات، مواطنات ومواطنين في جمع المواد الأولية والأغطية والمواد الطبية والصيدلانية والملابس وما شابه ذلك وتوصيلها للمناطق المنكوبة، ونذكر كذلك الحساب الخاص الذي أحدثته الحكومة المغربية على غرار الحساب الذي كان إبان جائحة "كورونا" والذي جمعنا فيه 33 مليار درهم والتي ساهمت في عودة الأنشطة الاقتصادية، إلى مسارها الطبيعي. إعادة الإعمار شدد محمد جدري المحلل الاقتصادي، على ضرورة التكافل والتآزر بين المغاربة، قائلا، المغاربة اليوم مطالبون بتعبأة الموارد المالية من أفراد وجماعات ومقاولات خاصة ومؤسسات عمومية ومغاربة العالم، لكي نقوم بإعادة الإعمار وكذلك ترميم مجموعة من المساكن والطرق والمستوصفات وشبكة الكهرباء والماء والهاتف النقال. وهذا هو الحال كذلك بالنسبة لعودة الأنشطة الاقتصادية لهؤلاء المتضررين من الزلزال عن طريق توفير القطيع الحيواني وعودة مجموعة من الأنشطة الاقتصادية، بالإضافة إلى التكفل باليتامى وبالأشخاص في وضعية صعبة دون أن ننسى بأن المغرب مدرسة في الأخلاق والمعاملات والتآزر فيما بينهم، ونتكلم لأول مرة عن الاحتياطات الجهوية لكل جهة على حدة في كل ما يتعلق بالخيم والمواد الغذائية والمواد الطبية وشبه الطبية والأغطية لكي نكون على أهبة الاستعداد تهيأ لأي كارثة مستقبلا. وبالنسبة للمساعدات الدولية التي جاءت من مجموعة من الدول الصديقة والمنظمات الدولية يمكنها كذلك أن تساعد في إعادة الإعمار وفي عودة الحياة إلى طبيعتها لهذه الفئة من الناس الذين تأثروا بشكل كبير ماديا ومعنويا ونفسيا.