على شاكلة الأفلام الهوليودية الدرامية وبدون سابق إشعار أو إنذار، أقدمت سلطات مدينة طنجة في نهاية الأسبوع الماضي على مباغثة مقهى الحافة والشروع في هدمها قبل مطالبة عمالها بمغادرة المقهى إلى المجهول وقمامة البطالة . صاحب المقهى السيد عبد الرحمن العاقل كشف في تصريح صحفي ل"هسبرس" أن سلطات مدينة طنجة باغتت المقهى دون سابق إشعار أو إعلان وطالبت من عمالها مغادرة المقهى لتشرع في هدمها وتخريبها وإتلاف شكلها الهندسي الذي تعايشت معه عدة أجيال وأصبح مصنفا ضمن الذاكرة الجماعية لأهل طنجة وزوارها من الداخل والخارج. وأضاف السيد العاقل في ذات التصريح أن السلطات المحلية التي حلت ضيفا هداما للمقهى تسببت في تشريد عمال المقهى وقتلت بقرارها الهدمي معلمة تاريخية قال أنها مصنفة ضمن المعالم التاريخية والسياحية والتراثية لمدينة البوغاز، مستغربا عن سر إقدام السلطات على هذا القرار في عز فصل الصيف الذي يستقطب الزوار للمدينة من كل حدب وصوب واصفا قرار الهدم ب"الشوهة" في حق الطنجاويين ومرتادي المقهى المغتالة. وتساءل صاحب المقهى في ذات التصريح عن سبب عدم تبليغه أو إشعاره بقرار الهدم، وهو ما يطرح أكثر من علامات استفهام؟ وأضاف أن المقهى يعود تاريخ نشأتها إلى سنة 1921 وأصبحت بمثابة الذاكرة الجماعية ليست فقط لمدينة طنجة بل للإنسانية جمعاء. إنه لمن المؤسف حقا أن تتعرض مقهى أسطورية لقرارات الهدم والاجتثاث، ومن الخزي والعار أن تتعرض معلمة تاريخية للتدمير ومحاولة الدفن، خصوصا وأن هذه المقهى كانت على مر العقود مقصدا للشعراء والأدباء والمفكرين والعشاق والرومانسيين بموقعها الفريد المشرف على المتوسط ،وحافظت عليها جل الأجيال التي تعاقبت على المدينة، مما أعطى قوة لهذه المعلمة الطنجاوية الانسانية تقاوم السنين ببساطتها ورونقها وتستقطب الوافدين من أهل المدينة وزوارها من كبار الشخصيات والفنانة والممثلين والمبدعين والشعراء والأدباء والنجوم من مختلف بقاع الأرض من أمثال Paul Bowles و Jean Genet و Les Beatles و William Burrouths و LesRolling Stong و محمد شكري و Jimi Hendrix وSean Connery وآخرون كثيرون، ليستفيق رواد هذه المعلمة وحماة التراث والذاكرة الإنسانية والمآثر التاريخية على فاجعة ومأساة تعرضها للاغتيال ووضع نقطة النهاية لها بالإجهاز على هذا الجزء من ذاكرة طنجة العالية من طرف معاول الهدم التي سخرتها سلطات المدينة وبقرار منها. من المؤكد أن طنجة اليوم حزينة على ميتم جزء من ذاكرتها ، إذ أن مصدر على صلة بالموضوع قال أن الذي حصل ما كان ليكون لو كان الذي أعطى أوامر الهدم يعلم أنه متبوع بالمحاسبة ، لكن المؤسف أن هذا المسؤول يعلم حق المعرفة بأنه فوق المحاسبة وفوق القانون وفوق كل السلطات يضيف ذات المصدر. ذات المصدر يحمل المسؤولية بشكل مباشر للسيد والي الجهة واصفا قرار الهدم بالارتجالي الذي قال يسعى إلى اغتيال ذاكرة عمرها 100 سنة ويجسد مظهرا من مظاهر الجبروت والقهر والتحكم التي يتمتع به، مشيرا إلى أنه يأمر كما يشاء وينفذ حسب هواه ، مستندا إلى سلسلة العلاقات العميقة التي أنشأها عبر تواجده بكرسي المسؤولية دون حسيب ولا رقيب انطلاقا من ان اذرعه تتجاوز كل النافذين وكل التراتبيات الإدارية وغيرها ما يجعله مطمئنا على الخلود في موقعه الوثير بحسب ذات المصدر. من جهته دعا رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة السيد عبد العزيز الجناتي في تصريح صفحي ل « cap24.tv » إلى استثمار هذه الحالة وإعادة رد الاعتبار لمقهى الحافة وتأهيلها من منق المصلحة العامة للمدينة واصفا ما تتعرض له المأثر التاريخية لمدينة طنجة بالهجمة الشرسة والتي قال أنها تسفر عن إتلاف الرأسمال المادي واللامدي للمدينة. أحد مرتادي المقهى رجح أن يكون قرار الهدم يقف خلفه لوبي المال والأعمال بغية مصادرة المقهى من أصحابها وتسليمها لمحظوظ جديد بعد إعادة هيكلتها وتغيير هندستها وشكلها، طالما أن منطق القوة وقانون الغاب هو السائد بحسب مزاعمه. بغض النظر عن خلفيات الهدم والاجتثاث، فإن المؤكد هو أن جزء مهم من ذاكرة الطنجاويين يتعرض للإتلاف والزوال بقرارات ارتجالية لا يعي أصحابها البعد التراثي والتاريخي في تشكيل الهوية المغربية ولا يدركون معاني الذاكرة الجماعية للمجتمعات، ومن ثمة ينبغي فتح تحقيق في الموضوع.