دعت التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بالمغرب، كافة التنسيقيات المحلية إلى الإعداد الجيد لتنظيم مسيرات جهوية بمعية العائلات وعموم الهيئات وكافة الفئات الشعبية المتضامنة، غدا الخميس التي من المرتقب أن تشكّل ردّا قويا وواضحا على استمرار تشبث الأساتذة بمطلب إسقاط مرسومي بلمختار، في الوقت الذي تبدي فيه الحكومة تعنتا وتواصل رفضها التفاعل الإيجابي مع مطلب الأساتذة، وهو ما وضحته وبالملموس أشغال الجولة الرابعة من الحوار الذي جرت تفاصيله الخميس الفارط 4 فبراير 2016، بحضور ممثلي النقابات الستة، وعن مبادرة المجتمع المدني، مع والي جهة الرباطسلاالقنيطرة باعتباره ممثلا للحكومة، إذ في الوقت الذي تقدّمت له النقابات والمبادرة بمقترح عملي يتمثل في اعتبار امتحان التخرج بمثابة مباراة لتعيين جميع الأساتذة ابتداء من شهر شتنبر 2016 بدل مباراة التوظيف، وإرجاع المنحة إلى طبيعتها الأصلية أي «الأجرة» والمتجسدة في مبلغ 2454 درهما، وكذا إرجاع المرسومين إلى طاولة الحوار العمومي والقطاعي بإشراك جميع الفاعلين التربويين، والحقوقيين، والنقابيين، والسياسييين قصد مراجعتهما، وهي المقترحات التي لقيت تفاعلا إيجابينا كأرضية للنقاش من طرف لجنة الحوار، لكنها بالمقابل لم تؤثر في صلابة موقف الحكومة في شخص الوالي، الذي ظل متشبثا بمقترحه المتمثل في توظيف فوج 2015/2016 عبر مباراتين، الأولى في شهر غشت 2016، والثانية في شهر يناير 2017، وهو ما قوبل بالرفض المطلق من طرف التنسيقية الوطنية وممثلي النقابات ومبادرة المجتمع المدني. تعنت حكومي، قابله إصرار من الأساتذة المتدربين على الاستمرار في معركتهم النضالية، محملين الحكومة مسؤولية عدم التعاطي الجاد والمسؤول مع هذا الملف والعمل على حلّه، إذ تم التشديد وعلى إثر ذلك على تمسك الأساتذة بمطالبهم، واستمرارهم في الدعوة لمقاطعة شاملة للدروس النظرية والتطبيقية، مع دعوة الإطارات النقابية كافة ومعها الهيئات السياسية، والحقوقية والجمعوية، لدعم نضالاتهم. ست نقابات تنتقد التصلب الحكومي وتعبئ الشغيلة التعليمية انتقاد الموقف الحكومي لم يقف عند حدود الأساتذة المتدربين بل شمل كذلك النقابات التعليمية الست، التي جدّدت على إثر جلسة الحوار الرابعة، تضامنها التام مع الأساتذة، محمّلة تبعات تعثر الحوار إلى الحكومة وإلى وزارة التربية الوطنية، مؤكدة على جمود الموقف الحكومي ورفضه غير المبرر لكل المقترحات التي تقدمت بها النقابات التعليمية ووافقت عليها التنسيقية الوطنية لحلّ مشكل الأساتذة المتدربين، مشددة على ان هذا التعنت الحكومي هو الذي أدى إلى فشل الحوار، مطالبة الحكومة ومن خلالها الوزارة الوصية بضرورة الإسراع الفوري بتسوية ملف الأساتذة المتدربين، داعية نساء ورجال التعليم إلى رفع مستوى التعبئة للتعبير بشكل عملي عن تضامنهم مع هذه الفئة، واحتجاجهم على الموقف الحكومي المتصلب اتجاههم وتجاهل الحكومة لانعكاساته الخطيرة على المنظومة التربوية والتعليم العمومي. «المبادرة المدنية» تدعو لإنقاذ السنة الدراسية بدورها «المبادرة المدنية لحل مشكلة أساتذة الغد»، تأسفت لتوقيف الحوار بعد جولته الرابعة دون أن يتم التوصل إلى حلّ يحظى بالرضا ويتفاعل إيجابيا مع مطالب الأساتذة المتدربين ومع مقترحات الأطراف النقابية والمدنية، مؤكدة على مجهودات الأساتذة المتدربين والمرونة التي أبدوها، مقابل استمرار تصلب مواقف الحكومة إزاء مطالبهم المشروعة، إذ استنكرت «المبادرة» كيفية تعامل الحكومة مع الحوار المتمثل في الغياب المتواصل لجلّ القطاعات الحكومية رغم إلحاح المحاورين على ضرورة حضورهم، داعية إياها إلى العودة إلى طاولة الحوار وان تكون مدعّمة باقتراحات عملية جديدة قابلة للتنفيذ ومحاطة بالضمانات، وكفيلة بإنقاذ السنة