خلال زيارته لإسرائيل التي بدأت اليوم الأربعاء، تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الدفع قدُما "من أجل شراكات أمنية أعمق وأكثر علنية بين الدولة اليهودية والدول العربية"، وفق ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الثلاثاء، نقلا عن مسؤولين كبار في الإدارة. ونقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن مسؤولين إن "الاتصال والتعاون كانا موجوديْن بالفعل على مستوى ضيق وسري بين إسرائيل وبعض الدول العربية"؛ لكن إعلان التقاربات الدبلوماسية التاريخية في عام 2020، والمعروفة باسم "اتفاقيات أبراهام"، سمح بعلاقات عسكرية أعمق تم الإعلان عنها تدريجيا في الأشهر الأخيرة، وتعززت بتبادل زيارات متتالية بين تل أبيب وعواصم دول عربية، من بينها الرباط. وسبق لبيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، أن أعلن، الأسبوع الماضي، عن "عقد مسؤولي الدفاع الإسرائيليين 150 اجتماعا مع نظرائهم من دول الخليج"، منذ توقيع "اتفاقات تطبيع العلاقات" صيف 2020؛ بينما قال مسؤولان إسرائيليان إن هذه "العلاقات القوية مكنت بالفعل سلاح الجو الإسرائيلي من التدريب في السماء فوق الدول العربية الصديقة، وهو تطور يغير قواعد اللعبة العسكرية التي اقتصرت في السابق على المجال الجوي الإسرائيلي الضيق". وتأمل تل أبيب، مع مرور الوقت، أن تؤدي فوائد مثل هذا التحالف إلى جعل "شركائها العرب أكثر انفتاحا بشأن مشاركتهم في عمليات وتداريب ومناورات عسكرية"؛ وهو ما تسعى إلى تحقيقه من خلال المبادرة الجديدة الموسومة ب"مشروع الدفاع الجوي للشرق الأوسط"، التي أعلنتها الدولة العبرية الشهر الماضي. وتعد هذه المبادرة، حسب مقال "نيويورك تايمز"، محاولة لدعم دفاعات المنطقة ضد الطائرات بدون طيار، خاصة في ظل التهديد الإيراني المتزايد والذي تنظُر إليه واشنطن وحليفتها بكثير من التوجس. ويأتي هذا المشروع الدفاعي، بعد ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلا عن مسؤول دفاعي إسرائيلي كبير أقر بأن "إسرائيل حذرت بالفعل بعض الدول العربية من ضربة وشيكة بطائرة مسيرة". وتسارع التعاون المغربي الإسرائيلي على أصعدة ومستويات متعددة، تعززت باتفاقيات شملت مجالات الصحة والبحث العلمي وصولا إلى الصناعات والتجارة، قبل أن يشارك الجيش الإسرائيلي في مناورات "الأسد الإفريقي" التي احتضنتها المملكة بشراكة وتنسيق مع الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الفترة ما بين 20 و30 يونيو الماضي، عبر وفد إسرائيلي مكون من ضابطين في تمارين ميدانية وتكتيكية همت بالأساس التنسيق المشترك، ووضع خطط استعجالية للطوارئ، ومواجهة وضعيات صعبة تقتضي تحركا سريعا. كما تضمنت التدريبات تمارين بالذخيرة الحية، وتدريبات بحرية وجوية، و"تمرين استجابة كيماوية وبيولوجية وإشعاعية نووية" وغيرها من تمارين "المساعدة الإنسانية المدنية"؛ بمشاركة ضابطيْن في الجيش الإسرائيلي، ورئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الدفاع الذي يشغل أيضا مهمة "الملحق العسكري في المغرب". وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلي، في بيان، حينها، إن "مشاركة إسرائيل في التدريبات هي خطوة إضافية في تعزيز العلاقات الأمنية بين وزارتي دفاع البلدين والجيشين المغربي والإسرائيلي". كما يأتي ذلك في أعقاب زيارة وفد مكون من وزير الدفاع وأعضاء من قيادة الأركان العامة الإسرائيلية للتوقيع على عدة اتفاقيات عسكرية وأمنية؛ علق عليها جيش إسرائيل قائلا إنه "تمت مناقشة فرص التعاون العسكري، سواء في التدريب أو في مجالات العمليات والاستخبارات". وتواترت، في الأشهر الماضية، زيارات مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، بمن فيهم وزير الدفاع بيني غانتس، إلى المغرب قصد توقيع اتفاقيات تعاون؛ بما يشمل مجالات التكنولوجيا والصناعات الدفاعية والجوية والبحث العلمي. وفي تصريح لجريدة المغرب 24، وضع محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، زيارة بايدن، الأولى من نوعها للمنطقة، في سياق "ظرفية دولية خاصة، تتسم باستمرار الحرب في أوكرانيا وتصاعد التوتر في أماكن متفرقة من الشرق الأوسط"؛ مشيرا إلى أن هدفها يظل هو "تطويق التمدد الإيراني وتدخلها عبر أطراف تعد معادية للغرب في شؤون داخلية لدول حليفة لتل أبيب وواشنطن". وأضاف بنحمو أن هذا الحدث يعطي "صورة عن آفاق التعاون وتمتين العلاقات العربية الإسرائيلية التي دشنتها دينامية اتفاقيات أبراهام"؛ في حين يظل "بعث الروح في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية من أهم أهدافها، مع ما يمكن أن يشكله ذلك من دفعة قوية للعلاقات مع الدول العربية التي تربطها علاقات بإسرائيل"؛ مع تهيئة الظروف لدخول دول جديدة لهذا التحالف تظل مرشحة لذلك، على رأسها السعودية. وخلص المحلل المغربي إلى أن زيارة الرئيس الأمريكي "سيكون لها ارتدادات ليس فقط على منطقة الخليج، حيث سيزور بايدن السعودية، بل أيضا على دول منطقة شمال إفريقيا"؛ ما يعزز إستراتيجية ونهج الأحلاف العسكرية الذي ازدادت إليه الحاجة بعد حرب أوكرانيا".