تحية نضالية / حقوقية، إلى الأخوات، والإخوة الأعضاء، والمسؤولين في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على المستوى الوطني، والجهوي. تحية نضالية إلى المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهة بني ملال، المنظم لهذه الندوة بالفقيه بنصالح. تحية نضالية إلى الإخوة المؤطرين لهذه الندوة. نحن هنا، في هذه الندوة، لتسليط الضوء على موضوع العلمانية، وحقوق المرأة، وأنا شخصيا، سأتناول محور: (العلمانية / الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين… أي واقع؟ وأية آفاق؟). فماذا نعني بالعلمانية؟ وماذا نعني بالديمقراطية؟ وماذا نعني بالمساواة بين الجنسين؟ إن مفهوم العلمانية، هو مفهوم يستوقفنا، باستمرار، عند حد: (فصل الدين عن الدولة)، الذي لا يمكن اعتباره إلا نتيجة، من نتائج الحد الصحيح لهذا المفهوم. فالعلمانية (بفتح العين)، مأخوذة من العلم (بفتح العين) أيضا، أي من العالم المدرك بالحواس، وبالعقل، في حركته، وفي تحوله. وما دامت العلمانية مأخوذة من العلم، فإنها تعني، بالنسبة إلينا، الانطلاق من واقع هذا العالم، في تجلياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في بناء الأفكار، والممارسة، بعيدا عن الغيب، بكل تلويناته: الدينية، والأسطورية، والميتافيزيقية، والخرافية، من أجل بناء أفكار عن الواقع، من أجل اعتمادها في التعامل معه، من خلال رؤيا واقعية، متخلصة مما هو غيبي، من أجل ضبطه، والتحكم فيه، وجعله قابلا للتحديث، والتطور، والتطوير. وهذا المنطلق العلماني، ليس مملى من الغيب، وليس خاضعا لقوة غيبية لا يمكن التحكم فيها، بل هو مجال واسع، وخصب، لإعمال العقل البشري، وصولا إلى جعل كل ما هو قائم فيه، موضوعا بمنطق العقل، الذي لا يمكن أن يكون إلا ماديا، لتصير العلمانية: هي الانطلاق من الواقع المادي المدرك، عن طريق توظيف منهج عقلي معين، لصياغة الأفكار التي يمكن أن تصير معتمدة في بناء الرؤيا، التي يجب أن يكون عليها العالم. وما دام الانطلاق من الواقع، لا يكون إلا بمنهج معين، فإنه يمكن أن نقول: بأن العلمانية (بكسر العين)، من العلم (بكسر العين)، وصولا إلى القول: بأن ما يتم بناء على أساس علمي، لا يمكن أن يكون إلا علمانيا. وبناء عليه، فإن الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لا يمكن أن تكون إلا علمانية، وكل المنظمات الحقوقية التي تعتمدها كمرجعية، تعتبر علمانية، بما في ذلك الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وعلى هذا الأساس، فالأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، التي تنطلق من الواقع الملموس، في استنباط الأفكار التي تعتمدها في التحليل الملموس، للواقع الملموس، من أجل الوصول إلى صياغة البرامج، التي تعتمدها في التعامل مع الواقع، وبمنهج علمي دقيق، هي أحزاب علمانية بالضرورة. وبالنسبة لمفهوم الديمقراطية، فإننا، لا يمكن أن نجزئ فيها، كما لا يمكن أن نعتمد في النضال من أجلها، منطلقا غيبيا: دينيا، أو أسطوريا، أو ميتافيزيقيا، أو خرافيا، بقدر ما نعتمد الواقع في تحولاته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل الوصول إلى جعل كل فرد من أفراد الشعب، ينال نصيبه من الدخل المتناسب مع متطلبات الحياة، ومن التعليم، والصحة، والسكن، والترفيه، ومساهما