شهدت قضية أساتذة المستقبل منعرجا خطيرا من خلال مقاربة الحكومة المغربية لحل قضيتهم المطروحة، والمتمثلة في دعوة أساتذة المستقبل لحل إشكالية المرسومين اللذين ينصان على فصل التكوين عن التوظيف وتقليص الأجرة إلى النصف تحت مسمى المنحة، فعوض أن تتبنى الحكومة المقاربة التشاركية لحل الأزمة العالقة منذ ما يزيد عن خمسة أشهر، فقد التجأت الحكومة إلى أقصر طريق في تبني سياسة الآذان الصماء اتجاه مطالب الأساتذة ثم التهوين بقطاع التعليم المغربي وبيعه لصندوق النقد الدولي. بل تعاملت الحكومة بمنطق العصا والزرواطة في وجه أساتذة الغد، حيث أرسلت وزارة الداخلية كل وحداتها الأمنية لتطبيق كل أشكال العنف المادي والمعنوي على أجساد الأساتذة المتدربين بكل مدن المملكة، قصد ترهيبهم ونعيهم عن استكمال مشروعهم الاحتجاجي، ضاربة كل المواثيق الدولية والعالمية لحقوق الإنسان. وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة لابد من تسليط الضوء على واقع الإرهاب الذي تعرضت له الأستاذات المتدربات بكل مراكز مهن التربية والتكوين بالمغرب أثناء الاحتجاجات السلمية والشعبية، وكما هو منقول في كل وسائل الاعلام السمعي والبصري، فالأستاذات لم تستثنى من فلسفة القمع وعنف الدولة بشكل ديمقراطي، هي زرواطة تنهال على الأستاذة من كل جهة بدون رحمة ولا شفقة، في أي مسيرة أو وقفة سلمية إلا وتجد القمع في انتظارها، وأشهر قمع واجهته الأستاذات هو ما حصل لهن في مركز 'انزكان'، حيث أن السلطات والقوات العمومية تفننت في تعذيب وتعنيف المرأة الأستاذة حتى سالت دماؤهن في الشارع، ناهيك عن المراكز الأخرى التي حصلت فيها الأستاذة على النصيب الأكبر من العنف والقمع الممنهج، إضافة إلى ظهور البلطجية المتحرشين والذين يستهدفون الأستاذات في الشارع العام عند اتجاههم إلى المركز، دون إغفال الكم الهائل من السب والشتم من تحت الحزام من طرف رؤساء القوات العمومية والشرطة والمخبرين وأعوان السلطة . الأستاذة تعرضت لثلاثية إرهابية من الحكومة المغربية، الإرهاب الجسدي المتمثل في اَلة القمع المسلطة عليهن، والتي تسببت في إصابات على مستوى الرأس والوجه والظهر والصدر والساقين، ثم الإرهاب المعنوي المتمثل في قادوس الكلام الفاحش من طرف من يسمون أنفسهم رجال وأعوان السلطة ناهيك عن المعانات اليومية مع لقمة العيش، ثم الإرهاب الرمزي المتمثل في صمت الوزارة المعنونة بالتضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى اختفاء تلك المنظمات النسوانية التي ترفع شعار صايتي حريتي أو حجابي عفتي من حين لأخر. الحكومة المغربية تعلم الدور الكبير والأساس الذي تؤديه الأستاذات في الحركة النضالية الأستاذية بكل مراكز المغرب، لذلك لا غرابة أن يأمر رئيسها بشن حملات أمنية بالزرواطة على أجسادهن، من أجل التأثير على نشاطهم الاحتجاجي السلمي. كل ذلك العنف يحدث في حكومة ترفع شعار لا للعنف ضد المرأة، في حكومة تفتتح مجالسها بآيات من الذكر الحكيم، في دستور يناهض تعنيف المرأة، في أحزاب تتغنى بالمرأة في خطاباتها السياسوية، فعن أي يوم عالمي للمرأة الأستاذة سيتحدث عنه الناطق الرسمي للحكومة في الأيام المقبلة، حسبنا القول: هو اليوم العالمي لِسَلْخِ وبَهْدَلَةِ المرأة الأستاذة. باحث في تاريخ المعرفة والحضارات بجامعة محمد الخامس الرباط