أدى قيس سعيّد أستاذ القانون السابق والوافد الجديد على السياسة في تونس، اليوم الأربعاء، اليمين الدستورية رئيسا جديدا للبلاد بعد فوز كاسح هذا الشهر في الانتخابات الرئاسية، في خطوة جديدة تعزز الانتقال السلس في مهد انتفاضات ما يُعرف ب"الربيع العربي". ومثل فوز سعيّد (61 عاما) إعلانا واضحا برفض الناخبين للقوى السياسية الراسخة التي هيمنت على المشهد السياسي بعد ثورة عام 2011 والتي فشلت في معالجة مصاعب اقتصادية منها ارتفاع معدل البطالة والتضخم وتفشي الفساد. وفي خطاب عقب أداء اليمين قال سعيّد "لا تسامح في إهدار مليم واحد من عرق أبناء شعبنا.. ليتذكر الجميع شهداء الثورة الذين ماتوا وهم يناهضون الفساد" وفق ما ذكرته وكالة رويترز. واقترح الرئيس التونسي الجديد التبرع بيوم عمل كل شهر ولمدة خمس سنوات، للمساهمة في أداء ديون الدولة، موضحا أن "الشعب يحتاج لثقة جديدة مع الحكام". ولفت سعيّد إلى أن ما حصل في تونس هو ثورة ثقافية غير مسبوقة وبآليات الشرعية، متابعا بالقول: "وعي جديد تفجر بعد انتظارات طويلة، لا شك أن مؤسسات البحوث ستدرس المثال التونسي". حماية الحريات وفاز سعيّد في جولة الإعادة على قطب الإعلام نبيل القروي وأزاح أيضا على كل رموز السياسة في البلاد بمن فيهم رئيس الحكومة الحالي ورؤساء حكومات سابقين ورؤساء سابقين ووزير الدفاع الحالي. وسعيّد الذي لم يكد يمارس دعاية تذكر في السباق الانتخابي، يراه أنصاره شخصية محبوبة ومتواضعة ومن أصحاب المبادئ يمثل ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية للبلاد. ورغم أن الرئيس يملك صلاحيات أقل من رئيس الوزراء فلا يزال المنصب يمثل أرفع مسؤول منتخب عبر انتخابات مباشرة في تونس وله نفوذ سياسي واسع. وتعهد سعيّد بحماية كل الحريات قائلا إنها أبرز مكسب لتونس بعد الثورة مضيفا "من له الحنين للعودة للوراء، فهو واهم ويلاحق السراب". وسيكون أمام الرئيس الجديد عدة تحديات من بينها مكافحة الفساد المستشري والمساعدة في جذب استثمارات تخفف وطأة البطالة المتفشية بين الشباب. قصر قرطاج من جهة أخرى قال مصدر أمني تونسي إن الرئيس المنتخب قيس سعيّد يرفض من حيث المبدأ الإقامة في القصر الرئاسي بضاحية قرطاج كما ينص على ذلك البروتوكول. وأوضح مصدر من الأمن الرئاسي، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، أن سعيّد تمسك بقراره منذ مدة بعدم الإقامة في القصر الرئاسي لكن تجري محاولات لإثنائه عن رأيه لدواع أمنية. وأضاف المصدر ذاته أنه "من المتوقع أن تتم إثارة هذه النقطة لدى لقاء سعيّد بالرئيس المؤقت محمد الناصر أثناء تسليم السلطة اليوم الأربعاء ". ولمح سعيّد لهذا الخيار قبل فوزه بالرئاسة وكان لمح أيضا إلى رغبته في التخلي عن البروتكولات ومن بينها لقب السيدة الأولى لتونس، في إشارة الى زوجته. ويقطن سعيّد في فيلا محاذية لحي شعبي بمنطقة المنيهلة على أطراف العاصمة شمالا، وتشير مصادر إلى رغبته في الاستمرار في مقر إقامته بدل التحول إلى قصر قرطاج. تهنئة ملكية وفي سياق متصل مثل الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب وحكيم بنشماش رئيس مجلس المستشارين، الملك محمد السادس في حفل تنصيب الرئيس التونسي الجديد. وكان الملك محمد السادس قد بعث برقية تهنئة إلى قيس سعيد على إثر انتخابه رئيسا لجمهورية تونس، عبر من خلالها لفخامته عن أحر التهاني وأصدق المتمنيات بكامل التوفيق في مهامه السامية. وأشاد الملك "بنجاح هذا الاستحقاق الرئاسي الذي بقدر ما يؤكد التزام الشعب التونسي الراسخ بمواصلة مساره الموفق نحو إرساء دولة الحق والقانون والمؤسسات، يعكس تلكم الثقة الغالية التي أولاكم إياها، تقديرا منه لما توسمه فيكم من غيرة وطنية صادقة وحرص شديد على خدمة مصالحه العليا". وأكد الملك، في البرقية ذاتها للرئيس التونسي الجديد عزمه القوي "على العمل سويا معكم من أجل تعزيز علاقات التعاون المتميزة القائمة بين بلدينا، والارتقاء بها إلى مستوى الروابط الأخوية المتينة التي تجمع شعبينا الشقيقين، بما يستجيب لتطلعاتهما إلى المزيد من التضامن والتكامل والتنمية المشتركة".