المغرب 24 : محمد بودويرة أثار مقال لأحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حول الحريات الفردية، جدلا واسعا في صفوف نشطاء حقوقيين على مواقع التواصل الاجتماعي. وما أثار الجدل كثيرا في مقال الريسوني المعنون ب “أنا مع الحريات الفردية”، هي الفقرة التي تقول: “ولقد رأينا مؤخرا بعض النسوة الخاسرات يرفعن لافتات تُصرح بأنهن يمارسن الجنس الحرام ويرتكبن الإجهاض الحرام. هكذا لقنوهن.. مع أن الظاهر من سوء حالهن أنهن لن يجدن إلى الجنس سبيلا، لا حلاله ولا حرامه”. وانتقد عدد من النشطاء بالشبكات الاجتماعية هذه الفقرة من مقال رأي مُوقع باسم الريسوني، معتبرين أن في مضامينه “احتقار للمرأة المغربية”، إذ كتبت الناشطة اليسارية فدوى الرجواني قائلة: لا يهمني في هذه الفقرة رأيه في الإجهاض والعلاقات الجنسية فهو ليس بالجديد، ولكن ما أربكني فعلا هو أن يسمح فقيه وعالم لنفسه بالسخرية من خلق الله، وهل كل النساء اللواتي وجدن للجنس سبيلا حلاله وحرامه هن نساء جميلات حسب معايير العالم المقاصدي؟ الصحفي سامي المودني إعتبر تصريح الريسوني “منحط ومليء بالكره تجاه النساء عموما والنساء الحداثيات خصوصا”، مشيرا إلى أن المقال “يعبر عن صورة المرأة لدى الريسوني، ولدى قومه من الإسلاميين”، فيما طالبت النائية البرلمانية عن حزب الإتحاد الإشتراكي حنان رحاب، من كل “القوى الحية بالبلاد.. المؤمنة بقيم الحرية و التحرر التصدي لمثل هذه الأفكار المتطرفة والرجعية التي تتربص بالبلاد ومستقبلها”. وقالت البرلمانية في تدوينتها : “ما لا يريد الريسوني ومن يدور في فلكه فهمه، هو أن الحرية كل لا يتجزأ، ولا يقتطع، ولا وجود فيها و في مكوناتها للصالح والطالح.. فإما أن نؤمن بها كلها، وأما فنحن ضدها، فلا يمكن ان نجزء الحرية حسب ما يتوافق مع ما نصبو إليه وما نريد احقاقه، والا ستتحول هذه الحرية الى مطية او قنطرة لتحقيق المصالح الشخصية والأجندات السياسية المشبوهة”. من جانبها أكدت الناشطة الحقوقية سارة سوجار، أن “السي الفقيه لا يريد أن يفهم أن احترام الحريات الفردية هي يدخل سوق راسو ، حيث الظهور بمظهر المثالية لا يليق لا به ولا بنا ببساطة لأننا بشر والبشر له تناقضاته ، قناعاته واختياراته”، مشيرة إلى أن “السي الفقيه مازال يحاول أن يضلل الرأي العام بربط احترام الحريات الفردية والخاصة بالرذيلة و التشجيع على الحرام ، مع أنها أصبحت لعبة مكشوفة لأصدقائه قبل خصومه”. وتابعت المتحدثة “يظن أن النساء في هذا البلد مازال يمنعهن تشويه السمعة و الإهانة من الدفاع عن قناعاتهن وقضاياهن، ومازال يظن أن قناع النفاق الذي حملوه لسنوات مازال يقنع عامة الشعب”. وعبر الصحفي والإعلامي رضوان الرمضاني عن إمتعاضه مما جاء في مقال الريسوني من خلال تدوينة له على حسابه الشخصي بالفايسبوك. وعلّق الرمضاني على الفقرة التي هاجم من خلالها الريسوني المدافعات على الحريات الفردية قائلا: “فقرة مقرفة في مقال الفقيه العالم..عيب عليك يا السي الفقيه، على الأقل كان عليك تغض البصر عوض ما دير “تقييم” لأنوثة المقصودات..”