الدراسية وآلاف الأساتذة المتدربين وكذلك إنقاذ الموسم الدراسي القادم من الارتباك. برنامج نضالي احتجاجي للتنسيقية الوطنية وكانت التنسيقية الوطنية قد أكدت على ضرورة تفعيل مضامين بلاغها الخامس، الذي صدر على إثر انتهاء أشغال المجلس الوطني السادس الذي انعقد خلال الفترة ما بين يوم الجمعة 22 و الخميس 28 يناير الفارط، والذي خلص إلى تسطير برنامج نضالي، تشبثت التنسيقات الجهوية على ضرورة تفعيله خاصة بعد فشل الجولة الرابعة من الحوار، وهو ما تم الشروع في تنزيله انطلاقا من بداية هذا الأسبوع، إذ تشكّلت لجان لتعبئة جابت يوم الاثنين الجامعات والمدارس العليا من اجل المشاركة الواسعة في مسيرات غد الخميس، بالنظر إلى أن مصيرا مشتركا يوحّد الجميع، وهي الخطوة التي تلتها اعتصامات أمس الثلاثاء أمام جميع المراكز الجهوية للتربية والتكوين، فضلا عن أشكال نضالية محلّية مبرمجة يومه الأربعاء، كما انه من المرتقب أن ينعقد مجلس وطني يومي السبت والأحد 13 و 14 فبراير الجاري لتقييم كل هذه الخطوات والوقوف على الآفاق. جبهة محلية تجمع مختلف الأطياف السياسية مواجهة نضالات الأساتذة المتدربين بالعنف والقمع كما وقع يوم الخميس 7 يناير الفارط بإنزكان، وبعدد من المدن المغربية، والتي تلتها أحداث عنف أخرى ووجهت بها الأشكال النضال السلمية التي برمجتها التنسيقيات الجهوية للتربية والتكوين، دفع إلى مشاركة الطيف النقابي والسياسي والحقوقي مشاركة واسعة في المسيرة الرباط رغم قرار المنع الحكومي، تلاه تشكيل جبهات للدعم، كما هو الشان بالنسبة لمدينة الدارالبيضاء التي أسست مساء الثلاثاء 2 فبراير الجاري، جبهة محلية مدنية لدعم نضالات ومطالب الأساتذة المتدربين، وللدفاع عن المدرسة العمومية، والحق في الوظيفة العمومية، تشكّلت من العديد من الأحزاب السياسية، والنقابية، والجمعيات الحقوقية، ومن بينها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، جماعة العدل والإحسان، حزب الطليعة، المؤتمر الوطني الاتحادي، النهج الديمقراطي، حزب الأمة وأحزاب أخرى، إلى جانب نقابة الفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل، وثلة من الجمعيات الحقوقية والتنظيمات المدنية. وأكد ممثلو التنظيمات السياسية والنقابية والحقوقية على رفض استهداف المدرسة العمومية والسعي لإقبارها، مقابل فسح المجال للقطاع الخاص، مستنكرين مواجهة الحكومة بن كيران التي وصفت بحكومة التراجعات لمطالب الأساتذة بإسقاط المرسومين بالعنف والقمع واستهداف رؤوس وأجسام المحتجين السلميين. هذه الجبهة التي عقدت اجتماعا ثانٍ مساء الجمعة 5 فبراير بمقر الفدرالية الديمقراطية للشغل، عرف تشكيل لجنتين، الأولى تخص اللوجستيك والتنظيم، والثانية تهتم بجانب الإعلام والتواصل، وتواصلت اللقاءات بعقد اجتماع ثالث مساء أمس الثلاثاء بمقر الكتابة الجهوية لحزب الاتحاد الاشتراكي من اجل تسطير برنامج عمل نضالي، وأجراة سبل دعم الأساتذة في خطواتهم النضالية ومن بينها مسيرة الخميس. الاتحاد الاشتراكي يؤكد أنه لا بديل عن المدرسة العمومية أكدت رحاب حنان، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن تضامن الحزب مع الأساتذة هو لا مشروط، ونابع من إيمان قوي بأهمية المدرسة العمومية، مشدّدة على التزامه بدعم كل الخطوات النضالية التي يقررها الأساتذة والتي تُتّخذ من قبلهم باستقلالية تامة، موجهة تحية باسم حزب القوات الشعبية لكل الصامدات والصامدين في كل الأشكال النضالية التي برمجت. وشددت رحاب على أن الاتحاد الاشتراكي يسجل بكل غرابة النهج النكوصي للحكومة، معتبرة أن ملف الأساتذة هو واحد من الملفات الشائكة التي أظهرت الوجه الحقيقي للردة وللتراجعات الحقوقية في مغرب اليوم الذي هو مغرب الليبرالية المتوحشة، مؤكدة أن ما يقع