قام أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، والبابا فرانسيس، اليوم السبت بالرباط، بزيارة لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات. ولدى وصولهما للمعهد، استعرض صاحب الجلالة الملك محمد السادس والبابا تشكيلة من الحرس الملكي أدت التحية، قبل أن يتقدم للسلام على جلالة الملك والبابا فرانسيس، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، ومدير معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات. وبعد عرض شريط وثائقي حول أهداف المعهد ومهامه ومختلف إنجازاته، ألقى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق كلمة بين يدي أمير المؤمنين ورئيس الكنيسة الكاثوليكية، أكد فيها أن تكوين الأئمة والمرشدات، وهي المهمة التي من أجلها أنشأ أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس هذا المعهد، يقع في صميم ما هو منوط بجلالته من حماية الدين. وأضاف أنه، ومن أجل حماية الدين، أمر أمير المؤمنين، منذ اعتلائه العرش، بسلسلة من الإصلاحات المهيكلة لتدبير هذا الشأن، وبإدخال حيوية قائمة على التوافق بين الصيغ المؤسساتية الحديثة في التدبير وبين مقاصد الدين في مختلف الجوانب. وأضاف أنه في هذا السياق، سياق إمارة المؤمنين، تجد حلها كثير من الإشكاليات التي قد يشكو منها تدبير الدين في جهات أخرى، ومنها إشكالية حضور الدين في الدولة، وحمايته، وعلاقته بالسياسة، وبالحركات المسماة بالإسلامية، وبتطبيق الشريعة، وبالتيارات المتشددة، وبالحريات، وبالقيم الكونية، وبالتعليم الديني، وأخيرا مسألة العلاقة بالعلماء. إثر ذلك، تعاقب طالبان بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات على المنصة لتقديم شهادتيهما وعرض تجربتهما داخل هذه المؤسسة لتكوين الأئمة. وفي هذا السياق، قالت هند عصمان، طالبة مرشدة من نيجيريا، إنه “بفضل ما بلغنا من مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس في تأسيس هذا المعهد لتعليم شباب إفريقيا الإسلام السني المبني على الثوابت المشتركة بين بلداننا، وما لهذا التوجه من قدرة على محاربة التطرف، أمكن والحمد لله أن أدخل المعهد، ودخلت بذلك في سيرورة تعلم ونمو فكري وتحول نفسي”. وأضافت “عندما أتخرج من المعهد سأكون أكثر قدرة على الحِجَاج والإقناع (…) وسأكرس كل وقتي وجهدي لتنمية الشعور بحكمة السلم وبأن الدين ينبذ العنف ويكرهه. وسأسخر معارفي وتجاربي لإظهار قيم التسامح ونشر المحبة بين المسلمين في ما بينهم، وفي ما بينهم وبين المسيحيين وغيرهم من أهل العقائد والطوائف الأخرى”. من جهته، أكد أبو بكر حمايدوش، وهو طالب فرنسي من أصل مغاربي، في شهادة مماثلة، أن المجتمع المسلم الفرنسي في حاجة ماسة للأئمة والمرشدات لترسيخ القيم الدينية التي تحث على مبدإ التعايش والسلام الروحي داخل المجتمع. وأبرز أنه بالتحاقه بهذا المعهد، تمكن من تحصيل تكوين علمي في العلوم الشرعية التقليدية ومعارف ضرورية تتصل بالعلوم الإسلامية الحديثة، مشيرا إلى أن هذا التكوين يستمد روحه من ثوابت تعتبر الحياة الواقعية وتؤمن بالثقافة وتقبل التنوع، عقيدة قائمة على الوسطية والاعتدال، “تضاف إليها روحانية تشير عليك بسلوك الطريق إلى الله، وتصلك بمخلوقاته بوشائج قائمة على المحبة”. وأضاف “عند عودتي إلى بلدي أنوي أن أسخر له ولجميع سكانه، مختلف المؤهلات التي اكتسبتها في المعهد، كما أتمنى أن أبلغ هذه المعارف وأن أعمل على تطبيقها ولا سيما نشر روح الإسلام والمحبة والأخوة والتسامح”. كما تميز هذه الزيارة بعرض موسيقي، عبارة عن مزيج من الأمداح النبوية والأناشيد الدينية المسيحية واليهودية، أدتها الأوركسترا الفيلهارمونية المغربية. بعد ذلك، سلم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية للبابا فرانسيس “دليل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات”، وكذا بعض إصدارات المعهد ذات الصلة بالديانة المسيحية باللغتين العربية والإنجليزية. وفي ختام هذه الزيارة، ودع أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، ضيفه الكبير.