في إثراء الثقافة الوطنية، ومتفاعلا معها، وفي اختيار دستور ديمقراطي شعبي، وفي اختيار مختلف المؤسسات، ومتمتعا بالحق في تحمل المسؤولية العمومية. وانطلاقا من هذا المعطى، فإن الديمقراطية ليست هي ديمقراطية الواجهة، كما كان يصفها الأخ أحمد بنجلون، وكما تمارسها الطبقة الحاكمة، طيلة عقود الاستقلال السياسي، بل هي إشراك للشعب، في التقرير، والتنفيذ، بما يخدم مصالحه في كل المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى لكل فرد، أن ينال نصيبه الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، وفي إطار التمتع بالحرية، والمساواة بين الجنسين، في أفق تحقق العدالة الاجتماعية، نظرا للعلاقة الجدلية القائمة بين الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. أما المساواة بين الجنسين، فلا تعني، في عمقها، إلا إلغاء كافة الفوارق بين النساء، والرجال، وبين الفتيات، والفتيان، والتعامل معهما، على أساس التمتع بنفس الحقوق، والقيام بنفس الواجبات، مع مراعاة خصوصية كل جنس، والتي ترتبط بطبيعة المرأة، أو الرجل، أو الفتاة، أو الفتى، كما هو منصوص عليه في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. ومعلوم أن الفوارق بين الجنسين، ناجم عن الاستغلال المزدوج، الممارس ضد المرأة بالخصوص: الاستغلال العام على الرجل، وعلى المرأة، من قبل النظام الحاكم، ومن قبل الطبقة الحاكمة، وباقي المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال، واستغلال الرجل لها، بحكم دونيتها المفروضة دينيا، وقانونيا، ومن خلال مدونة الأسرة، وعدم المساواة في الإرث. والمساواة بين الجنسين، لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار العلمانية، والديمقراطية؛ لأن ما هو متبع في مختلف المجتمعات العلمانية، المحكومة بالاستبداد، لا يحقق المساواة بين الجنسين، كما أنه لا يمكن أن تتحقق في المجتمعات التي تدعي بأنها ديمقراطية، بدون أن تكون علمانية؛ لأنها تخضع لمنطق ديني معين. وفي المنطق الديني، لا بد من قيام الفوارق بين النساء، والرجال، وبين الفتيات، والفتيان، مما يؤدي إلى انعدام المساواة فيما بينهما. ولذلك، فشرط اجتماع العلمانية، والديمقراطية، ضروري لتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين في الحقوق، وفي الواجبات، وعلى المستوى الدستوري، والقانوني، وبمرجعية الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، الصالحة، فعلا، لكل زمان، ومكان، ما لم تقتض شروط معينة تطويرها، في اتجاه التثبيت الفعلي للمساواة بين الجنسين. والعلاقة بين العلمانية، والديمقراطية هي علاقة جدلية / عضوية. فالعلاقة الجدلية، تقتضي التفاعل بين العلمانية، والديمقراطية، في أفق قيام العلمانية، بتطوير الديمقراطية على مستوى المفهوم، وعلى مستوى الممارسة، وقيام الديمقراطية بتطوير العلمانية على مستوى المفهوم، وعلى مستوى الممارسة، في أفق خضوعهما معا للتطور المستمر، تبعا للتحولات القائمة في البنيات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. والعلاقة العضوية، تقتضي صيرورة مفهوم العلمانية مطابقا لمفهوم الديمقراطية، ومفهوم الديمقراطية مطابقا لمفهوم العلمانية، على مستوى المرجعية، وعلى مستوى الممارسة اليومية، وعلى مستوى الأهداف التي تسعى العلمانية، والديمقراطية إلى تحقيقها. فهل يمكن أن تتحقق العلمانية بدون تحقق الديمقراطية؟ انطلاقا مما قاله بعض الكتاب في الموضوع: (العلمانية هي الديمقراطية، والديمقراطية هي العلمانية)، نجد أن التطابق الكلي قائم بين العلمانية، والديمقراطية، وبالتالي: فكل علماني ديمقراطي، وكل ديمقراطي علماني. وهذا التلازم، إلى حد التطابق، بين العلمانية، والديمقراطية، يرجع إلى أن العلمانية تهتم بالعمل على إزالة العوائق، التي تحول دون تمكين الإنسان من حقه، على مستوى مؤسسات الدولة، وعلى مستوى المعتقد، دون أن يفرض عليه معتقد معين، لا يرغب في الإيمان به، ودولة دينية، لا يرغب في حكمها، ومنطلقات في التفكير، وفي الممارسة، لا علاقة لها بالواقع، كما يرجع إلى أن الديمقراطية، باعتبارها إشراكا للشعب في التقرير، والتنفيذ، وفي مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، انطلاقا من دستور ديمقراطي شعبي، لا يمكن أن تكون إلا بمنطلقات واقعية، حتى تكون الديمقراطية واقعية، بعيدا عن المنطلقات الغيبية. والواقعية، هي الوعاء الذي تتوحد فيه العلمانية، والديمقراطية، دون إلغاء العلاقة الجدلية بينهما. ونفس السؤال، نعيد طرحه بصيغة أخرى: وهل يمكن أن توجد الديمقراطية، بدون وجود العلمانية؟ إن المجتمع الديمقراطي، انطلاقا من دستور ديمقراطي شعبي، بمرجعية واقعية علمية، هو مجتمع علماني بالضرورة، وكل تنظيم حزبي، أو جماهيري، تحترم في إطاره الديمقراطية الداخلية، ويناضل من أجل تحقيقها في الواقع، بمنطلقات واقعية، هو تنظيم علماني بالضرورة، وكل شعب يتمتع بحقه في الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبمنطلقات واقعية، بناء على التحليل الملموس، للواقع الملموس، هو شعب علماني؛ لأنه لا يمكن أن يكون محكوما إلا بدولة علمانية، تضمن له التمتع بحرية الاعتقاد، وفي إطار تعدد المعتقدات، مع احترام اختيار كل فرد للمعتقد الذي يريده، واحترام الذين لا معتقد لهم، ما داموا يتمتعون جميعا بالحق في المساهمة في التقرير، والتنفيذ. وانطلاقا من فهمنا للعلمانية، والديمقراطية، وللعلاقة بينهما، ومن كون العلمانية بدون ديمقراطية، لا يمكن أن تكون علمانية، ومن كون الديمقراطية لا تكتسب معناها الحقيقي إلا في إطار العلمانية، يمكننا أن نقول أيضا: إن المساواة بين الجنسين، وبالمعنى الدقيق للمساواة، لا يمكن أن تتم إلا في إطار مجتمع ديمقراطي، يتمتع فيه جميع الناس بالحق في المساهمة في التقرير، والتنفيذ، نساء، ورجالا، وفي مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما لا يمكن أن تتم إلا في مجتمع علماني، يضمن حماية تعدد المعتقدات، ولا تتحيز الدولة فيه إلى أي معتقد، ويمنع استغلال الدين لأغراض أيديولوجية، أو سياسية، مكرسا كل المقولات التي تفصل الدين عن السياسة، ويمنع قيام الأحزاب على أسس دينية، أو عرقية، أو لغوية، حتى تصير المساواة بين الجنسين تعبيرا عن ديمقراطية علمانية، تترك وراءها تاريخا مظلما، من دونية المرأة، ومن معاناتها من الاستغلال المزدوج، ومن العبودية، ومن القهر الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. ولذلك، نرى ضرورة العمل على تحقيق علمانية الدولة، وعلمانية المجتمع، وعلمانية الفكر، وعلمانية الممارسة، وضرورة تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لضمان تحقيق المساواة بين الجنسين، ولحماية تلك المساواة، وضمان استمرارها. فما هو واقع العلمانية في ظل النظام القائم، وفي الممارسة النظرية، والعملية للأحزاب، والتوجهات السياسية القائمة؟ إن النظام القائم في المغرب، يعتبر نفسه (إسلاميا)، وهو بذلك يقطع الطريق أمام الأخذ بالعلمانية، التي تعني بالنسبة إليه الكفر، والإلحاد، وينخرط في مواجهتها أيديولوجيا، وسياسيا، وإعلاميا، وتربويا. فعلى المستوى الأيديولوجي، نجد أن النظام القائم، يجند جيشا هائلا، ممن يسميهم بالعلماء، والفقهاء، ورجال الدين، لتأويل النص الديني، بما يخدم مصالح النظام الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وجعل ذلك التأويل هو التعبير الفعلي عن حقيقة الدين الإسلامي، الذي يحمل في نصه، وفي مضمونه، الكثير من سمات العلمانية، وعلى رأسها حرية المعتقد: (فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر). كما جاء في القرءان. وعلى المستوى السياسي، نجد أن النظام القائم، يعتبر نفسه نظاما إسلاميا، يتحكم في مفاصل الدولة، التي تتحول،بذلك، إلى دولة (إسلامية)، تبني تشريعاتها على أساس مرجعية (الشريعة الإسلامية)، حسب فهم علماء، وفقهاء، ورجال الدين، في إطار النظام القائم، للدين الإسلامي، الذي لا علاقة له بالدين الإسلامي. وعلى المستوى الإعلامي، نجد أن النظام القائم، يضع وسائل إعلام الدولة المقروءة، والمسموعة، والمرئية، والإليكترونية، رهن إشارة من يسميهم بالعلماء، والفقهاء، ورجال الدين، الذين يروجون لأدلجة النظام للدين الإسلامي، ولمواقفه السياسية المبنية على تلك الأدلجة، حتى يعتقد جميع أفراد الشعب، بأن أدلجة النظام للدين الإسلامي، والموقف السياسية المبنية عليها، تعبر عن حقيقة الدين الإسلامي. وعلى المستوى التربوي، نجد أن النظام القائم، يعد، بواسطة المؤسسات التربوية، الأجيال الصاعدة، على الاعتقاد بأن أدلجة الدولة (الإسلامية)، للدين الإسلامي، ومواقف النظام السياسية، هي التعبير السليم عن حقيقة الدين الإسلامي. ولذلك، فما يقوم به النظام القائم أيديولوجيا، وسياسيا، يعتبر سدا منيعا ضد العلمانية، كما يعتبر أرضا خصبة لكل الأقلام، والأقاويل المريضة، التي تتجند لتشويه مفهوم العلمانية، وترويج المفاهيم المغلوطة عنها، لتصير حسب النظام القائم، نقيضة للدين الإسلامي، مع أن الأمر ليس كذلك، كما رأينا في مناقشتنا لمفهوم العلمانية. وبالنسبة لواقع العلمانية في الممارسة النظرية، والعملية، للأحزاب، والتوجهات السياسية، علينا أن نميز بين الأحزاب، والتوجهات السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، وبين الأحزاب، والتوجهات السياسية الرجعية: الإقطاعية، والبورجوازية / الإقطاعية، والبورجوازية، والبورجوازية الصغرى، وبين الأحزاب والتوجهات السياسية الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية. فالأحزاب، والتوجهات السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، تنهج نفس نهج النظام القائم، الذي أكسبها، بأدلجته للدين الإسلامي، شرعية الوجود، عن طريق تأويل النص الديني، لخدمة مصالح المنتمين إليها إيديولوجيا، وسياسيا، وتسعى إما إلى تأبيد استبداد النظام القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل. وهذه الأحزاب، والتوجهات