للأساتذة هو بداية لمسلسل التخلي عن الوظيفة العمومية، وبأن الاتحاد الاشتراكي يشدد على أنه لا بديل للبلاد عن المدرسة العمومية، مضيفة أن هناك مسلسلا لخوصصة هذا القطاع الذي لايرتبط بالمدرسة الابتدائية فقط بل يشمل الكليات في الطب والصيدلة والهندسة وغيرها التي ستباع فيها الشواهد وهو ما سيؤثر على جودة التكوين وعلى طبيعة الأطر التي سيتم تخريجها. الفدرالية تحيي نضالات الأساتذة في مواجهة «زرواطة» الحكومة بدوره سعيد مفتاحي، الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم، العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، أكد على ضوء ما يعرفه ملف الأساتذة المتدربين، على أن أسرة التعليم هي في مركب واحد، مشيرا إلى أن العصا التي انهالت على أجساد ورؤوس الأساتذة يوم الخميس الأسود، تزامنت مع عصا سياسية تحت قبة البرلمان تجسدت في تمرير قوانين ما سمي بإصلاح أنظمة التقاعد، مؤكدا مساندة الفدرالية ودعمها للأساتذة في معركتهم وفي كل الخطوات التي يقدمون عليها. وأعلن مفتاحي باسم النقابة الوطنية للتعليم عن رفض أنصاف الحلول التي تقدمها الحكومة التي اعتبرها مناورة مكشوفة، وبأن الغاية من الدعوة إلى تشغيل وتوظيف الأساتذة على دفعتين هو تشتيت نضالاتهم، مؤكدا أن حكومة بن كيران يئس منها الجميع، ولا ينتظر أحد منها أي مكتسبات، فهي حكومة للتراجعات التي أضربت عن الحوار، مضيفا أن الأساتذة انتصروا لأن نضالاتهم حسمت بالاحتضان الشعبي، في معركة سلمية وحضارية، مشددا على أن نضالات الأساتذة هي أقوى من همجية وزرواطة الحكومة. أساتذة متدربون يلجؤون للعمل في أوراش البناء والبيوت نضالات الأساتذة المتدربين على مدى أربعة أشهر، لم تقف عند مواجهة أسجادهم لعصي القوات العمومية التي انهالت عليها، ومن خلالها على رؤوسهم إلى أن سالت الدماء منها في الشوارع، إذ وخلال كل هذه المدة، التي تميزت بحرمانهم من منحتهم، عانوا الأمرين ماديا ومعنويا، وهي المعاناة القاسية والشديدة التي وعلى الرغم من حدّتها لم تحبط من عزيمتهم النضالية، واستمرارهم في معركتهم جسدا واحدا. الوضع الاجتماعي المؤلمة تفاصيله، أكّدتها شهادات صادمة، وردت على لسان بعض الأساتذة المتدربين، مساء الجمعة 5 فبراير 2016، خلال اجتماع الجبهة المحلية لدعم نضالات هذه الفئة بالدارالبيضاء، وهم يعرضون عناوين من يوميات عدد من الأساتذة الذين يعيشون منذ أكثر من أربعة أشهر على إيقاع «الصوم» والحرمان، لغياب موارد مالية يسدون بها رمق الجوع ويجيبون بها على متطلبات الحياة الاجتماعية، وهم القادمون من مختلف مناطق المغرب، الذين كانوا يمنّون النفس بمرحلة للتكوين المضمون فيها العيش الكريم، فإذا بهم يعيشون في دوامة من التيه والألم، ومع ذلك يواصلون رفع شارة النصر. أستاذات حاصلات على معدلات عالية في اللغة الإنجليزية، وجدن أنفسهن مكرهات على الاشتغال في البيوت كخادمات، وأساتذة شبان لم يجدوا بدا من الاشتغال في أوراش للبناء، بحثا عن مدخول يمكنهم من الاستمرار في العيش، وهم يناضلون لإسقاط مرسومي وزارة بلمختار، مدافعين عن الحق في الوظيفة العمومية وعن المدرسة العمومية بشكل عام. قضية مجتمع ملف الأساتذة المتدربين بيّن وبكيفية ملموسة كيف أن بعض المطالب التي قد يُعتقد أنها فئوية، هي وخلافا لهذا الاعتقاد قضايا مجتمعية تتطلب تعبئة جماعية، ودعما ماديا ومعنويا، لأن الوضع في ملف الأساتذة المتدربين لا يقف عند حدود مرسومين والمطالبة بإسقاطهما، أو كون هذا الفوج هو المعني بهما، بل أن خطورة وتبعات المرسومين تتطور إلى محاولة ضرب الحق في الوظيفة العمومية، وإلى ضرب المدرسة العمومية تحقيقا لمساع معيّنة، تدفع بفسح المجال وتعبيد الطريق للقطاع الخاص على سحب شرائح واسعة من المواطنين المغاربة وعلى حساب الجودة في التعليم.