ثامر الحجامي إنشغل الكثير بتداعيات الحصار الأمريكي على إيران، وتأثيراته السياسية والاقتصادية على المنطقة، وراح البعض يطبل لهذا الحصار لأحقاد طائفية، أو لأسباب سياسية لها علاقة بالصراع الدائر في المنطقة، بينما أخذ البعض موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنيه. للمنطقة تجربة مريرة مع الحصار الاقتصادي، عانى منها الشعب العراقي مطلع تسعينيات القرن الماضي، جلبت البؤس والشقاء والويلات والأمراض، ما زالت أجيال كاملة تعاني منها، فيما بقي النظام صامدا لم يتأثر بتلك الأوضاع، ولم يسقط إلا بالتدخل العسكري المباشر. اليوم تعاد الكرة من جديد، ولكن بتصرف من طرف واحد تقوده الولاياتالمتحدة، معتمدة على نفوذها وقوتها الاقتصادية، وبعض دول المنطقة المؤيدة لسياسية الولاياتالمتحدة ضد إيران، ظنا منها إن هذا الحصار وهذه العقوبات، سوف تكون في صالحها على المستوى السياسي أو الاقتصادي، أو هكذا تحاول أن تقنع جماهيرها. نظرة بسيطة وقراءة للتأثيرات المستقبلية لما يجري الآن، يخبرنا أن هذه الإجراءات الأمريكية ليس المقصود بها إيران فقط، وإنما المنطقة بأكملها، فهذه التداعيات ليست بعيدة عن تركيا الشريك الاقتصادي الكبير لإيران، أو العراق الذي سيتعرض الى حصار اقتصادي هو الآخر، بسبب اعتماد سوقه على البضاعة الإيرانية بدرجة كبيرة. حتى دول المنطقة، المؤيدة للحصار الأمريكي على إيران، سوف يصيبها الضرر في المنظور البعيد، وسوف ترتد موجة هذا الحصار عليها، فالخطة معدة للمنطقة بأكملها وليست دولة واحدة فقط، لكن البداية كانت حصار إيران، فالقضية ليست صراع بين دولتين، إنما هو صراع دولي فيه أطراف متعددة، يبدأ من روسيا والصين وتركياوإيران، وينتهي بأوربا وأمريكا وإسرائيل. حرصت الدول المتصارعة، على جعل منطقة الشرق الأوسط هي حلبة الصراع الكبير، فكانت سورياوالعراق ودول الخليج هي المتأثرة بهذا الصراع، مع إعطاء بعضها دورا صغيرا فيه، تبعا لكمية الأموال التي دفعتها لاللاعبين الكبار، الذين يديرون الأحداث في المنطقة، ويتصارعون على تقاسم النفوذ فيها. بلا شك إن خيار الحصار الاقتصادي، سيكون المتضرر منه الشعب والطبقات الفقيرة المعدمة، ولن يؤثر على الطبقات الحاكمة، ولا يعدوا أن يكون طريقا للوصول الى الحرب، فلإجتناب ما سيحصل لابد من جلوس جميع الأطراف الى طاولة الحوار، وحل جميع المشاكل التي تعانيها المنطقة، وليس حلولا ثنائية ترقيعية.