السياسية، قد تقف عند حدود معاداة العلمانية، وإشاعة المفاهيم الخاطئة عنها، كما يفعل النظام القائم، وقد تتجاوز ذلك إلى إعلان الحرب الأيديولوجية، والسياسية، التي قد تنتقل إلى التصفية الجسدية، كما حصل مع العديد من رموز العلمانية، واليسار، والديمقراطية، في البلاد العربية، ومنها المغرب، وفي باقي بلدان المسلمين. والأحزاب والتوجهات السياسية: الرجعية، والإقطاعية، والبورجوازية / الإقطاعية، والبورجوازية، والبورجوازية الصغرى، تكتفي بترديد ما يروجه النظام القائم في هذا الإطار، وتعتبره نائبا عنها في مواجهة أطروحات العلمانية، وتشويه مفهومها، إلى جانب تشويه العلمانيين. أما الأحزاب، والتوجهات الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، فهي علمانية بطبعها، وتتحمل المسؤولية في إشاعة المفهوم الصحيح للعلمانية، بطريقة مباشرة، وغير مباشرة، وتتصدى لمواجهة، وتفنيد الأطروحات الخاطئة، التي يبثها النظام القائم، وتبثها الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، وتعتبر كون النظام القائم (إسلاميا)، وكون الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي (إسلامية)، لا علاقة له بحقيقة الدين الإسلامي. وبالنسبة لواقع العلمانية، في فكر، وفي ممارسة المنظمات الجماهيرية: (النقابات الجمعيات الحقوقية الجمعيات الثقافية الجمعيات التربوية الجمعيات التنموية)، فإن علينا أن نميز بين ثلاثة أنواع من المنظمات الجماهيرية: 1) المنظمات الجماهيرية الحزبية، التي تصير على ما عليه الحزب، الذي هي جزء منه، فإن كان علمانيا، كانت كذلك، وإن كان ضد العلمانية، كانت أيضا كذلك. 2) المنظمات الجماهيرية التابعة لجهة معينة: دولة، أو حزبا، أو توجها سياسيا، فإنها غالبا ما تأخذ بتوجيه تلك الجهة، التي قد تكون علمانية، أو ضدها. 3) المنظمات الجماهيرية المستقلة، التي يمكن التمييز فيها نوعين من المنظمات الجماهيرية: ا المنظمات الجماهيرية المبدئية / المبادئية: الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية. وهذا النوع من المنظمات الجماهيرية، لا يمكن أن يكون إلا علمانيا، حتى وإن لم يعلن عن ذلك. ب المنظمات الجماهيرية غير المبدئية، وغير المبادئية، لا يمكن أن تكون علمانية، حتى وإن ادعت ذلك. أما واقع الديمقراطية في ظل النظام القائم، وفي الممارسة النظرية للأحزاب، والتوجهات السياسية القائمة، فإننا نجد أن: الديمقراطية في ظل النظام القائم، باعتباره نظاما مخزنيا (إسلاميا) مستبدا وفاسدا، غير واردة، لا في الفكر، ولا في الممارسة، حتى وإن ادعى ذلك، كما يعرف الجميع. فإن ديمقراطيته، لا تتجاوز أن تكون ديمقراطية الواجهة، التي تختزل الديمقراطية في الانتخابات، التي لا تكون إلا مزورة، وبمنطلق غيبي (إسلامي)، ولا علاقة لهذا النوع من الديمقراطية، بالديمقراطية كفكر، وكممارسة، وكمضمون اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي. أما الديمقراطية في فكر، وفي ممارسة الأحزاب، والتوجهات السياسية، فإن علينا أن نميز أيضا بين: 1) الأحزاب، والتوجهات السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، التي لا يمكن أن تكون ديمقراطية أبدا؛ لأنها تعتبرها بدعة غربية، وكفرا، وإلحادا، وإذا أخذت بديمقراطية الواجهة، التي يأخذ بها النظام القائم، فلأجل الوصول، عن طريق تجييش الشارع، إلى مركز القرار، ولو عن طريق التزوير، كما حصل في آخر انتخابات برلمانية في المغرب. 