عندما تخرجنا كأساتذة بعد التكوين من المراكز،أخبرونا أن تعييناتنا سيقع فيها شوائذ، إذْ بفعل شروط غير مُبينة،أُرسِل البعض منا إلى مدن مُعينة،أما نحن فقد كان علينا قضاء بعض السنوات في القرى والبوادي، إلى أنْ يحين دورُنا في الانتقال وَقتها 0عتبرنا الأمر عادي، غير أنَّ هذه السنوات طالت فصارت عقدا ونَيفا،أُخِذَ فيها حقنا في الانتقال حَيْفا،إذْ في كل مُشاركة كانت المعايير تُفصَّل وتُحاكُ في سياق، يتماشى والمَساطر المُلائمَة للالتحاق،أما أنتم يا مَنْ تقبعون في الفيافي المُزرية، يا مَنْ تَحمَّلتم كلّ تلك المُعاناة في السِّنين الماضية، سامحونا لا نستطيع تعويضكم في مناطقكم النائية،ليس لأقدميتكم ولا لمجموع نقطكم أي تأثير، على معايير الحركة التي تعرف كل سنة تغيير، التغيير الذي يُلائم فقط ظروف المُحاباة وتُوطِّد العلاقات مع المعارف، لأنّ صاحب القرار وأمام الفساد الإداري صار بإمكانه أنْ يُخالف،يُخالف كل الأعراف السماوية فَيَتَظَلَّمَ بجرة قلمه كما فعل قبله كل سالِف، دون أنْ يفكر في ذلك المدرس(ة) الذي ما فتئ صابرا،على الظلم والاحساس بالقهر أضحى شاعرا، يُؤدي الواجب مع التلاميذ ولحُزنه ضامرا، وإنِّي لأتساءلُ إلى متى سيقمَع صرخته التي بات بها حائرا، لأني أخاف عليه يوم يُصبح ثائرا، على مَنْ مات فيه الضمير حتى أمسى لا يستحيِ أن يكون في قراراته جائرا.