. من جهتها علّقت الصحفية هاجر الريسوني التي اعتقلت وأدينت بسنة حبسا نافذا، بتهمة “الإجهاض غير القانوني و ممارسة الجنس خارج إطار الزواج”، لتنعم بعد ذلك بعفو ملكي، على ما جاء في مقال عمها بالقول: “أحمد الريسوني شخصية أصولية، ومواقفه من مسألة الحريات لن تخرج عن الإطار النظري والايديولوجي الذي يتأطر به، سواء كنت أنا في السجن أو خارجه، ومتى ما سئل عن هذا الموضوع سيقول الكلام نفسه والمواقف نفسها، واطمئنوا بأنه لن يصبح ليبراليا من أجل عيوني”. وأضافت هاجر في تدوينة نشرتها على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بأنها: “استغربت وقوع بعض الشخصيات المستقلة في مقلب ذكر اسمها إلى جانب اسم عمها أحمد الريسوني خلال انتقادها المواقف التي عبر عنها من مسألة الحريات الفردية”، مشيرة إلى أنها تخالف مواقف عمها ولا تتفق مع آرائه فيما يتعلق بالحريات الفردية. ونشر الفقيه المقاصدي والرئيس السابق لحركة التوحيد والاصلاح الإسلامية الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، نشر مقال رأي عبر موقعه الرسمي تحت عنوان “أنا مع الحريات الفردية”. ودافع الريسوني في مقاله عن الحدود والضوابط الشرعية في مجال ممارسة الحريات الفردية، مشددا على أنه “لا بد من أن تخضع جميع الحريات والممارسات الفردية للقدر الضروري من الضبط والتقييد والترشيد، تماما كما في استعمالنا للسيارات ونحوها من المراكب والآليات”. وشدد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أن “جميع ركاب السيارات والطائرات عبر العالم، قد أصبحوا مجبرين على استعمال الحزام، مع أن عدم استعماله لا يضر بالآخرين أبدا”. الريسوني قال إن الحريات بصفة عامة، والحريات الفردية بصفة خاصة، لها خصوم وأعداء، مضيفا أنهم على صنفين مختلفين، الأول هم الذين يشوهون الحريات الفردية ويتفهونها ويسيئون استخدامها، “ومن ذلك أنهم حصروا مسمى الحريات الفردية في بعض الممارسات الشاذة والأفعال الساقطة؛ كالزنا والشذوذ الجنسي والخيانة الزوجية (…) وبعضهم – حين يتوسعون – يضيفون إليها السكر العلني، والإفطار الاستعراضي في نهار رمضان”. في ما الصنف الثاني، من أعداء الحريات الفردية، حسب الفقيه المقاصدي، فهم الذين قال إنهم يمنعونها بغير وجه حق،”فهناك دول تمنع الناس من التعبير عن أفكارهم ومواقفهم. وكم في السجون ممن سجنوا لأجل مقال أو تغريدة أو جملة. وفي المغرب وصل المنع والتضيق إلى الأطفال؛ فمُنعوا من حقهم في التخييم والاستجمام في العطلة الصيفية. ووصل الأمر بكثير من الدول الغربية والعربية إلى حد منع الناس ومعاقبتهم على آرائهم حتى في قضايا ووقائع تاريخية”. ومن الحريات الفردية التي قال الريسوني إن دولا كثيرة عبر العالم تمنعها وتحاربها، “حرية المرأة في لباسها الساتر، سواء كان حجابا أو نقابا أو لباسَ سباحة”. وفي هجوم واضح ضد دعاة الحريات الفردية المطلقة، قال الريسوني إن كل هذه الحقوق والحريات المهدورة “لا يعرفها ولا يعترف بها مجانين الإباحية الجنسية، لكونها حقوقا في القمة، وهم يعيشون في القاع”.