2) الأحزاب، والتوجهات السياسية الرجعية، التي تسبح في فلك النظام القائم، سواء كانت في الحكومة، أم في المعارضة الرسمية، والتي لا يمكن أن تكون ديمقراطية، وتنخرط في أجرأة ديمقراطية الواجهة، التي تختزل، كما قلنا في الانتخابات، التي لا تكون إلا مزورة. 3) الأحزاب، والتوجهات السياسية الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية المناضلة، من أجل تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتسعى، بممارستها اليومية، وعن طريق برامجها، وبمطالبها الآنية، والمرحلية، والإستراتيجية، إلى إنضاج شروط تحقيق الديمقراطية، كما تتصورها، وكما يسعى النظام القائم، ومن ورائه الأحزاب والتوجهات السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، والأحزاب الرجعية، التي تزور الانتخابات لصالح مرشحيها. وبالنسبة للمنظمات الجماهيرية، فإن واقع الديمقراطية، في ممارستها النظرية، والعملية، سواء تعلق الأمر بالنقابات، أو الجمعيات الحقوقية، أو الثقافية، أو التربوية، أو التنموية، فإن علينا أن نميز بين ثلاثة أنواع من المنظمات الجماهيرية: 1) المنظمات الجماهيرية الحزبية، التي تبقى رهينة بما يكون عليه الحزب، الذي تعتبر من تنظيماته، فإذا كانت الأحزاب ديمقراطية، كانت التنظيمات الجماهيرية ديمقراطية، وإن كانت معادية للديمقراطية، كانت التنظيمات الجماهيرية كذلك، وإذا كانت الأحزاب منخرطة في ديمقراطية الواجهة، كانت التنظيمات الجماهيرية كذلك أيضا. 2) المنظمات الجماهيرية التابعة، التي تلتزم بالتوجيهات التي تتلقاها من الجهات الموجهة لها، والتي قد تكون دولة، أو أحزابا، وتوجهات سياسية مؤدلجة للدين الإسلامي، أو أحزابا، وتوجهات سياسية رجعية، وانطلاقا من التوجيهات التي تتلقاها، فإنها قد تكون معادية للديمقراطية، وقد تنخرط في ديمقراطية الواجهة. 3) المنظمات الجماهيرية المبدئية / المبادئية: الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، فإنها لا يمكن أن تكون إلا ديمقراطية على مستوى النظرية، وعلى مستوى الممارسة اليومية، وتحرص على النضال من أجل الديمقراطية، وبمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وبعد وقوفنا على واقع العلمانية، والديمقراطية، في ظل النظام القائم، وفي فكر، وممارسة الأحزاب، والتوجهات، وفي فكر، وممارسة المنظمات الجماهيرية، نصل إلى طرح السؤال: ما هي آفاق النضال من أجل إشاعة العلمانية، والتربية على الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين؟ إن آفاق النضال من أجل إشاعة العلمانية، والتربية على الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، تقتضي منا التفصيل: فالنضال من أجل إشاعة العلمانية، والتربية على الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، في ظل النظام القائم، تقتضي من المناضلين العلمانيين، والديمقراطيين، والحقوقيين، العمل على تفكيك أدلجة النظام القائم للدين الإسلامي، على أساس أنها ليست من الدين الإسلامي كمعتقد فردي في شيء، والعمل على نقض تلك الأدلجة، باعتبارها عقبة كأداء، في طريق علمنة مجتمعات المسلمين، ودمقرطتها، وتحقيق المساواة بين الجنسين فيها، كما تقتضي تفكيك