أدى قيس سعيد أستاذ القانون السابق والوافد الجديد على السياسة في تونس يوم الاربعاء اليمين الدستورية رئيسا جديدا للبلاد بعد فوز كاسح هذا الشهر في الانتخابات الرئاسية وتسلم منصبه رسميا، في خطوة جديدة تعزز الانتقال السلس في مهد انتفاضات الربيع العربي. ومثل فوز سعيد (61 عاما) إعلانا واضحا برفض الناخبين للقوى السياسية الراسخة التي هيمنت على المشهد السياسي بعد ثورة عام 2011 والتي فشلت في معالجة مصاعب اقتصادية منها ارتفاع معدل البطالة والتضخم . وفي مشهد نادر في المنطقة العربية المضطربة، تسلم سعيد السلطة من الرئيس السابق محمد الناصر الذي كان في انتظاره في مدخل قصر قرطاج المطل على البحر المتوسط. وعقب حفل التسلم غادر الناصر القصر بعد أن شغل المنصب لمدة ثلاثة شهور إثر وفاة الرئيس السابق الباجي قائد السبسي في يوليو تموز. وتونس هي البلد الذي تفجرت فيه احتجاجات الربيع العربي عام 2011 قبل أن تجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي البلد الوحيد الذي أعقبت الانتفاضة فيه انتقال سلمي إلى الديمقراطية. ولكن رغم ذلك مازالت تونس غارقة في أزمة اقتصادية حادة أثارت السخط الاجتماعي مع تفشي الفساد وإحباط الشباب. ويرى كثير من التونسيين أن وصول سعيد لقصر قرطاج وهو أستاذ جامعي من الطبقة المتوسطة يفتح الطريق أمام وصول أي تونسي لأعلى المناصب في الدولة بعد عقود من التسلط والقهر وحكم سيطرت فيه عائلات بعينها. وقال سعيد عقب حفل التسلم بينما كان يقف بجانب الناصر "إنها لحظات تاريخية.. كنت أقول لطلبتي عندما كنت أدرس في الجامعة إن أعظم اللحظات في الديمقراطية هي مثل هذه اللحظات". وفي وقت سابق قال سعيد في خطاب عقب أداء اليمين "لا تسامح في إهدار مليم واحد من عرق أبناء شعبنا.. ليتذكر الجميع شهداء الثورة الذين ماتوا وهم يناهضون الفساد". وفاز سعيد في جولة الإعادة على قطب الإعلام نبيل القروي وأزاح أيضا كل رموز السياسة في البلاد بمن فيهم رئيس الحكومة الحالي ورؤساء حكومات سابقين ورؤساء سابقين ووزير الدفاع الحالي. وسعيد الذي لم يكد يمارس دعاية تذكر في السباق الانتخابي، يراه أنصاره شخصية محبوبة ومتواضعة ومن أصحاب المبادئ يمثل ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية للبلاد. ورغم أن الرئيس يملك صلاحيات أقل من رئيس الوزراء فلا يزال المنصب يمثل أرفع مسؤول منتخب عبر انتخابات مباشرة في تونس وله نفوذ سياسي واسع. وتعهد سعيد بحماية كل الحريات قائلا إنها أبرز مكسب لتونس بعد الثورة مضيفا "من له الحنين للعودة للوراء، فهو واهم ويلاحق السراب". وسيكون أمام الرئيس الجديد عدة تحديات من بينها مكافحة الفساد المستشري والمساعدة في جذب استثمارات تخفف وطأة البطالة المتفشية بين الشباب. وقال سعيد إن التونسيين "ينتقلون اليوم من ضفة الإحباط لضفة العمل والبناء".