خطابه السياسي، الذي يستند إلى أدلجته للدين الإسلامي، والعمل على نقضه، باعتباره خطابا سياسيا مضللا، وموهما المسلمين، بأنه خطاب إسلامي، لإفساح المجال أمام مرور الخطاب العلماني / الديمقراطي المساوي بين الجنسين. والنضال من أجل إشاعة العلمانية، والديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، في صفوف الأحزاب، والتوجهات السياسية القائمة في الواقع، فإن علينا أن نميز بين ثلاثة أنواع من الأحزاب: 1) الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تقتضي من المناضلين العلمانيين / الديمقراطيين / الحقوقيين، العمل على تفكيك خطابها الأيديولوجي، الذي يجب التفريق بينه، وبين الدين الإسلامي الحقيقي، إلى جانب تفكيك خطابها السياسي، ونقض كل ذلك، كعقبة كأداء كذلك، تحول دون مرور الخطاب العلماني، والديمقراطي، وخطاب المساواة بين الجنسين، إلى الجماهير الشعبية الكادحة، والمضللة بأدلجة الدين الإسلامي. 2) الأحزاب، والتوجهات السياسية الرجعية، المتخلفة، التي تسبح في فلك النظام القائم، وتقتات من الفساد، والاستبداد، والاستعباد، والاستغلال، التي يرعاها النظام القائم. وهذا النوع من الأحزاب، تعتبر مواجهته جزءا لا يتجزأ من مواجهة الممارسة الأيديولوجية، والسياسية للنظام القائم، لتمهيد الطريق أمام الخطاب العلماني، والديمقراطي، وأمام خطاب المساواة بين الجنسين، باعتباره خطابا حقوقيا. 3) الأحزاب، والتوجهات السياسية الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، المناضلة أصلا، من أجل إشاعة العلمانية، والتربية على الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، والتي يجب دعم، ومساندة نضالاتها، من قبل العلمانيين، والديمقراطيين، والحقوقيين، لإعطاء دفعة قوية للخطاب العلماني / الديمقراطي، ولخطاب المساواة بين الجنسين. وفيما يتعلق بالنضال من اجل العلمانية، والديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، في صفوف المنظمات الجماهيرية، فإن علينا، كذلك، أن نميز بين ثلاثة أنواع من المنظمات الجماهيرية: 1) المنظمات الجماهيرية الحزبية، التي تعتبر مواجهة خطابها الجماهيري جزءا لا يتجزأ من مواجهة الخطاب الأيديولوجي، والسياسي للأحزاب التي تنشئها، كمنظمات جماهيرية / حزبية، من أجل وصول الخطاب العلماني / الديمقراطي / الحقوقي إلى جماهير المنظمات الجماهيرية الحزبية. 2) المنظمات الجماهيرية التابعة للدولة، أو لجهة حزبية، أو توجه سياسي معين. فإذا كانت تابعة للدولة، فإن مواجهتها تعتبر جزءا لا يتجزأ من مواجهة أيديولوجية، وسياسة الدولة القائمة، التي تحارب العلمانية، والديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، حتى تبقى مستعبدة، ومستبدة، وحامية لاستغلال الشعب المغربي، وباسم الدين الإسلامي. وإذا كانت تابعة لحزب، أو توجه سياسي معين، فإن هذا الحزب، أو التوجه السياسي، قد يكون مؤدلجا للدين الإسلامي، وقد يكون مجرد حزب رجعي، يسبح في فلك الدولة. فإذا كان الحزب، أو التوجه السياسي، هو الذي يوجه المنظمات الجماهيرية التابعة له، فإن مواجهة منظمات جماهيرية من هذا النوع، تعتبر امتدادا لمواجهة الممارسة الأيديولوجية، والسياسية، للأحزاب والتوجهات السياسية، المؤدلجة للدين الإسلامي، وإذا كانت المنظمات الجماهيرية تابعة للأحزاب والتوجهات السياسية الرجعية، التي تسبح في فلك النظام القائم، فإن مواجهة ممارستها النظرية، والعملية، تعتبر جزءا لا يتجزأ من ممارسة النظام القائم: الأيديولوجية، والسياسية. 3) المنظمات الجماهيرية المستقلة، التي يمكن تصنيفها إلى نوعين من المنظمات الجماهيرية: المنظمات الجماهيرية المبدئية / المبادئية، والمنظمات الجماهيرية البيروقراطية. فالمنظمات الجماهيرية المبدئية / المبادئية: الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، لا يمكن أن تكون إلا علمانية / ديمقراطية، ومساوية بين الجنسين. وهذه المنظمات الجماهيرية، يجب دعمها ومساندتها. والمنظمات الجماهيرية البيروقراطية، التي تسود في بنياتها عبادة الفرد، لا يمكن أن تكون لا علمانية، حتى وإن كانت تدعيها، ولا ديمقراطية، ولا مساوية بين الجنسين. ولذلك وجب نقض، وتفكيك ممارستها النظرية، والعملية، التي تؤدي إلى عبادة الفرد. والخلاصة التي نصل إليها: أن المفهوم المتداول عن العلمانية، لا يمكن أن ينتج إلا تشويه العلمانية، وأن المفهوم المتداول عن الديمقراطية، لا علاقة له بالمفهوم الصحيح لها، وان العلاقة بين العلمانية، والديمقراطية، هي علاقة جدلية / عضوية، وأنه لا يمكن الحديث عن العلمانية، بدون ربطها بالديمقراطية، كما لا يمكن الحديث عن الديمقراطية، بدون ربطها بالعلمانية، وأن العلمانية ضرورية لتحقيق الديمقراطية، كما أن الديمقراطية ضرورية لتحقيق العلمانية، وأن النظام القائم مؤدلج للدين الإسلامي، مما يجعله يدخل في مواجهة العلمانية، وأن الأحزاب والتوجهات السياسية، قد تكون مؤدلجة للدين الإسلامي، مما يجعلها هي بدورها تدخل في مواجهة العلمانية، وسواء تعلق الأمر بالنظام القائم، أو بالأحزاب والتوجهات السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، فإنهما ليسا ديمقراطيين، وليسا حقوقيين، ويعاديان الديمقراطية بمعناها الحقيقي، وحقوق الإنسان، ويحاربان المساواة بين الجنسين. وكل ما ينخرطان في ممارسته، هو ديمقراطية الواجهة، التي تختزل في الانتخابات، التي لا تكون إلا مزورة، فإن مواجهة لا علمانيتهما، ولا ديمقراطيتهما، ولا حقوقيتهما، تعتبر جزءا من مواجهة الممارسة الأيديولوجية، والسياسية للنظام القائم، ومن يدور في فلكه من أحزاب رجعية، وللأحزاب المؤدجة للدين الإسلامي، وان الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، هي أحزاب علمانية / ديمقراطية، في ممارستها الأيديولوجية، والسياسية، وحريصة على تحقيق المساواة بين الجنسين، فإن لم تكن ديمقراطية، فلا يمكن أن تكون علمانية، ولا يمكن أن تسعى إلى المساواة بين الجنسين. وهو ما يستوجب مواجهتها، وأن الممارسة النظرية، والعملية للمنظمات الجماهيرية، تقتضي الوقوف على طبيعتها، فإذا كانت حزبية، يجري عليها ما يجري على الأحزاب، التي هي جزء لا يتجزأ منها، وإذا كانت تابعة، يجري عليها، كذلك، ما يجري على الأحزاب التي توجه ممارستها النظرية، والعملية، وإذا كانت مستقلة فقد تكون مبدئية / مبادئية، مما يجعلها علمانية / ديمقراطية مساوية بين الجنسين. أما إذا لم تكن مبدئية / مبادئية، فإن مواجهة ممارستها النظرية، والعملية، تصير ضرورية، من أجل علمنة الدولة، والأحزاب، والمنظمات الجماهيرية، في أفق علمنة المجتمع المغربي، في أفق تجاوز التخلف الذي نعاني منه.